تدخل الحرب فى أوكرانيا شهرها الرابع، من دون أفق لحل قريب، ويدفع العالم ثمنا باهظا لـ«صراع نفوذ»، يسعى كل طرف لحسمه باتجاه مصالحه.
وحسب تقرير «وول ستريت جورنال»، فإنه لا يبدو أن هناك أفقا للأزمة، وحذر مسؤولون بالأمم المتحدة، من أن الحرب التى طال أمدها فى أوكرانيا، تهدد بأزمة جوع فى البلاد وحول العالم، الولايات المتحدة تحمل روسيا المسؤولية عن الأزمة، وتتهمها بأنها تمنع تصدير القمح من الموانئ الأوكرانية.
الرئيس الأمريكى جو بايدن، اعتبر أن العمليات العسكرية التى أطلقتها روسيا فى أوكرانيا المجاورة تسببت بارتفاع الأسعار، وأن شحنات الحبوب من البلاد توقفت جراء الحرب.
وشدد «بايدن» على أن أوكرانيا لم تتمكن من نقل حبوبها إلى دول العالم بسبب الحرب، وأنه يعمل مع الشركاء الأوروبيين من أجل أن تخرج الحبوب المخزنة فى أوكرانيا إلى الأسواق العالمية وتنخفض أسعارها.
يرد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، بأن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بطبع الأوراق المالية، أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء حول العالم، وقال إن أزمة الغذاء العالمية الحالية تطورت مع وباء كورونا قبل فترة طويلة من بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا.
واعتبر الرئيس الروسى أن ارتفاع أسعار الأسمدة، لا علاقة له بالعمليات العسكرية الروسية فى أوكرانيا، بوتين قال إن روسيا مستعدة للمساعدة فى خروج سفن القمح من الموانئ الأوكرانية، عن طريق موانئ أوكرانيا أو من البحر الأسود، أو عن طريق بيلاروسيا، لكنه ألمح إلى أن هذا الطريق يتطلب رفع العقوبات الغربية عن روسيا.
فى المقابل، فإن الغرب يرى أن الخطاب الروسى «دعائى»، بينما الواقع أن العمليات العسكرية هى التى أدت إلى وقف تصدير القمح والزيوت، وأن روسيا تستخدم الأسمدة للضغط على دول أوروبا.
وعلى صعيد الحل، فإن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قال لوسائل إعلام فرنسية، إن بوتين ارتكب خطأ تاريخيا بالحرب فى أوكرانيا، لكن «ماكرون» قال: «أعتقد أن باريس ستلعب دور الوساطة لإنهاء الصراع فى أوكرانيا، ومن الأهمية بمكان ألا تتعرض روسيا للإهانة حتى يتسنى إيجاد حل دبلوماسى عندما يتوقف القتال فى أوكرانيا».
هذه ليست المرة الأولى التى يحاول فيها الرئيس الفرنسى الحديث عن الوساطة، وهو أكثر قادة أوروبا اتصالا بالرئيس الروسى، وقدره هو شخصيا بحوالى 100 ساعة من الاتصالات.
لكن كل هذا لا يشير إلى اقتراب التوصل إلى حل، بل إن خبراء ومحللين يعتقدون احتمالية أن يظل الصراع طويلا، ويدخل إلى حيز النزاعات التائهة، والتى تستغرق وقتا وجهدا، وفى هذه الحالة فإن الاوضاع الاقتصادية فى العالم تزداد سوءا وتنبئ بنتائج مضاعفة، وربما تتضاعف أثمان هذه الحرب بشكل كبير، خاصة على الدول التى ليست لديها خيارات غير الاعتماد على القمح الأوكرانى والروسى.
والأمر ذاته فى أسواق الطاقة، حيث تتزايد الأخطار مع نهايات فصل الصيف، خاصة فى الدول التى تعتمد على الغاز الروسى فى أوروبا، بعد أن اتخذت موسكو إجراءات لمعاقبة الدول التى تشارك فى العقوبات ضدها، فى محاولة لفتح ثغرات داخل التحالف الأوروبى ومحاولة خلخلة هذا التحالف استنادا إلى تأثيرات الاقتصاد فى دوائر العالم الكبرى.
كل هذه الأجواء تشير إلى أن العالم أمام صراع سيطول، وهو صراع يختلف عن السابق، وحتى عن أجواء الحرب الباردة، لا تحسمه التهديدات المتبادلة والردع، لكنه صراع يمتد إلى كل آفاق الاقتصاد، وتبادل الضغوط والحصار والمنع والتقليل، موسكو تحاول إرسال رسائل طمأنة بأنها ليست مسؤولة عن الأزمة، وأنها تواجه العقوبات والحصار، بل إنها تعتبر الأمر «رد فعل»، فى المقابل يراهن الرئيس الروسى على الوقت ولعبة عض الأصابع لتحقيق اهدافه بالاقتصاد، والتى ربما لم يحققها عسكريا.
وفى هذا الوضع المعقد، فإن كل دولة تحاول بناء قدراتها على التعامل مع أزمة غير مسبوقة، من خلال برامج وخطط للتوسع فى مجالات الإنتاج الصناعى والزراعة، بما يولد قيمة وفرص عمل والسعى لبناء أكبر قدر من الاكتفاء الذاتى، وضغط الإنفاق بالشكل الذى يقلل من الاعتماد على الخارج، خاصة أنها أزمة تضغط على العالم كله، وتبدو بلا أفق قريب للحل.
اليوم السابع