عقدت وزارة التنمية المحلية ندوة تحت عنوان "توطين أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلى فى المناطق المتأخرة ضمن السياق المصرى - مبادرة حياة كريمة وبرنامج التنمية المحلية فى صعيد مصر كنموذج"، وذلك فى إطار مشاركتها بالنسخة الحادية عشر للمنتدى الحضرى العالمى المنعقد فى بولندا.
ترأس الندوة اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية، بالتعاون بين البنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ، وتحدث فيها إلى جانب وزير التنمية المحلية كلا من الدكتور محمد ندا خبير التنمية الحضرية بالبنك الدولى والدكتور هشام الهلباوى مساعد وزير التنمية المحلية ومدير برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والدكتور ولاء جاد الكريم مدير الوحدة المركزية لمبادرة حياة كريمة وأدار الندوة الدكتور خالد عبد الحليم مدير برنامج دعم وزارة التنمية المحلية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، وحظيت الندوة بحضور واسع من ممثلى المنظمات الدولية والهيئات المشاركة فى المنتدى الحضرى العالمى وممثلى الوزارات والهيئات المصرية المشاركة والبعثات الدبلوماسية.
وتحدث وزير التنمية المحلية، خلال الندوة عن الإطار السياساتى والاستراتيجى الذى يحكم جهود التنمية الحضرية فى مصر خلال السنوات الثمانى الماضية والأهمية التى تمثلها مبادرة رئيس الجمهورية لتطوير الريف المصرى "حياة كريمة" وكذلك برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر الذى يحظى باهتمام ودعم القيادة السياسية.
وأكد شعراوى أن القيادة السياسية والحكومة فى مصر تولى اهتماما كبيرا بالمنتدى الحضرى والذى ستعقد نسخته القادمة فى مصر، وأيضا لما يمثله المنتدى من قيمة مضافة لجهود تعافى العالم من جائحة فيروس كورونا وتنامى الإدارك لمخاطر قضية تغير المناخ ومتطلبات مواجهتها من خلال تبنى انماط التنمية المستدامة منخفضة الانبعاثات القادرة على التكيف ، وأعرب وزير التنمية المحلية عن طموح مصر فى ان تنجح من خلال استضافتها للقمة 27 للمناخ بمدينة شرم الشيخ نوفمبر القادم فى ترجمة هذا الادراك العالمى الى خطط عمل تشاركية قائمة على التعاون بين الحكومات والشعوب والمنظمات الدولية من أجل وقف هذا الخطر الذى يهدد الانسانية ويهدد مستقبل الأجيال القادمة.
واستعرض وزير التنمية المحلية الإطار العام للتجربة التنموية فى مصر من 2014 حتى الآن ، مشيراً إلى مصادفة تزامن المنتدى مع احتفال المصريين بالعيد التاسع لثورة تصحيح المسار فى 30 يونيو 2013 ، والتى أعطت بعدها الدولة المصرية الأولوية للتنمية الشاملة والمستدامة، وبدأت بتبنى برنامج اصلاح اقتصادى هيكلى حاز على ثقة المؤسسات الدولية ، وساهم فى ترسيخ أساس قوى لاقتصاد تنافسى ومتنوع وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وممكنة للقطاع الخاص ، وانشاء بنية أساسية متطورة وشبكات نقل ولوجيستيات عملاقة ،والاستثمار فى الطاقة النظيفة والمتجددة لتصبح مكون مهم وأساسى فى مزيج الطاقة ، فضلا عن إنشاء مدن ومجتمعات جديدة وصلت إلى 42 مدينة تلتزم بمعايير التخطيط المستدام والتعامل المتكامل مع قضية ضبط وحوكمة منظومة العمران فى مصر ، بالإضافة الى تبنى برامج متنوعة تستهدف بناء الإنسان المصرى من خلال منظومة للتأمين الصحى الشامل، مبادرات للقضاء على الأمراض السارية، استثمارات كبيرة فى التعليم ما قبل الجامعى والجامعي، ومشروعات تستهدف تحقيق العدالة الجغرافية والاجتماعية لعل ابرزها تطوير المناطق العشوائية وتطوير الريف المصرى وتنمية المحافظات المتاخرة تنمويا.
وأكد اللواء محمود شعراوى أن تحركات وجهود الدولة المصرية فى التنمية كانت محكومة بإطار من السياسات العامة والاستراتيجيات القومية المستجيبة للنمو الحضرى المستدام كإستراتيجية تنمية المناطق المتاخرة تنمويا ، واستراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030، والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2026 بالاضافة الى الأجندة الحضرية الجديدة .
وأشار شعراوى إلى أن مبادرة حياة كريمة التى تحظى بدعم ورعاية وإشراف القيادة السياسية ورئيس مجلس الوزراء وتتشارك فى تنفيذها كافة الوزارات والهيئات ومنظمات المجتمع المدنى ومؤسسات القطاع الخاص تعد أكبر مشروع تنموى فى تاريخ مصر، حيث يستفيد منها 58 مليون مصرى وتستهدف احداق نقلة نوعية غير مسبوقة فى حياة الريفيين من خلال ضخ استثمارات تقدر بحوالى تريليون جنيه لتنمية أكثر من 4500 قرية بشكل شامل يتضمن كافة خدمات البنية الاساسية ومرافق التنمية الاجتماعية وتطوير منظومة الخدمات الحكومية والاهتمام بتدريب وتاهيل الكوادر البشرية المحلية لتحقيق الاستدامة والاستمرارية والاهتمام بمد مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الاولى بالرعاية بالاضافة الى توفير فرص كبيرة للنمو الاقتصادى وزيادة الدخل ودعم الميزات التنافسية والتكتلات والحرف التراثية والانشطة الانتاجية المختلفة ، وهو ما يساهم فى خلق ملايين فرص العمل الدائمة والمؤقتة للشباب والنساء.
وفيما يتعلق ببرنامج تنمية الصعيد أشار وزير التنمية المحلية إلى أنه يأتى فى إطار الاهتمام بالتوازن الإقليمى والتنمية المكانية ويستهدف إحداث تطوير شامل فى المناطق والأقاليم التى تخرج منها موجات الهجرة العشوائية ألى العاصمة والمراكز الحضرية الكبرى، وتحويلها لمناطق جذب تتوفر بها فرص للحياة الجيدة والكريمة حيث نجح البرنامج فى تحسين مؤشرات جودة الحياة وتعزيز تنافسية محافظتى سوهاج وقنا بصورة غير مسبوقة وانتج حزمة من الممارسات الجيدة فى الادارة المحلية وجهت القيادة السياسية بتعميمها على باقى المحافظات.
وشدد اللواء محمود شعراوى خلال كلمته أن وزارة التنمية المحلية تلعب دورا محوريا فى التنسيق بين المستوى المركزى والمحلى ، بالإضافة الى دورها فى الدعم الفنى والاشراف والتوجيه على المحافظات ووحدات الإدارة المحلية لهدف تحقيق التنمية المحلية المتكاملة والمستدامة من خلال تنظيم عمليات البناء وإزالة التعديات والمخالفات ودعم التنمية الحضرية المستدامة وإدارة منظومات التعامل مع التحديات التنموية والبيئية بالوحدات المحلية كمنظومة ادارة المخلفات ومنظومة النقل ومنظومة الخدمات المحلية .، فضلا عن بناء إدارة محلية فعالة ، من خلال تطبيق النظم والممارسات المتطورة والجيدة فى الإدارة المحلية سواء فى عمليات التخطيط او تنفيذ المشروعات او تطبيق الاعتبارات البيئية ومعايير الاستدامة ، وكذلك من خلال الاهتمام بالتدريب وبناء القدرات وصولا لحوكمة الإدارة المحلية بشكل شامل.
واختتم وزير التنمية المحلية كلمته بالإشارة الى مبادرة المدن المصرية المستدامة 2021-2023 التى يتم تنفيذها بالتعاون بين الوزارة ومنظمة الامم المتحدة للمستوطنات البشرية والبنك الدولى وعدد من الشركاء الأخرين لهدف إلى "وضع رؤية وتصور عام لانتقال المدن المصرية القائمة من وضعها الحالى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاجندة الحضرية الجديدة، وتحديد البرامج التنموية والاستثمارات الخضراء ذات الأولوية بالمدن المصرية القائمة"، وتتضمن إعداد تقرير "أطلس المدن المصرية القائمة من منظور الاستدامة "، وإعداد تقرير تشخيصى مفصل يحدد القيود الرئيسية لاستدامة المدن فى مصر، وطرح رؤية استراتيجية وخارطة طريق لتحقيق التنمية المستدامة للمدن المصرية تمهيدا لتصميم وتمويل وتنفيذ برامج التنمية المستدامة فى المدن المصرية.
وخلال الجلسة تحدث الدكتور هشام الهلباوى مساعد وزير التنمية المحلية حول بعض نماذج وتفاصيل التجربة المصرية فى التنمية الحضرية المستدامة ، متحدثاً حول المشروعات المصرية الحالية، والجهود المتكاملة على المستويين الوطنى والمحلي، وكذلك التنمية الحضرية والريفية ومن بينها برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والذى يطبق بمحافظتى قنا وسوهاج وكذا مبادرة "حياة كريمة" كمثال" لإلقاء الضوء على التجربة المصرية لدفع الإصلاحات الوطنية والمحلية من خلال مشروعين عملاقين متكاملين كنموذج لتنمية المجتمعات المتأخرة تنموياً.
واستكمالاً لعرض الجهود المصرية لاسيما دعم التنمية الحضرية المستدامة والشاملة ووضعها فى مقدمة أجندتها التنموية، أكد الدكتور هشام الهلباوى ان الحكومة المصرية تخطو خطوات ثابتة تجاه تنمية المناطق المتأخرة تنموياً من خلال استراتيجية وطنية تعتمد على تكثيف الاستثمارات الحكومية فى هذه المناطق لدفع عجلة التنمية سواء على مستوى البنية الأساسية أو مقومات التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز التنافسية وتحسين بيئة ومناخ الأعمال.
وفى هذا السياق، استعرض الهلباوى برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر كنموذج للتنمية المستدامة والشاملة، حيث تعكس أهداف البرنامج مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة من تحسين المرافق والخدمات، وكذا دعم التنافسية والتنمية الاقتصادية ويعد البرنامج نموذجاً لتطبيق اللامركزية وتطوير أداء الإدارة المحلية.
وأكد الهلباوى أن نتائج البرنامج سواء من خلال مشروعات البنية التحتية التى تصل إلى 4119 مشروعا بإجمالى استثمارات 15.2 مليار جنيه، أو الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية تعكس الرؤية السياسية والاستراتيجية التى تنتهجها الحكومة المصرية فى تعزيز التنافسية المحافظات المتأخرة تنموياً من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال ودعم القطاع الخاص، وكذا تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين من تطوير نظم عمل الإدارة المحلية وكذا خلق دور فاعل للمحافظات فى إدارة التنمية بمفهومها الشامل.
وفى السياق ذاته استعرض عددا من المشروعات التى تم تنفيذها فى محافظتى سوهاج وقنا فى مختلف القطاعات (الصرف الصحي، مياه الشرب، النقل والطرق) وكذا نتائج التدخلات لدعم التنمية الاقتصادية المحلية سواء من خلال التكتلات الاقتصادية، التنمية الصناعية، أو تحسين بيئة الأعمال.
كما ركز الدكتور هشام الهلباوى على مخرجات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر فيما يخص التنمية العمرانية اتساقاً مع محتوى المنتدى الحضرى العالمى فى نسخته الحادية عشر، حيث انتهج البرنامج نهجاً غير مسبوقاً فى هذا المجال من خلال دعم التنمية الحضرية وتبنى مدخل يربط التنمية العمرانية للمدن بالتنمية السياحية وبالتكتلات الانتاجية للحرف التقليدية والمنتجات المميزة للبيئة المحلية. وفى ختام كلمته، أكد ان نتائج البرنامج جميعها تأتى كنموذج لتوطين أهداف التنمية المستدامة، الأمر الذى كلل بإدراج البرنامج على منصات الأمم المتحدة كأحد أهم الممارسات التنموية.
وخلال مداخلته استعرض الدكتور محمد ندا خبير التنمية الحضرية بالبنك الدولى الجوانب التى تميز برنامج تنمية الصعيد واهمها إعتماده على أسلوب التمويل مقابل النتائج ، وهو ما يضمن إحداث تطوير مستدام فى قدرات الإدارة المحلية واداءاتها التخطيطية والتنفيذية والتعاقدية وإلتزامها بتطبيق المعايير البيئية الاجتماعية وقواعد الحوكمة ، كما أشار ندا الى ان استثمارات البرنامج تشمل مكونا اقتصاديا يركز على تطوير المناطق الصناعية ودعم التكتلات الاقتصادية ذات الميزة النسبية وتحسين الخدمات الموجهة للاعمال والمواطنين ، بالاضافة الى مكون البنية الاساسية الذى يساهم فى تعزيز دور المحافظات لتحسين خدمات البنية الاساسية وتقديمها بشكل عالى الجودة، على ان يتم ذلك بنهج تخطيطى تشاركى يضمن ماسسة مشاركة المواطنين فى عمليات التخطيط والتنفيذ .
وأشار الدكتور محمد ندا إلى أن برنامج تنمية الصعيد بما انتجه من ممارسات مطورة فى الادارة المحلية ونظم تخطيط عادلة مستندة ايل مؤشرات تنموية واضحة ، واهتمامه بتنمية الموارد الذاتية للمحافظات وبناء نموذج قابل للتكرار فى هذا الشأن ، فإنه يعد برنامج رائد يدفع البنك للاسترشاد به فى البرامج الاخرى الشبيه سواء على المستوى المحلى او المستوى القومى .
وقدم ندا الشكر الكبير لوزير التنمية المحلية على دعمه ورعايته وقيادته للبرنامج خلال الفترة من 2018 حتى الآن وهى الفترة التى شهدت طفرة غير مسبوقة فى معدلات الأداء وحجم الإنجاز ، وساهمت فى تبنى القيادة السياسية والحكومة لمخرجات البرنامج وممارساته الجيدة والتوجيه نحو تعميمها على باقى المحافظات ، واعرب عن تطلع البنك وحرضه على تقديم اى دعم فنى مطلوب فى مرحلة التعميم.
ومن جانبه تناول الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير الوحدة المركزية لمبادرة حياة كريمة الجوانب التنفيذية والمؤسساتية لمبادرة حياة كريمة ، مشيرا الى أنها تشمل حزمة من الاستثمارات والمشروعات المخططة والمتكاملة يتم تنفيذها فى كل قرية مصرية وفقا للمعايير التخطيطية، وبما يلبى احتيجات المواطنين الذين يشاركون بشكل مؤسسى فى مراحل التخطيط والتنفيذ.
وكشف جاد الكريم عن ان المبادرة استهدفت فى مرحلتها التمهيدية العمل على مستوى التجمعات الريفية الاكثر فقرا وحرمانا ، لتنطلق خلال المرحلة الجديدة بتوجيه من القيادة السياسية نحو استخداف الريف المصرى بالكامل من خلال برنامج طموح ينفذ على ثلاث مراحل ويعمل من خلال استهداف المراكز الإدارية بوصفها الطار الاشمل الذى يضم كافة قريى الريف.
وأضاف جاد الكريم ان المرحلة الأولى للبرنامج تستهدف 52 مركز تضم 1477 قرية فى 20 محافظة ، حيث يتم اختيار اولوية العمل بالمراكز وفقا لترتيبها حسب درجة الاحتياج التنموى وهو مؤشر مجمع ياخذ فى اعتباره مجموعة من المؤشرات الفرعية كمعدلات الفقر ، ومعدلات الامية ومستوى التغطية بالخدمات الأساسية ونسب الاسر التى تعولها نساء ومدى تركز القرى التى تحتاج لاهتمام خاص بسبب تصديرها للمهاجرين غير الشرعيين أو بسبب ما تشهده من بعض الاحتقانات الاجتماعية الناتجة عن غياب التنمية.
وخلال تنظيمه وإدارته للحوار بين المنصة والمشاركين، أكد الدكتور خالد عبد الحليم على مجموعة من النقاط المهمة التى خلص إليها هذه الندوة لعل أهمها التأكيد على أن الإرادة السياسية المتوفرة هى السبب الرئيسى وراء نجاح برامج ومشروعات التنمية المستدامة فى مصر، فضلا عن التكامل بين التخطيط الريفى والحضرى من خلال التوازن فى ادوار ومسئوليات الجهات المشاركة فى ذلك والمتمثلة فى وزارة التنمية المحلية ووزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وصندوق التطوير الحضرى التابع لمجلس الوزراء.
كما شدد عبد الحليم على ما خلصت إليه المناقشات من توفر ضمانات الشفافية والحوكمة كشرط لازم وضرورى ساهم فى نجاح المشروعات التنموية المصرية ومهد لتحقيق حزمة واسعة من الأهداف الأممية للتنمية المستدامة ، فضلا عن نتائج الاستثمار فى العنصر البشرى وتطوير النظم والممارسات المحلية الذى قادته وزارة التنمية المحلية خلال السنوات الماضية بدعم كامل من القيادة السياسية والحكومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة