سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 يونيو 1967.. الزعيم اليوغسلافى «تيتو» ينتقد القادة السوفييت فى تقاعسهم أمام ضرب أمريكا لمصر.. ومكبرات الصوت تعلن فى شوارع موسكو قطع العلاقات مع إسرائيل

الجمعة، 10 يونيو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 يونيو 1967.. الزعيم اليوغسلافى «تيتو» ينتقد القادة السوفييت فى تقاعسهم أمام ضرب أمريكا لمصر.. ومكبرات الصوت تعلن فى شوارع موسكو قطع العلاقات مع إسرائيل تيتو
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب سكرتير الحزب الشيوعى السوفيتى «بريجنيف» أن يتقدم الرئيس اليوغسلافى «تيتو» للحديث قائلا: «صديقنا الرفيق تيتو صاحب فكرة الاجتماع، فهو الأقدر منا جميعا على أن يشرح لنا فكرته مع أننا جميعا وافقناه عليها قلبيا».
 
كان الاجتماع لرؤساء الأحزاب الشيوعية الحاكمة فى أوروبا الشرقية، وتم فى العاصمة السوفيتية موسكو سرا فى 10 يونيو، مثل هذا اليوم مثل هذا اليوم،1967، وتم إعلانه بعد الانتهاء من جلساته، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه«الانفجار»، مضيفا: «كان تيتو أول من لمح التغيير الكبير على القمة الدولية بعد أن سكتت المدافع وانجلى الدخان فوق هضبة الجولان السورية، فاتصل ببريجنيف يطلب منه هذا الاجتماع الذى جاء بعد ساعات من توقف القتال فى معارك الشرق الأوسط التى نشبت يوم 5 يونيو 1967، وطبقا لـ«هيكل» - معتمدا على رسالة سلمها السفير اليوغسلافى فى القاهرة إلى الرئيس جمال عبدالناصر ، شملت ما دار فى الاجتماع - فإن تيتو وبعد أن قدمه بريجنيف، بدأ حديثه - أو بتعبير أدق هجومه - قائلا: إن الذى دعانى إلى الإلحاح على هذا الاجتماع هو أن ما حدث فى الشرق الأوسط يمكن أن تكون له آثار على الموازين العالمية كلها، فمجرد أن تعطى الولايات المتحدة نفسها حق أن تتقدم لضرب إحدى الدول الطليعية «مصر» فى حركة التحرر الوطنى ثم لا يكون أمام الاتحاد السوفيتى سوى أن يدين العدوان فهذه بداية لها ما بعدها، اليوم تضرب حركة التحرر الوطنى فى الشرق الأوسط، وغدا دول أوروبا الشرقية، وبعد غد يصل الخطر إلى الاتحاد السوفيتى ذاته الذى سوف يجد نفسه محاصرا ومعزولا».
 
مضى «تيتو» وكأنه يقرأ المستقبل: «إن الاتحاد السوفيتى لم يتمكن حتى الآن من حل مشكلة القوميات فيه، ونحن نعرف وأنتم تعرفون أن هناك نشاطا معاديا يتحرك فى الجمهوريات الجنوبية كأذربيجان وكازاخستان وجورجيا وغيرها، وأيضا فى الجمهوريات الشمالية كأستونيا ولاتفيا ولتوانيا»، ثم تساءل «تيتو»: «أريد أن أعرف أين هو الخط الذى لا بد أن تقفوا عنده وتعرفوا أن لا تراجع بعده».
 
رد رئيس الوزراء السوفيتى «كوسيجين»على «تيتو» قائلا: «إن الاتحاد السوفيتى لم تكن لديه وسيلة للتدخل»، وراح يعدد الأسباب، من بينها، أن الاتحاد السوفيتى فوجئ بسرعة تطور الحوادث رغم أنه يعترف بأنه كان أول من رصد الحشود الإسرائيلية على الحدود السورية، وعندما أحس بتسارع حركة الأزمة فإنه حاول أن يحذر مصر من الاندفاع فى تصعيدها، ولكن الحوادث كانت أسرع من الجميع، كما ذكر «كوسيجين» سببا آخر قائلا : «إن حلفاء الولايات المتحدة كانوا على استعداد لإعطائها كل التسهيلات لتمارس دورها، ولم تكن إسرائيل وحدها هى الحليف المتطوع بهذه التسهيلات، وإنما كان هناك غيرها بما فيهم أطراف من العرب أنفسهم، وفى الوقت ذاته فإن أصدقاءنا من العرب كانوا شديدى الحساسية إزاء أى تسهيلات يقدمونها لنا»، أضاف، أنه لم يكن لديهم فى اللحظات الحاسمة من أزمة الشرق الأوسط إلا التهديد بحرب نووية لوقف العدوان»، ولا أحد منا ومنكم يريد أن يتحمل مسئولية حرب نووية».
 
 طالت المناقشات دون الوصول إلى نتائج حاسمة، ثم تقررت فى نهايتها مجموعة من الإجراءات أهمها ضرورة أن يتخذ المعسكر الشرقى موقفا حازما يتمثل فى:
 
أن تقطع دول المعسكر الشيوعى جميعا علاقاتها مع إسرائيل، ولم تلتزم رومانيا وحدها بهذا القرار، وإعادة تسليح الجيوش العربية التى تعرضت أكثر من غيرها للعدوان وهى مصر وسوريا، وتقدم دول المعسكر الاشتراكى أكبر قدر من المساعدة الاقتصادية لمصر وسوريا، ويسافر رئيس الوزراء «كوسيجين» لإعلان موقف الاتحاد السوفيتى فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولمقابلة الرئيس الأمريكى جونسون والبحث معه فى حل الأزمة، وأن يسافر الرئيس «بادجرنى» رئيس الدولة السوفيتى إلى القاهرة لإظهار التأييد لها.
 
يذكر هيكل أن «تيتو» أحس أن القادة السوفيت لديهم أسباب داخلية تفرض عليهم أقصى درجات الحذر، وفسرها فى رسالته إلى جمال عبدالناصر، بقوله: «إنهم صرفوا مبالغ طائلة فى استيراد سلع استهلاكية كثيرة، وهم يهتمون كثيرا باحتفالاتهم القادمة بالعيد الخمسين لثورة أكتوبر ويريدون عرض منجزاتهم على شعوبهم بشعار: «إن نصف قرن من العناء وصل فى النهاية إلى حقبة من الرخاء والسلام، وآخر ما يريدونه فى هذا الظرف أن يجدوا أزمة دولية طارئة تلقى ظلالها على الصورة كما يريدونها».
 
فى رسالة تلقتها وزارة الخارجية المصرية من مراد غالب سفيرها فى موسكو حول الاجتماع قال: «أذاعت مكبرات الصوت فى شوارع موسكو بيان الحكومات الشيوعية الأوروبية، وكذلك بيان قطع العلاقات مع إسرائيل، وهو ما لا يحدث إلا فى الأحداث الكبرى».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة