قبر الرمل.. أول رواية هندية تفوز بجائزة البوكر الدولية للرواية المترجمة، وكعادة الجوائز الأدبية، وبخاصة العالمية، تدفع الناشرين لمحاولة الحصول على حقوق الملكية الفكرية لترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الأم لجمهورهم من القراء.
فى هذا السياق، تحدث "اليوم السابع" مع المترجمة العمانية التى تقيم فى مصر ريم داوود"، التى سبق أن ترجمت العديد من الأعمال الأدبية الهندية إلى اللغة العربية، التى صدرت عن دار العربى للنشر، فى القاهرة، وفى هذا الحوار، كشفت ريم داوود
فوز رواية "قبر الرمل" بجائزة البوكر الدولية للرواية المترجمة.. ما الذى يمثله للأدب الهندى محليا وعالميا؟
قد يوسّع من حركة الترجمة، وقد يساهم في ترجمته للغات لم يُتَرجم لها من قبل. هذا كل شيء، في رأيي. الأدب الهندي ثري وقيّم، بالفعل، سواء في الرواية والقصص القصيرة، أو في الشعر. لا أعتقد أن الجوائز هي التي ستضيف له قيمة. أديب مثل "آر. كيه. نارايان"، على سبيل المثال، له عوالمه الخاصّة، مثل مدينة "مالجودي" المتَخَيّلة التي كتب عنها وعن سكّانها والمواقف الحياتية التي يمرّون بها، ورسم لها خريطة في الصفحة الأولى من سلسلة أعماله عنها، هل ستمنحه أيّ جائزة قيمة إضافية؟ لا أظن.
ربّما ستلفت الجائزة نظر غير المهتمين بالأدب الهندي إلى تميّزه، وتدفعهم للبحث عن "قبر الرمل" أو غيرها، للتعرّف إليه عن كثب.
ترجمات ريم داوود الصادرة عن دار العربي للنشر
الهند معروفة بتعدد لغاتها الرسمية.. هل يشكل هذا التعدد اللغوي أزمة بالنسبة للمترجمين؟
- في الهند 22 لغة رسمية، منها: المالايالام والتاميل والأوردو والكشميري والبنجابي والهندي والماراتي.. لكن ذلك لا يشكّل عائقًا أمام المترجمين للغات الأخرى، لأن الكثير من الأعمال الأدبية مكتوبة باللغة الإنجليزية أصلًا، مثل مؤلّفات "جومبا لاهيري" و"روبا باجوا" و"راسكين بوند"، أو أنها مترجمة للغة إنجليزية ممتازة وصحيحة تمامًا، مثلما حدث في "مقبرة الرمل"، حيث أشاد المحكّمون والنقّاد بترجمة "ديزي روكويل"، التي نالت الجائزة مناصفةً مع المؤلفة "جيتانجالي شري". هناك مؤلّفين تولّوا ترجمة أعمالهم، بأنفسهم، مثل الكاتب الراحل "شمس الدين فاروقي" الذي كان يكتب بالأوردية. هو من ترجم روايته "مرآة الجمال" من الأوردية للإنجليزية.
هل ترين أن الأدب الهندي في العالم العربى يحظى بما يستحقه من حيث الدارسة؟
- لا أعتقد أن الأدب الهندي يحظى بما يستحقّه في الدول العربية عمومًا. إنه أدب شديد الثراء، كما قلت سابقًا، ويستحق الاهتمام بترجمته وقراءته. سعدت بترجمة أكثر من رواية وقصّة قصيرة، لكتّاب مختلفين، واستمتعت بذلك جدًّا، في كل مرة. قرأت أعمالًا تمنّيت ترجمتها، لكنني ـ للأسف ـ لم أجد حماسًا من الناشرين. أظن أن الاهتمام حاليًا منصبّ على أعمال أمريكا اللاتينية، وهو اهتمام مُستَحَق، دون شكّ، لكن لا ينبغي الاهتمام به وحده على حساب الإصدارات الأدبية من الدول الأخرى، الآسيوية والأفريقية.
العلاقة بين القارئ المصرى والهندي.. كيف ترينها؟
- لا أستطيع الحديث عن العلاقة بين القارئ المصري والهندي، لأنني لا أعتقد أن حركة الترجمة بين البلدين تتيح للقرّاء الاطّلاع الكافي على الإنتاج الأدبي للمكانين؛ لكنني سأتحدّث بشكل شخصي، لأقول أنني زرت الهندة عدّة مرّات، وذهبت في كل مرّة لمناطق وولايات مختلفة، تنقّلت بين معظمها بالطرق البرّية، وهو ما أتاح لي التعامل مع الناس، ومشاهدة مظاهر الحياة المختلفة عن كثب، وزيارة المساجد والكنائس والمعابد والأسواق الشعبية والمكتبات والمطاعم والمتاجر القديمة التي لا تزال تتعامل بطريقة الـ"بون" والدفع في جهة، ثم استلام المشتروات من جهة أخرى، كما كان يحدث في محلّات القطاع العام هنا.. ويمكنني القول بأن الفروقات في طبيعة الحياة وطبيعة البشر بين الهند ومصر طفيفة للغاية.
المترجمة ريم داوود
شهرة الأفلام الهندية .. أفادت أم أضرت الرواية الهندية؟
- في السنوات الأخيرة هناك أعمال سينمائية جادّة وجيّدة قائمة على أعمال أدبية، منها مؤلّفات هندية لـ"آر. كيه. نارايان" و"راسكن بوند" و"آمريتا بريتام"، وأخرى عالمية (وبخاصّة مسرحيات شكسبير). لا أظن أن الأفلام التجارية الخفيفة، تؤثّر على القارئ الحقيقي. أظن أنه يتعامل معها في إطارها الصحيح، وهو التسلية. هناك مؤّلفين يجمعون بين كتابة الرواية وكتابة السيناريوهات السينمائية والتلفزيونية، مثل "عبدالله خان" صاحب رواية Patna’s Blues التي تُرجمت في نسختها العربية إلى "أحزان هندية".
من هم أشهر الأدباء الكبار والشباب الذين يستحقون من القارئ العربى أن يتعرف عليهم؟
- شخصيًا، أحبّ أعمال "آر. كيه. نارايان" جدًّا.. هو المفضّل بالنسبة لي، وفي رأيي فإن جميع أعماله تستحق أن يتعرّف إليها القارئ العربي. أحبّ كذلك مؤلّفات الكاتبة والفنّانة التشكيلية "بُلبُل شارما"، وأجدها متميزة. تعجبني أيضًا روايات "تشيترا ديفاكاروني" و"آنيتا نير" و"جومبا لاهيري".
رواية قبر الرمل الفائزة بجائزة البوكر الدولية 2022
إذا أردنا أن نحصر قضايا الأدب الهندى.. فما هى أبرزها؟
- في الأعمال القديمة نسبيًا، أو التي تستعيد الماضي، هناك دائمًا موضوع الوطنية وانفصال باكستان عن الهند وما رافقه من أحداث عنيفة ودموية، حتى لو كان ذلك بشكل خفيّ، في الخلفية. السعي للحُرّية، والتحرّر من قبضة التحكمات والقوانين المجتمعية. الصراع بين الريف والمدينة. حاليًا، هناك اهتمام أكبر بالصراع بين القيم الشرقية والغربية. تناولت بعض الأعمال العلاقات العاطفية بين أشخاص من طبقات أو أديان مختلفة، والعلاقات المثلية.