رجح الوزير مفوض الدكتور علاء التميمي مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة الدول العربية، أن تؤدي الأزمة الروسية الأوكرانية إلى تحول النظام الدولي إلى "حالة اللاقطبية" وبناء نظام إقليمي بعيداً عن استقطابات القوى الكبرى، ما يجعل أمام العالم العربي فرصة سانحة- لو توفرت الإرادة السياسية لتقوية المشتركات وتنحية الخلافات- لتكوين اتحاد عربي كقوة مؤثرة وفاعلة إقليميًا ودوليًا.
جاء ذلك في كلمة الوزير مفوض الدكتور علاء التميمي، في أعمال الندوة العلمية لمركز الأساليب التخطيطية التابع لمعهد التخطيط القومي، تحت عنوان: "مستقبل المنطقة العربية في ضوء رؤى مراكز الفكر العالمية".
وأكد التميمي أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى إثارة الجدل العالمي مجددا حول مستقبل النظام الدولي في ضوء ما أسفرت عنه تلك الحرب من شواهد متعددة تعد إيذاناً بالانتقال إلى نظام دولي جديد بدلا من النظام الأحادي القطبية الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي.
وقال التميمي إن المختصين بالشأن الدولي يؤكدون أن حرب أوكرانيا هي حرب كاشفة لحقيقة الانتقال الذي قد يحدث في النظام الدولي، ويكون إيذانا بنشأة نظام دولي جديد.
وأضاف أن المشهد الحالي لا يمكن النظر إليه بمعزلٍ عن تفاعلاته الدولية، ذلك أنه يشكل تجسيداً لملامح جديدة لمستقبل النظام العالمي، في ضوء ما تعكسه الحرب من انقسامات واصطفافات قوى بين روسيا وحلفائها من ناحية، والولايات المتحدة وحلفائها من ناحية أخرى.
وتابع التميمي: "الحرب اليوم داخل أوكرانيا لكن الرهان خارجها، والعالم على أعتاب نظام عالمي يتشكل اليوم، وقد تكون الحرب الباردة بنسختها الجديدة جزءاً من هذا النظام الذي سوف يقلب الموازين ويمهد لما هو أسوأ من الحرب العالمية، وهي الحروب الطويلة الأمد، وحروب المصالح والهيمنة على حساب طمس دول أخرى".
واستعرض التميمي، الاتجاهات الفكرية بشأن مستقبل النظام الدولي حيث تبنى كل اتجاه رؤية فكرية مختلفة عن الأخر ومستنده إلى أمثلة وشواهد في تبنيه لتلك الرؤية، لافتا إلى أن الاتجاه الأول يشير إلى استمرار النظام الدولي احادي القطب ،أما الاتجاه الثاني فيرجح تحول النظام الدولي إلى حالة اللاقطبية، فيما يوضح الاتجاه الثالث أنه يسير نحو نظام متعدد الأقطاب.
وقال التميمي إن الاتجاه القائل بتعدد الأقطاب لا يمكن قبوله منطقيا لأن هذا النظام لن ينشأ إلا إذا نشبت حرب بين الدول الكبرى تنتهي بانتصار بعضها على بعضها الآخر، ومن ثم يقوم المنتصرون بإعادة صياغة مؤسسات النظام وقيمه بحسب توازن القوى الجديد، ومعطيات الواقع لا تؤكد قيام حرب عالمية ثالثة حاليا.
وأوضح أنه استنادا لرؤية المدرسة الليبرالية "المثالية" فإن العالم يشهد نظام حوكمة دوليا يسوده القانون الدولي وتحكمه الأمم المتحدة بقواعد مكتوبة وتفصل فيه المحاكم الدولية، ومن ثم فإن هذا العالم يشهد تعاونا غير مسبوق في شتى المجالات سيجعل من قيام حرب ثالثة أمرا غير متوقع.