وجه الدكتور محمد معيط، وزير المالية، التهنئة للعاملين بالوزارة، وذلك في كلمته بمجلة التنمية الإدارية التي صدرت عن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، بمناسبة اليوم العالمي للخدمة العامة، وجاء نص الكلمة:
"يحتفل العالم هذا العام بيوم الخدمة العامة، في ظل ظروف استثنائية تشهدها اقتصادات الدول؛ فما إن خرجت منهكة من تداعيات جائحة «كورونا»، حتى اصطدمت بتحديات أشد شراسة تتشابك فيها موجة تضخمية غير مسبوقة نتيجة اضطراب سلاسل الإمداد والتوريد وارتفاع تكاليف الشحن، مع الآثار السلبية لأزمة كورونا، على النحو الذى يتطلب مضاعفة الجهود المبذولة لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة وفقًا لرؤية مصر "٢٠٣٠".
ويكتسب مفهوم الخدمة العامة أهمية خاصة مع هذا المشهد الاقتصادي العالمي شديد الاضطراب؛ إذ بات ضروريًا الاستمرار فيما تبنته الدولة من مشروعات قومية وتنموية غير مسبوقة، تُسهم في تحسين معيشة المواطنين وقد تجسد ذلك بالفعل فى المخصصات الموازنية المقررة في هذا الشأن، والحزم المالية المساندة للقطاعات والفئات الأكثر تضررًا، كما انعكس أيضًا في مشروع الموازنة الجديدة للعام المالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ حيث آثرت الدولة استكمال مسيرة البناء والتنمية ليتم تخصيص ٣٧٦ مليار جنيه للاستثمارات العامة بنسبة نمو سنوى ٩,٦٪ للمضى في الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير المزيد من فرص العمل خاصة للشباب وزيادة المشروعات الصديقة للبيئة إلى ٥٠٪
إن كل هدف من أهداف التنمية المستدامة يرتبط بتقديم الخدمة العامة سواءً في الصحة والتعليم والثقافة تنفيذًا لاستراتيجية بناء الانسان المصري، وغيرها من متطلبات الحياة الكريمة التى تبلورت بالفعل في مشروع القرن لتطوير الريف المصرى وتحسين حياة أكثر من نصف المصريين، وقد تم استيفاء الاستحقاقات الدستورية لقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى حيث تم تخصيص ٣١٠ مليارات جنيه للصحة، و٤٧٦,٣ مليار جنيه للتعليم الجامعى وقبل الجامعى، و٧٩,٣ مليار جنيه للبحث العلمي، بما يسهم في تعزيز الإنفاق على التنمية البشرية، إضافة إلى زيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية إلى ٣٥٦ مليار جنيه.
ولاشك أن أزمة كورونا أثبتت صحة الرؤية المصرية التى بادرنا بتنفيذها قبيل الجائحة بالانتقال التدريجي إلى «مصر الرقمية» على نحو يساعد في تيسير تقديم الخدمات المميكنة للمواطنين؛ تعزيزًا للحوكمة، وتيسيرًا للإجراءات، وتهيئة لبيئة محفزة للعمل المبتكر والتميز الوظيفى وجودة الخدمات العامة التى تعتبر مقصدًا رئيسيًا من بين المستهدفات التنموية.
قطعت وزارة المالية شوطًا كبيرًا في ميكنة نظم العمل بمختلف القطاعات، ومنها: تطبيق منظومة «GFMIS»بالجهات الموازنية وربطها بمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني «GPS»، وحساب الخزانة الموحد «TSA»، بما أسهم في إغلاق الحسابات الختامية للموازنة المنتهية في نفس يوم نهاية السنة المالية، وأن تعمل الموازنة الجديدة من اليوم الأول للسنة المالية الجديدة، على نحو يؤدي إلى تحقيق جودة الأداء، بحيث تتمكن الجهات الممولة من الموازنة من الوفاء بمتطلبات أنشطتها وخططها المعتمدة، والارتقاء بمستوى الخدمات وتيسير سبل تقديمها للمواطنين في شتى القطاعات.
وتمضى الوزارة بخطى متسارعة للانتهاء من ميكنة منظومتى الضرائب والجمارك على النحو الذى يسهم في سهولة تقديم الخدمات وتيسير الإجراءات لمجتمع الأعمال، حيث استطاعت مصر أن تكون من أوائل الدول بأفريقيا والشرق الأوسط في تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية بنجاح، على نحو مكننا من متابعة التعاملات التجارية بين الشركات من خلال التبادل اللحظي لبيانات الفواتير بصيغة رقمية، ودفعنا لاستكمال مسيرة التحول الرقمى بإطلاق منظومة «الإيصال الإلكتروني» لمتابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيًا في كل منافذ البيع والشراء وتقديم الخدمات بكل أنحاء الجمهورية؛ بما يُسهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى، وحصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وإرساء دعائم العدالة الضريبية، وتكافؤ الفرص بين الممولين في السوق المصرية، واستيداء حق الدولة، على نحو يساعد في زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والتنموية.
ويمكن للمسجلين بمراكز كبار ومتوسطى الممولين وكبار ومتوسطى المهن الحرة، والمراكز الضريبية المدمجة بمنطقة القاهرة رابع، مع تطبيق المنظومة الضريبية الموحدة المميكنة تلقى الخدمات الضريبية دون الحاجة إلى التوجه للمأموريات المختصة، إلكترونيًا على مدار اليوم، من خلال ارتياد الموقع الإلكترونى لمصلحة الضرائب عبر رقم التسجيل الضريبى الموحد، بما يوفر الوقت والجهد، ويُحقق أعلى درجات الدقة، ويُسهم كثيرًا فى الحد من التدخل البشرى، وإرساء دعائم العدالة الضريبية.
وفي الجمارك نجحنا في الربط بين جميع الموانئ إلكترونيا من خلال المنصة الإلكترونية الموحدة «نافذة»، واستحداث مراكز لوجستية للخدمات الجمركية، على نحو يسهم في تحويل مصر إلى منطقة لوجستية عالمية متطورة ترتكز على التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة لتعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي المتفرد، وتسهيل حركة التجارة الداخلية والخارجية، والانتقال من البيئة الورقية إلى الإلكترونية، على نحو أسهم في خفض متوسط زمن الإفراج الجمركى بنسبة ٥٠٪ وفقًا لدراسة تم إجراؤها بالتعاون مع البنك الدولى».
إن مصر سبقت العديد من دول العالم في تطبيق منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» بالموانئ البحرية، على النحو الذى يؤدى إلى خفض تكلفة عملية الاستيراد والتصدير، وتحفيز بيئة الأعمال في مصر، وقد دفعنا هذا النجاح لإطلاق هذه المنظومة بالموانئ الجوية منتصف مايو ٢٠٢٢، بحيث يكون التشغيل الإلزامي للتسجيل المسبق للشحنات الجوية فى الأول من أكتوبر المقبل."