قلق متصاعد، وتوقعات بغياب الحلول تحيط بالحرب الأوكرانية التي تقودها روسيا منذ ما يقرب من 5 أشهر ، وسط مخاوف من اتساع دائرة الصراع في ظل تقديرات غربية باحتمالات اتساع دائرة المعارك لتشمل دولاً أوروبية بخلاف أوكرانيا.
القلق الغربي المتزايد عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، الاثنين ، داعياً إلى تعزيز الصناعة الدفاعية الأوروبية التي يجب أن تكون "أقوى بكثير" على خلفية الاحتياجات العسكرية المتزايدة بسبب الحرب في أوكرانيا، ودعا إلى "إعادة تقييم" الإنفاق العسكري الفرنسي.
وأضاف ماكرون خلال افتتاح معرض للصناعات الدفاعية إن "الحرب أصبحت في أوروبا"، مشددا على أنه يجب على الأوروبيين "الدفاع عن أنفسهم"، وذلك في إشارة إلى الحملة العسكرية التي تشنها روسيا على أوكرانيا، والتي تلقي بظلالها على القارة الأوروبية ككل.
وقال الرئيس الفرنسي: "أوروبا لم تعد ساذجة وبدأت بتعزيز قدرات صناعتها الدفاعية وجيوشها.. نحتاج إلى أوروبا قوية للحفاظ على السلام، ومواجهة الفوضى التي تعم العالم".
وتابع ماكرون: "دعونا لا نكرر أخطاء الماضي، إنفاق الكثير للشراء من مكان آخر، ليس فكرة جيّدة.. ينبغي علينا تعزيز الصناعة والقاعدة الصناعية والتكنولوجية للدفاع الأوروبي، (كي تصبح) أقوى بكثير وأكثر تطلّبًا... وإلا فإننا نبني تبعيتنا في المستقبل ، دعونا نبني قاعدة السيادة والاستقلال الأوروبي والفرنسي إذا استطعنا، مع شراكات أرغب أن تكون من جميع أنحاء العالم، وأرى الكثير من غير الأوروبيين هنا، لكنني أحب بناء شراكات أختارها، فأنا لا أحب كثيرًا التبعيات التي أعددنا لها بشكل مكثف ومنهجي في بعض الأحيان".
وبشأن الإنفاق العسكري الفرنسي، أشار الرئيس إلى أنه "طلب من وزير الجيوش ورئيس أركان الجيوش أن يجروا في الأسابيع المقبلة إعادة تقييم لقانون البرمجة العسكرية في ضوء السياق الجيوسياسي". واعتبر أن فرنسا "دخلت في اقتصاد الحرب الذي أعتقد أننا سننظم أنفسنا على أساسه على المدى الطويل"، و"لم يعد بإمكاننا التعايش مع قواعد وجدت قبل عام".
تصريحات الرئيس الفرنسي ، جاءت بعد يوم من تحذيرات الأمين العام لحلف الناتو من أن الطموح الروسي "يتجاوز حدود أوكرانيا"، مشيراً إلى أن انضمام فنلندا والسويد سيزيد من قوة الحلف ويبعث برسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفادها أن نهج التخويف لن ينجح.
وقال ينس ستولتنبرج في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفنلندي، ساولي نيينيستيو، في فنلندا، مساء الأحد، إن الناتو ليس جزء من الحرب ، ولكن يوفر الدعم لأوكرانيا لتتمكن من الدفاع عن نفسها.
القلق الغربي وحالة الاستنفار المتصاعدة ، عززها الرئيس الروسي فلادمير بوتين في المقابل، وذلك في كلمة ألقاها الأحد بمناسبة العيد الوطني، قائلاً إن الإمبراطور بطرس الأكبر (بيتر العظيم)، له فضل مميز في بناء روسيا، ما جعلها قوة عالمية تحت قيادته، وتابع: "نحن فخورون بالإنجازات والانتصارات العسكرية لأسلافنا كل أولئك الذين اجتهدوا وعرفوا كيفية المضي قدما واكتشاف أشياء جديدة وتحقيق التطور التدريجي للوطن الأم والدفاع عن الوطن الأم في المعارك وتأكيد دوره الجدير في العالم".
وتابع: "هناك مزايا بارزة خاصة، مع الإمبراطور بطرس الأكبر، الذي نحتفل هذا العام بالذكرى 350 لميلاده".
وأضاف الرئيس الروسي أن "بطرس يعد بحق المصلح العظيم، وقد تمكن من تحقيق تغييرات أساسية في جميع مجالات الحياة تقريبا. أولا وقبل كل شيء، في الحكومة، وفي التنمية الاقتصادية، وفي بناء جيوش وقوات بحرية قوية لا تقهر، كذلك حقق إنجازات كبيرة في التعليم والرعاية الصحية والثقافة".
وأشار بوتين إلى أن روسيا تشيد اليوم بشجاعة بطرس الأكبر ومثابرته، ودوره الذي جعل روسيا قوة عظمى.
وكان بوتين، قد زار يوم الجمعة الماضي معرض إنجازات الاقتصاد القومي في موسكو للاحتفال بالذكرى الـ350 لميلاد بطرس الأكبر، أول أمبراطور روسي.
ووجه بوتين رسائل حملت تهديدات واضحة للغرب ، قائلاً: إن بيتر العظيم خاض حرب الشمال الكبرى طوال 21 عاما، وبدا أنه في حربه مع السويد قد أخذ شيئا منها. هو لم يأخذ أي شىء منها، بل أعاد ما كان ملكا خاصا لروسيا، وعندما أسس العاصمة الجديدة (في سانت بطرسبرج)، لم تعترف أي من الدول الأوروبية أنها أرض روسية ، بل اعتبروها جزءا من السويد. ومع ذلك، فإنه من قديم الأزل كان السلافيون يعيشون مع الشعوب الفنلندية الاوغرية، وكانت هذه الأرض تحت سيطرة روسيا".
وأضاف بوتين: "من الواضح أنه من قدرنا أن نعود ونقوى أيضا. وإذا عملنا على أساس أن هذه القيم تمثل أساس وجودنا، فإنه من المؤكد أننا سوف ننجح في تحقيق أهدافنا".
وبالتزامن مع المعارك الروسية الدائرة في الأراضي الأوكرانية ، واصلت روسيا تأمين جبتها الداخلية من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والغرب ، حيث افتتحت مؤخراً مع الصين جسراً جديداً يعد الأول كجزء من طريق سريع للشاحنات، عبر الحدود في منطقة الشرق الأقصى ، حيث يأمل البلدان أن يعزز العلاقات التجارية بينهما مع سعي موسكو للتخفيف من أضرار العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.
ولا يعد هذا الجسر الوحيد الذي يربط البلدين، حيث سبق أن افتتح البلدان جسراً للسكك الحديدية باسم "تونغجيانغ – نيجنلينينسكوي" في أغسطس 2021.
وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن الجسر الجديد للشاحنات يربط بين مدينة بلاجوفيشينسك الروسية ومدينة خيخه الصينية عبر نهر أمور المعروف في الصين باسم هيلونغجيانغ، ويمتد لمسافة تزيد بقليل على الكيلومتر بتكلفة 19 مليار روبل (342 مليون دولار).
وقالت السلطات الروسية، إن هذا الجسر سيقرب بين بكين وموسكو عن طريق زيادة التبادل التجاري بعدما أعلن البلدان عن شراكة «بلا حدود» في فبراير قبل فترة وجيزة من إرسال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوات بلاده إلى أوكرانيا. وخلال مراسم الافتتاح قال هو تشون هوا نائب رئيس الوزراء الصيني، إن بكين تريد تعميق أطر التعاون مع روسيا في كافة المجالات.
وذكر وزير النقل الروسي فيتالي سافيلييف أن الجسر سيسهم في تعزيز التبادل التجاري السنوي بين البلدين وزيادته إلى أكثر من ميلون طن من السلع.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، المبعوث الرئاسي للشرق الأقصى، يوري تروتنيف: "في ما يتعلق بأهمية هذا الجسر، فإننا نتحدث كل يوم عن تحول روسيا إلى الشرق، لكن لا يمكننا أن نسمح لهذا التحول أن يكون مجرد كلام"