نجحت الدولة، بقيادة الرئيس السيسى، فى إحياء التعاون مع معظم دول القارة، وعادت أم الدنيا إلى الحضن الأفريقى، وعادت قلبا نابضا لأفريقيا تقود وتشارك وتتعاون مع بلدانها، واستأنفت حضورها ونشاطها فى العمق الأفريقى، إذ كللت جهودها برئاسة الاتحاد الأفريقى فى دوراته عام 2019 وذلك بعد سنوات من تعليق عضويتها بالاتحاد فى عام 2013، وحرصت الدولة على تأكيد جملة من الثوابت التاريخية والاستراتيجية، والالتزامات السياسية والعملية تجاه محيطها الأفريقى، فى مقدمتها إعلاء مبادئ التعاون الإقليمى، والمساهمات المصرية فى برامج الاتحاد الأفريقى، وعملت على تنمية دول القارة عموما، ودول حوض النيل خصوصا، فضلا عن تنوع سياسات وآليات التحرك المصرى تجاه بلدان القارة، بين تحركات سياسية واقتصادية وإعلامية وثقافية ومائية، فضلا عن الدعم المصرى الواسع لجهود التنمية البشرية، من خلال إيفاد آلاف الخبراء والمختصين فى عشرات المجالات، واستقبال الآلاف من الأفارقة للتدريب فى المعاهد والأكاديميات المصرية.
وبخلاف ذلك، انتهج الرئيس السيسى خطابا سياسيا جديدا ومختلفا مع دول القارة، ما ساهم فى عودة مياه العلاقات المصرية الأفريقية إلى مجاريها، بينما تواصل تأكيد الرئيس، فى كل المحافل والمناسبات، تاريخية واستراتيجية علاقات مصر بالقارة السمراء، واعتزازها بانتمائها لها، وإلى جانب هذا حرصت مصر على قطع أشواط أبعد، فيما يخص الانفتاح على دول القارة المختلفة، وتدشين مسارات متوازية من العلاقات الثنائية والتعاون المشترك مع دولها المختلفة، لتصبح حاضرة بقوة فى عشرات من الدول والمجتمعات، مستعيدة جانبا كبيرا من ميراثها العميق مع الدول الأفريقية.
واليوم، بعد 9 سنوات، حصدت الدولة المصرية نجاح جهودها فى القارة السمراء، إذ تجسد ذلك فى زيارات متبادلة على أعلى المستويات شملت العديد من دول القارة.
مشاريع الربط الكهربائى بأفريقيا وطريق «القاهرة -كيب تاون »
وفى إريتريا تنفذ مصر مشروع إنشاء محطة شمسية متصلة بالشبكة الكهربائية بتكلفة تتجاوز مليونى دولار، وكذلك مشروع إنشاء محطة شمسية غير متصلة بالشبكة الكهربائية بتكلفة حوالى 8.4 مليون دولار، ومشروع إنشاء محطة شمسية متصلة بالشبكة الكهربائية فى أوغندا بتكلفة تصل إلى حوالى 6 ملايين دولار، وفى بوروندى، تم إنشاء ورشة لصيانة المحولات باستمارات بلغت قرابة 10 ملايين و128 ألف جنيه.
وتعمل مصر على مشروع يربط بين شمال القارة الأفريقية بجنوبها، أطلق عليه طريق «القاهرة - كيب تاون »، والطريق الجديد ينطلق من الإسكندرية نحو القاهرة فى اتجاه أسوان مارا بدول السودان وجنوبها، وإثيوبيا وتنزانيا وكينيا وزامبيا وصولا إلى مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، ويبلغ طوله 9700 كم، وسيكون بمثابة أطول طريق برى فى أفريقيا.
كما أصبح مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط عن طريق نهر النيل إحدى مفردات الاهتمام المصرى بأفريقيا، ويعكس الرغبة المصرية الخالصة فى توطيد العلاقات مع دول حوض النيل، ويربط المشروع بين هضبة البحيرات الاستوائية وشرق أفريقيا مع البحر المتوسط، حيث يبدأ من بحيرة فيكوريا ثم بقية البحيرات الاستوائية الموجودة فى أوغندا حتى يصل إلى حدود السودان وبحر الجبل، ثم منطقة السدود، ثم يصل إلى النيل الأبيض ويستمر فى مساره حتى يلتقى بنهر السوباط ثم يلتقى بالنيل الأزرق ثم نهر عطبرة ثم وادى حلفا منطقة الشلالات ثم سد مروى بالسودان عن طريق إنشاء هويس خاص بذلك، ثم يصل لبحيرة ناصر حتى أسوان حتى يمتد إلى البحر المتوسط «ميناء الإسكندرية عن طريق فرع رشيد أو ميناء دمياط عن طريق فرع دمياط »، ويتطلب ذلك أعمال تهذيب على طول مجرى نهر النيل فى مصر.
30 يونيو، تاريخ محفور لدى إذهان المصريين بل والعالم أجمع، فهو تاريخ الثورة التى أعادت لمصر مكانتها داخليا وخارجيا. إنها ثورة 30 من يونيو، التى أبهرت العالم بوعى الشعب المصرى، وقراره نحو مستقبل مشرق، يتخلص فيه من ظلام الإرهاب وعبث جماعة لم تقدر تراب الوطن، فكانت الثورة الشعبية المجيدة نقطة انطلاق مصر نحو علاقات متوازنة وثيقة بالعالم كله، لا سيما محيطها الأفريقى.
هى البداية.. لكن سبقها ميراثا من الجفاء، حملته الدولة المصرية ما قبل ثورة 25 يناير والجماعة الإرهابية، وقيادة الرئيس السيسى، نجحت مصر فى الرجوع للحضن الأفريقى، واستعادت زخم العلاقات الذى كان فى يوم من الأيام يحتل ثانى مرتبة لدى الزعيم معشوق الأفارقة، الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى أولى اهتماما خاصا بها، ولا تزال حتى يومنا هذا سيرته محفورة فى ذهن الشعوب الأفريقية المتحررة من الاستعمار آنذاك، من خلال مساندة حركات التحرر، وتسخير إمكانيات مصر لخدمة الأشقاء والزعماء الأفارقة، وبرز دوره فى تحرير كينيا وأوغندا وتنزانيا والكونجو وغيرها.
انحسرت ريادة مصر بعد رحيل الزعيم عبدالناصر، وتجمدت بعض النشاطات الاقتصادية المشتركة مع دول القارة.. ثم جاء حكم جماعة الإخوان الإرهابية لتزداد الهوة اتساعا.
جاءت ثورة الـ30 من يونيو، لتزيح الغمة عن مصر، ونجحت برئاسة عبدالفتاح السيسى، منذ توليه الحكم عام 2014، فى تعزيز مكانتها وحضورها عربيا ودوليا بل وأفريقيا، 9 سنوات قادت فيها الدولة المصرية أفريقيا وبرعت فى عرض مشكلاتها فى المحافل الدولية، كونها تعد امتدادا طبيعيا للمحيط الإقليمى لمصر، وأيضا للأمن القومى المصرى.
2022.. مصر قطب إقليمى يقود الدول الأفريقية
فى عام 2022، أصبحت مصر قطبا إقيميا يقود أفريقيا، بحسب وصف دراسة صادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، حيث واصل الرئيس السيسى زياراته لمختلف دول القارة، ووثق التعاون بمشاريع للربط الكهربى مع أفريقيا، وتستهدف ربط مصر بدول القارتين الأفريقية والأوروبية، عن طريق إمداد دول القارتين بالكهرباء عن طريق الأبراج المعدنية العابرة للحدود، كما أنه من المتوقع أن يحول مصر إلى نقطة مهمة فى نقل الكهرباء للقارتين بحلول عام 2035.
عشرات اللقاءات والزيارات
كما احتلت أفريقيا مرتبة متقدمة، عقب ثورة 30 يونيو، فقد جسدت مؤشرات الاهتمام المصرى بأفريقيا تنظيم القاهرة العديد من المنتديات والفعاليات الأفريقية، إضافة إلى عقد الرئيس السيسى حتى العام 2022 ما يزيد على 120 اجتماعا مع قادة وزعماء ومسؤولين أفارقة زاروا مصر خلال 8 سنوات، من إجمالى 543 اجتماعا عقدها مع زوار مصر من قادة ومسؤولى دول العالم والهيئات والمنظمات الدولية، وتنوعت خريطة زيارات الرئيس شملت، السودان، وإثيوبيا بزيارتين، وزيارة لكل من غينيا الاستوائية والجزائر، وفى الفترة نفسها، عقد الرئيس اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين خلال زياراتهم لمصر، أو خلال المشاركة فى مؤتمرات ومنتديات استضافتها مصر، بلغت 213 اجتماعا، كان نصيب القارة الأفريقية أكثر من 45 اجتماعا منها.
وخلال 2015 - 2016، زار الرئيس السيسى إثيوبيا، إضافة إلى مشاركته فى قمة الهند أفريقيا، وفى تلك الفترة عقد اجتماعات ولقاءات مع مسؤولين خلال زيارات لمصر، أو خلال المشاركة فى مؤتمرات ومنتديات استضافتها مصر، بلغت 175 اجتماعا، كان نصيب القارة الأفريقية منها 42 اجتماعا.
وبين «8 يونيو 2016 حتى 7 يونيو 2017»، أنجز 6 زيارات لأفريقيا، تضمنت المشاركة فى القمة الأفريقية بالعاصمة الرواندية كيجالى، والقمة العربية الأفريقية فى مالابو، والقمة الأفريقية فى أديس أبابا، إضافة إلى زيارات ثنائية لكل من السودان وأوغندا وكينيا.
كما زار الرئيس أوغندا فى 22 يونيو 2017 لحضور قمة دول حوض النيل، والقمة الألمانية الأفريقية فى 3 يوليو 2017، إلى جانب جولة رئاسية شملت 4 دول، تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد، كما استضافت مصر نحو 25 اجتماعا أفريقيا.
وفى عام 2018، فى إطار الحرص المصرى الدائم على التفاعل مع قضايا القارة، شاركت مصر فى الدورة 31 لقمة الاتحاد الأفريقى فى العاصمة الموريتانية نواكشوط، تحت شعار «الانتصار فى معركة مكافحة الفساد»، كما استضافت مصر فى العام نفسه، لجنة الزراعة والبيئة والموارد الطبيعية بالبرلمان الأفريقى.
2021 استأنفت مصر التعاون على المستوى العسكرى والدفاعى.
زيادة التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الأفريقى
ومع بداية عام 2021، قادت مساهمات فى برامج الاتحاد الأفريقى، كان أبرزها زيادة التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الأفريقى، حيث بدأت الدول الأفريقية، رسميا فى هذا العام، معاملاتها التجارية فى إطار منطقة تجارة حرة جديدة تمتد على مستوى القارة. وارتفع التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الأفريقى، فى الفترة من يناير حتى سبتمبر 2021 بنسبة 35.7%، بحسب تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وبلغت قيمة إجمالى الصادرات لدول الاتحاد الأفريقى 3974 مليون دولار، فى الفترة من يناير / سبتمبر 2021، مقابل 2883 مليون دولار، عن نفس الفترة من العام السابق، كما بلغت قيمة إجمالى الواردات من دول الاتحاد الأفريقى 1455 مليون دولار فى الفترة من يناير/ سبتمبر 2021، مقابل 1118 مليون دولار عن نفس الفترة من العام السابق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة