الجامع الأزهر هو من أقدم جامعة عالمية متكاملة، ومن أهم المساجد الجامعة فى مصر وأشهرها فى العالم الإسلامي، احتضنت أروقته الملايين من طلاب العلم ومعلميه، حتى أصبح قِبلة العلم لكل المسلمين، ومنهل الوسطية، ومنارة الإسلام الشامخة، فى مثل هذا اليوم 22 يونيو من عام 971 افتتاح الجامع الأزهر للصلاة، وهو الجامع الذى بدأ جوهر الصقلى بنائه فى 4 أبريل 970م.
تم إنشاء الجامع الأزهر على يد جوهر الصقلى قائد الخليفة الفاطمى المعز لدين الله فى 24 جمادى الأولى 359هـ/ 4 أبريل 970م أى بعد عام من تأسيس مدينة القاهرة، واستغرق بناؤه ما يقرب من 27 شهرًا، حيث افتُتِح للصلاة فى يوم الجمعة 7 رمضان 361هـ الموافق 21 يونيه 972م، وما لبث أن تحول إلى جامعة علمية، وأُطلق عليه اسم الجامع الأزهر؛ نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء ابنة النبى ــ صلى الله عليه وسلم ــ وزوجة الإمام على بن أبى طالب ــ رضى الله عنه ــ التى ينتسب إليها الفاطميون على أرجح الأقوال.
بعد زوال دولة الفاطميين على يد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى فى الثالث من المحرم 567هـ/ 11 سبتمبر1171م عطَل صلاة الجمعة فى الجامع الأزهر وأنشأ عدة مدارس سنية لتنافسه فى رسالته العلمية للقضاء على المذهب الشيعى فى مصر، واستطاع بهذه الخطوة أن يعيد إلى مصر المذهب السنى بحيوية ونشاط، فانتهت بذلك علاقة الجامع الأزهر بالمذهب الشيعى، حسب ما ذكر موقع الجامع الأزهر.
وقد شهد الجامع الأزهر تحولًا كبيرًا فى ظل الحكم المملوكى "648 ـــ 923ه/ 1250 ـــ 1517م"، فأعيدت فيه صلاة الجمعة فى عام 665ه/ 1267م، وسرعان ما اتجه السلاطين المماليك للعودة بالأزهر إلى نشاطه العلمي، وتوجيه هذا النشاط توجيهًا سُنيًا(وفق المذاهب الأربعة)، وقد استأثر الجامع الأزهر فى هذا العصر بالزعامة الدينية والعلمية معًا، وأصبح المركز الرئيس للدراسات السُنيَّة فى مصر والعالم الإسلامي، لاسيما بعد سقوط بغداد فى الشرق، وتصدع الحكم الإسلامى فى الأندلس وشمالى أفريقيا، وتركزت آمال المسلمين فيه فقام بمهمته العلمية والدينية التى ألقتها عليه الأقدار خير قيام، وغدا بمثابة الجامعة الإسلامية الكبرى التى يقصدها طلبة العلم من كل فج عميق، وأصبح مقصِدًا لعلماء العالم الإسلامى فى مشارق الأرض ومغاربها.
وكثرت العلوم التى كانت تدرس بالجامع الأزهر فى ذلك العصر وتنوعت إلى دراسة فروع العلوم العقدية والشرعية والعربية والعقلية، فضلًا عن دراسة علم التاريخ وتقويم البلدان وغيرها من العلوم، كما تم إنشاء ثلاث مدارس وإلحاقها بالجامع الأزهر وهي: "الطيبرسية، الآقبغاوية، الجوهرية"، ورتبت فيها الدروس مما أدى إلى إثراء الحركة العلمية بالجامع الأزهر، إلَا أن أهم ما يميز الأزهر فى العصر المملوكى هو نشأة مساكن للطلبة الوافدين والمصريين فيه عرفت بالأروقة.
وفى ظل الحكم العثمانى لمصر "923 ـــــ 1213ه/ 1517 ـــــ 1798م" احتفظ الجامع الأزهر على مدار ثلاثة قرون بقوته وتقاليده، ومضى يؤدى رسالته باللغة العربية فى الحقلين الدينى والتعليمي، كما توافد عليه طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامى لينهلوا من شتى المعارف التى تدرس فيه، ومن أهم ما يتميز به الأزهر فى ذلك العصر هو ظهور منصب شيخ الأزهر.
حظى الجامع الأزهر على مر العصور منذ نشأته وحتى وقتنا الحاضر باهتمام الخلفاء والسلاطين والأمراء والحكام بعمارته من حيث التوسعة والإنشاءات والترميم لا سيما العصر المملوكي، وكان آخرها أعمال الترميم الشاملة التى انتهت فى عام 1439ه/ 2018م والتى استمرت ثلاث سنوات تقريبًا، وتبلغ مساحته 12 ألف متر مربع تقريبًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة