وقال السفير خالد جلال- في حوار أجراه علي حسن رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط- إن ألمانيا شريك وثيق لمصر في مجالات كثيرة ومتعددة ومتشعبة تكاد تغطي كافة أوجه ومجالات التعاون، موضحا أن التعاون التجاري بين البلدين يبلغ 6 مليارات يورو سنويا استيرادا أو تصديرا، بالإضافة لوجود ثلاثة آلاف شركة ألمانية سواء عاملة في مصر بالفغل أو لها أفرع فيها أو مكاتب تمثيل.
وأضاف أن التعاون العلمي والتعليمي والثقافي بين البلدين على مستوى رفيع من الأداء، حيث لا توجد دولة أخرى في العالم لها هذا القدر من العمق في التعامل مع المانيا مثل علاقاتها مع مصر، مشيرا إلى أن مصر تستحوذ على 40% من ميزانية التعاون العلمي والثقافي لألمانيا خارج حدودها.
وأشار إلى أنه من أبرز أوجه التعاون المشترك مشروع شركة "سيمنز" لبناء خطوط القطار السريع، والذي تبلغ تكلفته 8 مليارات يورو، وهو المشروع الذي اعتبرته الحكومة الألمانية مشروعا استراتيجيا للدولة الألمانية، وبالتالي كانت حريصة على دعمه وتقديم كافة التسهيلات لإنجازه، مضيفا أنه قبل ذلك قامت شركة "سيمنز" بإنشاء ثلاث محطات لتوليد الكهرباء أحدثت نقلة نوعية في إنتاج الكهرباء في مصر، وأصبح لدينا فائض من إنتاجها وباتت متوفرة لخدمة أهداف التنمية.
وأكد أن المشروعات الألمانية الضخمة التي تقام على أرض مصر تحظى بدعم استراتيجى كامل من الدولة الألمانية بكافة أجهزتها وتساهم بصورة إيجابية وفعالة في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر، وهو ما جعل من ألمانيا شريكا في التنمية وبناء المستقبل وليست شريكا تجاريا فقط.
وقال سفير مصر لدى ألمانيا، إن هناك تنسيقا وتشاورا أساسيا بين البلدين في الأمور السياسية المتعددة، حيث يعملان سويا عن قرب نحو الدفع قدما بعملية السلام في الشرق الأوسط وإحلاله وبناء أسس الدولة الليبية والعمل سويا والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إلى جانب أن هناك تفهما ألمانيا لاحتياجات مصر لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة تموج بالعديد من بؤر عدم الاستقرار.
وأشار إلى أن ألمانيا تحرص على دعم مصر كمركز إقليمي للطاقة في شرق المتوسط، خاصة في ضوء التطورات الجارية في الحرب الروسية الأوكرانية وانكشاف خطوط إمدادات الطاقة الأوروبية الواردة من روسيا، وبالتالي أصبح هناك حديث بين مصر وألمانيا بالتعاون في مجال الغاز الطبيعي لسد الاحتياجات الألمانية العاجلة.
ولفت إلى أن البلدين يتعاونان في استشراق آفاق جديدة للطاقة المتجددة مثل الهيدروجين الأخضر وتحويل مصر لمركز لإنتاجه وتصديره إلى ألمانيا وأوروبا، وكذلك تعميق الشراكة في مجال الطاقة بصفة عامة لسد احتياجات ألمانيا، موضحا أن الشراكة بين الجانبين في هذا المجال وإنتاج الهيدروجين الأخضر هو أمر يتعلق بتعميق البحث العلمي والاستثمار والتعاون التكنولوجي، وهو ما يعد تطبيقا عمليا لتنوع الشراكة التي تتبعها الدولتان في علاقتهما.
وأضاف أن زيارة الرئيس السيسي لألمانيا تكتسب أهمية دولية، حيث يترأس بصورة مشتركة مع المستشار الألماني أولاف شولتس لحوار "بترسبرج للمناخ" وهي اجتماعات سنوية تعقدها ألمانيا للدولة التي تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، والذي ستستضيفه مصر هذا العام في نوفمبر القادم بشرم الشيخ.
وأشار إلى أن هذا الحوار سيكون فرصة لأن يطرح الرئيس السيسي رؤية مصر لقضايا تغير المناخ وطرح الشواغل والهموم الإفريقية في هذا المحفل الدولي واحتياجات القارة الإفريقية من التمويل والتكنولوجيا وكافة المتطابات اللازمة للوصول إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس لتغير المناخ.
وتابع السفير خالد جلال، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وألمانيا هي علاقات شراكة عميقة تتوافق وتتطابق مع رؤية مصر وفلسفتها الرامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الشامل.
وأوضح أن مشروع القطار الكهربائي السريع ليس مجرد نقل فقط إنما الأهم من ذلك أنه يربط نقاطا عمرانية كانت غير متصلة من قبل، حيث تقع في مناطق غير مأهولة وأصبحت الآن تشهد تعميرا وتنمية في مجتمعات جديدة على أحدث طراز عالمي، وهو ما استلزم وجود مشروعات نقل خضراء تربط بين تلك المناطق الجديدة.
ولفت إلى أن المتغيرات الدولية في ظل جائحة كورونا برهنت للعديد من الدول الصناعية عدم إمكانية استمرار الاعتماد على التصنيع في مناطق بعيدة جغرافيا عنها، مشيرا إلى أن هناك مشاورات مع الجانب الألماني لأهمية الاستفادة من المنطقة الاقتصادية حول قناة السويس؛ نظرا لقربها من أوروبا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة لكي تصبح هذه المنطقة هي البديل الحقيقي لتصنيع مستلزمات الإنتاج سواء لألمانيا أو غيرها في تلك المنطقة، بحيث يتم نقل المصانع الألمانية من شرق آسيا والمناطق البعيدة إليها لتكون أكثر قربا لألمانيا عبر قناة السويس.
وأكد على وجود برنامج رفيع المستوى للتعاون الفني بين البلدين في حدود 160 مليون يورو سنويا توجه لتنفيذ مشروعات تنموية في مصر في مجالات المياه والصرف الصحي والتعليم، منوها بوجود تركيز شديد من الجانب الألماني على النهوض بالتعليم الفني بمصر، حيث يجرى حاليا تنفيذ مشروع لإعادة تأهيل المعاهد الزراعية في مصر للتدريب على السبل الحديثة للزراعة والإرشاد الزراعي، إلى جانب وجود ذات الأهمية في الحرص على تطوير التعليم الصناعي سواء في المدارس أو المعاهد الصناعية.
وأكمل أن ألمانيا تدرك أن عملية التنمية الشاملة التي تتحقق على أرض مصر هي ضرورة لتحقيق الاستقرار في ربوع مصر، لاسيما في ظل ظروف عدم الاستقرار السائد في المنطقة، موضحا أنهم يدركون أن مصر تمثل وجهة للاستقرار في هذه المنطقة من العالم، وأنهم يتفهمون تماما لضرورة نجاح التجربة المصرية في تحقيق التنمية، ويعبرون عن إعجابهم الشديد لسرعة الإنجاز وطموح الفكر الحاكم لعملية التنمية في مصر.
وقال السفير خالد جلال، إن الصادرات والواردات بين مصر وألمانيا تشهد تناميا متواصلا، موضحا أنه من أبرز الصادرات المصرية مواد بترولية ومنسوجات وغزول قطنية ومفروشات منزلية وكابلات كهربائية ومعادن، بينما تستورد مصر من ألمانيا الآلات والمعدات الكهربائية ومنتجات معدنية وبلاستيكية ومطاط ومنتجاته ومواد كيماوية وسيارات وغيرها.
وأشار إلى أن الاستثمارات الألمانية في مصر تبلغ 2.9 مليار يورو في مجالات الصناعة والمجالات الزراعية والخدمية والإنشاءات، لافتا إلى تطلع أعداد كبيرة من راغبي السياحة الألمانية إلى زيارة مصر يدعمهم مشاعر إعجابهم الكبير بالحضارة المصرية القديمة وتطلعهم لمعرفة آثارها ومشاهدتها عن قرب.
وأضاف أن الألمان يقدرون ويثمنون التزام مصر بمكافحة الهجرة غير الشرعية، ومدركين أن مصر تحسن استضافة اللاجئين على أراضيها ولا تطالب بأثمان لمواجهة الأعباء المترتبة على استضافتها لهؤلاء اللاجئين سواء العرب أم الأفارقة، وهو ما يعطي مصر مركزا متميزا عن الحديث في هذا المجال.
وأوضح سفير مصر لدى ألمانيا، أن تعزيز الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي يلعب دورا إيجابيا في قيام ألمانيا بدور إيجابي باعتبارها المحرك الاقتصادي الرئيسي للاتحاد الأوروبي في دعم علاقات مصر مع دول الاتحاد في مجمله والتعاون والتشاور معه في القضايا السياسية والاقتصادية والتنموية ذات الاهتمام المشترك، موضحا أن ذلك تجلى في العديد من المواقف، والتي من بينها زيارة شخصيات كبيرة من الاتحاد الأوروبي لمصر، إلى جانب أن مصر تتفاوض على الانتهاء من اتفاق المشاركة الجديد مع الاتحاد الأوروبي، والمأمول توقيعة فب غضون الفترة المقبلة، منوها بأن لألمانيا دورا إيجابيا وفعالا في التأثير على الاتحاد الأوروبي ومؤسساته فيما يتعلق بالشراكة مع مصر.
وأكد أنه منذ أن تم الإعلان عن استضافة مصر لقمة التغيرات المناخية بشرم الشيخ في نوفمبر المقبل بدأ الجانبان المصري والألماني سلسلة من المناقشات حول مخرجات المؤتمر، وكيفية دعم مصر في الخروج بالنتائج المرجوة منه، وتقديم الدعم لفريق التفاوض المصري وللجهات المختصة المعنية بالمؤتمر، مشيرا إلى أن المبعوثة الخاصة بالمناخ جينيفر مورجان قامت بزيارة لمصر مرتين على رأس الفريق المعني بتغيير المناخ في الخارجية الألمانية.
وتابع أنه يجرى حاليا التشاور بين الجانبين على تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى في مصر للتكيف مع تغيير المناخ؛ بمناسبة انعقاد المؤتمر على أراضيها بشرم الشيخ، حيث تقوم الشركات الألمانية بعرض تقديم المساندة لمصر في إقامة فعاليات جانبية على هامش المؤتمر للمشاركيين فيه.
ولفت إلى أن مكونا رئيسيا من الحكومة الألمانية الحالية "حزب الخضر" معروف عنه اهتمامه بالبيئة والمناخ، حتى أن وزيرة الخارجية المنتمية للحزب قررت أن تأخذ مسئولية البيئة والعمل البيئي من وزارة الاقتصاد وألحقتها بوزارة الخارجية وعينت مبعوثا خاصا لها للتغيرات المناخية.