أربعة أشهر فقط تفصل الرئيس الأمريكى جو بايدن عن أقوى اختبار لرئاسته، والذى يتمثل فى إجراء الانتخابات النصفية التى ستحدد لمن سيكون السيطرة على الكونجرس بمجلسيه أو أحدهما فى العامين المتبقيين من فترته الرئاسية.
وتشير كافة التقارير إلى أن هذا الاختبار سيكون صعبا بكل تأكيد فى ظل تحليل بيانات أجرتها وكالة أسوسيتدبرس كشف أن أكثر من مليون ناخب فى 43 ولاية قد تحولوا إلى الحزب الجمهورى على مدار العام الماضى.
وفقد أظهر استطلاع أجراه مؤخرا معهد جالوب استياء الأمريكيين من وضع الولايات المتحدة، بما يشير إلى أن جو بايدن والديمقراطيين يستعدون للانتخابات النصفية الأكثر صعوبة منذ 48 عاما.
ووجد جالوب أن مزاج الأمة الأمريكية أسوأ مما كان عليه فى أى انتخابات نصفية منذ عام 1974، فى العام الذى استقال فيه ريتشارد نيكسون من الرئاسة أعقاب فضيحة ووتر جيت. ووفقا للاستطلاع، فإن 13% من الأمريكيين فقط يشعرون بالرضا من اتجاه الولايات المتحدة، بينما يوافق 16% على أداء الكونجرس. والآن، يشعر 87% من الأمريكيين بالاستياء من مسار البلاد، بينما يعترض 82% على الكونجرس.
ووقفت نسبة الموافقة على أداء جو بايدن عند 41% فى يونيو، ولم تتغير منذ مايو. وتقف نسبة رفض بايدن الآن عند 57%، بينما قال 3% من المشاركين فى الاستطلاع إنهم ليس لديهم رأى.
وتعكس هذه الأرقام السلبية المأزق الذى يواجهه بايدن فى عدد من التحديات والقضايا
أول هذه القضايا التضخم والوضع الاقتصادى العام، حيث بلغ التضخم مستويات قياسية غير مسبوقة منذ عقود فى الولايات المتحدة. وارتفعت الأسعار فى الولايات المتحدة الشهر الماضى أسرع من المتوقع، حيث دفع ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء التضخم إلى أعلى معدل له منذ عام 1981. وقالت وزارة العمل إن معدل التضخم السنوى ارتفع إلى 8.6 فى المائة فى مايو الماضى، بعد أن تراجع فى أبريل.
كما أشارت تقارير إلى أن الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يتجه نجو زيادة أخرى فى سعر الفائدة بمقدار 0.75 فى وقت لاحق هذا الشهر، حتى مع ظهور علامات مبكرة على التباطؤ الاقتصادى وتزايد مخاوف الركود، وذلك فى ظل سعيه إلى خنق التضخم السريع قبل أن يصبح سمة دائمة للاقتصاد الأمريكى.
وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز فى تقرير لها الأسبوع الماضى أن البيانات الاقتصادية تشير إلى أن الولايات المتحدة متجهة نحو طريق صعب، فقد تراجعت ثقة المستهلك، ويمكن أن يسجل الاقتصاد ربعين متتالين من النمو السلبى، وتراجعت طلبيات المصانع الجديدة وانخفضت أسعار سلع النفط والغاز بشكل حاد هذا الأسبوع مع مخاوف المستثمرين من الانكماش الوشيك.
وبما أن الاقتصاد هو القضية الأكثر تأثيرا على الناخب الأمريكى، فإن تداعيات هذا الوضع تهدد بأن تلقى بظلالها على فرص الديمقراطيين فى نوفمبر المقبل، سواء فى الاحتفاظ بأغلبيتهم الضئيلة فى مجلسى الشيوخ أو النواب، أو فى عدد من مناصب حكام الولايات التى ينافسون عليها
القضية الثانية تتعلق بالإجهاض. حيث جاء قرار المحكمة العليا الأخير الذى ألغى حق الإجهاض على المستوى الفيدرالى ليضع بايدن فى مأزق، بالرغم من أنه منحه أيضا هو الديمقراطيين فرصة للمناورة فى الحملات الانتخابية ومهاجمة المحافظين والجمهوريين.
وفى الأيام التى تلت الحكم، وفى ظل الفوضى الذى أحدثه من إسراع ولايات إلى فرض تطبيبق الظر وإلغاء الوصول إلى خدمات الإجهاض، واجه بايدن انتقادات لبطء تحرك إدارته والديمقراطيين فى الكونجرس من أجل تحويل حقوق الإجهاض إلى قانون.
شبكة فوكس نيوز نشرت تقريرا قالت فيه إن بايدن كان يعلم منذ شهرين بأن المحكمة العليا كانت على الأرجح متجهة لإلغاء حق الإجهاض على المستوى الفيدرالى، بعد نشر تسريبات صحفية، لكن الرئيس لم يعلن عن "خطة رد" لتخفيف تأثير حكم المحكمة العليا. وقال أنه سيحارب أى محاولة لمنع النساء من السفر إلى الدول التى يظل الإجهاض فيها قانونيًا وسيحمى وصول النساء إلى حبوب الإجهاض التى وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء قبل 20 عامًا. بينما تحدثت صحيفة "واشنطن بوست "عن تزايد إحباط الديمقراطيين والنشطاء وأعضاء الكونجرس، الذين يرون أن التعامل مع حكم المحكمة العليا فى قضية الإجهاض لم يكن كافيا.
ومن القضايا المؤرقة لبايدن أيضا فى موسم الانتخابات ارتفاع معدل الجريمة وحوادث إطلاق النار، والتى كان آخرها يوم عيد الاستقلال الذى استهدف موكب للمحتملين وأدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 30 آخرين على الأقل. بايدن علق على الحادث وقال علم أن الأمر يمكن أن يكون مرهقا ومقلقا، لكننا سنجتاز كل هذا"، مضيفا بنبرة متفائلة "إتها دعوة لأمريكا للمضى قدما بجرأة وبدون خوف".
لكن تفاؤل بايدن لا يجد صدى كبير فى أرض الواقع، فتفشى وباء إطلاق النار، والذى يطال كل شىء بدءا من الشوارع حتى المدارس والمستشفيات، يزيد سخط الأمريكيين، فى ظل عجز الديمقراطيين عن الدفع بقوانين قوية عبر الكونجرس. وكان النجاح الذى تم الاحتفاء به فى الأسابيع الأخيرة فى هذا الشأن هو تمرير تشريع يفرض قيودا على مشترى السلاح برفع سن المشترى إلى 21 عاما وتشديد فحص الخلفية وتفعيل قوانين الإشعار الأحمر لحظر الأسلحة عن الأشخاص الخطيرين. لكن كتير من المراقبين يرون أنه ليس كافيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة