يسمى الكاتب المعروف ألبرتو مانجويل بالرجل المكتبة فمن المعروف عنه أن مكتبته تضم 40 ألف عنوان كما أنه عاش حياته متنقلاً بين المكتبات.
وقد ولد مانجويل عام 1948 في مدينة بوينس آيرس ويعمل كجامع للأعمال الأدبية المهمة، ومترجم ومحرر وروائي وكاتب مقالات، ألف العديد من الكتب غير الخيالية مثل قاموس الأماكن الوهمية عام 1980 وتاريخ القراءة عام 1996 والمكتبة في الليل عام 2007 وإلياذة وأوديسة هوميروس: سيرة ذاتية عام 2008 كما كتب أيضاً العديد من الروايات مثل أخبار جاءت من بلد أجنبي عام 1991 وقد أجرت معه صحيفة لاريبيبليكا الإيطالية هذا الحوار الذى جاء كالتالى:
هل ولدت في هولندا؟
ولدت في هولندا وعشت هناك حتى بلغت الثانية من عمري. ثم عدت، أو بالأحرى، عادت عائلتي إلى تشيلي ثم مكثت هناك حتى بلغت الثامنة من عمري. وبعد ذلك، بين سن الثامنة والخامسة عشر. عدت إلى هولندا. ولكن دعنا نقول إن حياتي بشكل عام قامت على التنقل بين تشيلي وهولندا، وهما متناقضان من جميع النواحي، وأعتقد أن هذا قد ولّد في داخلي نوع من الازدواجية أو الذهان الصغير الذي أحمله معي اليوم.
ما مدى فائدة هذا الفصام الثقافي للكاتب؟
هناك فائدة كبيرة جدًا على مستوى الكتابة.
لكن هل اللغة الإنجليزية هى لغتك الأم أم اللغة الأولى هي الإسبانية؟
عندما كنت أعيش في هولندا ذهبت إلى مدرسة بريطانية وكان هناك بديل كامل في رأسي للغتى الأم الإسبانية، فقد اكتشفت أنى أفضل اللغة الإنجليزية لذا أستخدمها كثيرًا، آخر كتابين كتبتهما باللغة الإنجليزية، قرأت دائمًا باللغة الإنجليزية، أتحدث إلى ابنتي باللغة الإنجليزية، لذلك، بهذا المعنى أنا في حالة حب كما كنت دائمًا، مع الإمكانيات التي توفرها اللغة الإنجليزية على عكس اللغة الإسبانية، أنا عدو لغتي.
هذا العداء مفيد جدًا للكاتب فأنت دائمًا في موقف دفاعي تجاه لغتك الأم أليس كذلك؟
أعتقد أنه بالنسبة للكاتب تقدم اللغة نفسها دائمًا على أنها شيء معاد، أليس كذلك؟ أنا حقًا أحب نظرية ويليام بوروز، لأنني أحب النظريات التي لا أساس لها أو أدلة داعمة، والتي تقول إننا نحمل اللغة في داخلنا كما لو كانت كائن آخر، نوع من الفضائيين يعيش بداخلنا ويتحدث نيابة عنا، هذا الصوت الذي يرتد في رأسك، الذى يبدو لك شيئًا أجنبيًا وخارجيًا.
وماذا كنت تقرأ عندما كنت طفلا؟
نشأت في ظل قراءة مؤلفين مثل دوجلاس آدامز وهو كاتب خيال علمي إنجليزي.
جميع المؤلفين الذين تذكرهم في حواراتك مؤلفون خياليون، متى بدأت قراءة الروايات العلمية؟
أعتقد أنني شعرت بسخط تام في سن الثلاثين من الإحساس بالعالم الذي وصفته رواية الخيال التقليدية، مع كل قصة خيالية شعرت أننى مثل هؤلاء الأطفال الذين حدثوهم عن الملوك الثلاثة أو سانتا كلوز، جاءت لحظة وقعت فيها في حب العالم وليس الأدب.
أسمعك تتحدث وأرى تناقضًا كبيرًا بين ما تخبرني به وبين ما جاء كتابك الأخير فلماذا أشعر بهذا التناقض؟
التناقضات بالنسبة لي أساسى، أنا شخص متناقض يحاول أن يصنع أدبًا متناقضًا تمامًا ينشأ من المفارقات، ما يجذبني هو تحديدًا جوانب الواقعى وغير الصحيح والخيالى ما دام يحتوي على مفارقة أشعر بها في القلب.
أرى في رواياتك لغة المتصوفة، وأشعر أنه يوجد في كتابك هذا التناقض بين وصف العلم وعدم وصفه في نفس الوقت، مع العلم أن هناك عنصرًا أساسيًا لا يمكننا فهمه فما السر؟
أعتقد أنه لا يوجد شيء يثير اهتمامي بقدر التصوف لا يمكنك التعبير عن التصوف بطريقة واضحة، إنه صعب للغاية، أليس كذلك؟ لأنك تدخل متاهة حيث يكون السبب عديم الفائدة، عليك أن تتخلى عنه للدخول، الحيلة العظيمة للخيال هي أنه يمنحك إحساسا رائعا بالعالم، الذي ينبض، هو حي ولكنه يضيع بسرعة كبيرة، أحاول أن أكون صادقًا، أستخدم العلم لاتباع خطى الروح وهي تبتعد عنا.
يجادل خوخى لويس بورخيس بأن الحقيقة الجمالية تمثل صنيعة ما أطلق عليه الوحي ما رأيك؟
هذا هو مشروعي، وكما يقول بولانو، كل ما نقوم به هو مجرد تسجيل ملاحظات أقل مما لاحظه بورخيس، أنت تعرف أن الوحش موجود ولكن لا يمكنك إظهاره. أنت تعلم أن هناك حقيقة تتأملها وعيناك مغمضتان وتضيع عند فتحها، لكنني أعتقد أن هذا الوحي في متناول اليد وأنه التزام شخصي. الوحي جزء من تعليم كل إنسان. نتمنى أن يكون لدينا في الوقت المناسب، لأنه إذا جاء في الوقت الخطأ، فإنه يدمرك، وهذا ما كان لدى بورخيس. ولا أحد هنا يمكن أن يشك في أن بورخيس كان بين يديه وحي من نوع ما.