تستمر حرائق الغابات لليوم الخامس على التوالى فى المغرب، تلك الحرائق التى ساعد على أشتعالها بغابات المغرب درجات الحرارة المرتفعة التى اقتربت من 47 درجة مئوية، والرياح العنيفة، حيث يتعرض المغرب لموجة حارة فى وقت تعانى البلاد جفافا استثنائيا وإجهادا مائيا.
فيما واصلت أجهزة الإطفاء المغربية مدعومة بمزيد من التعزيزات، مكافحة الحرائق خاصة تلك التى تجتاح مناطق حرجية نائية شمالى المملكة، وطالب عدد من المتضريين بصرف تعويضات عما لحق بهم من خسائر.
مطالب بتعويضات
ولم تنجح التدخلات التى قامت بها السلطات لتفادى وقوع خسائر مادية، نظراً لصعوبة التضاريس وهبوب رياح الشركى التى كانت عاملا مسرعا لانتشار ألسنة اللهب.
وأثار عدد من المواطنين فى المناطق المتضررة من هذه الحرائق مطالب بتعويضهم عما خسروه، خصوصا أن عددا منهم خسر محاصيله وماشيته ومسكنه، وبات لا يملك شيئا.
وفى إقليم تازة حيث أتت النيران على مساحة شاسعة من الغابة نواحى إقليم الصميعة، يناقش عدد من أبناء المنطقة ضرورة تفعيل القانون 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية.وفق"هيسبريس".
وأفاد عدد من المواطنين فى المناطق المتضررة بإقليم تازة بأن هناك تحركا من طرف السكان من أجل الترافع لإصدار قرار يعتبر الحريق الغابوى واقعة كارثية لتعويض المتضررين منه.
ووضع المغرب سنة 2016 نظاما لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، هذه الأخيرة يعرفها القانون رقم 110.14 بكونها كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة فى المغرب يرجع السبب الحاسم فيه إلى أن فعل القوة غير العادية لعامل طبيعى أو إلى الفعل العنيف للإنسان.
ويشكل عامل القوة غير العادية لعامل طبيعى واقعة كارثية إذا توفرت فيه شروط الفجائية وعدم إمكانية التوقع، وفى حالة إمكانية توقع الحادث يشترط ألّا تمكن التدابير الاعتيادية المتخذة من تفادى الحادث أو تعذر اتخاذ هذه التدابير، وأن تشكل آثاره المدمرة خطورة شديدة بالنسبة للعموم.
وتنص المادة 6 من القانون سالف الذكر على أن الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية يتم بموجب قرار إدارى يتخذ بعد استطلاع رأى لجنة تتبع الوقائع الكارثية، وينشر فى الجريدة الرسمية، يحدد المناطق المنكوبة وتاريخ ومدة الواقعة الكارثية.
ويترتب عن نشر القرار الإدارى المتعلق بالواقعة الكارثية عملية تقييد الضحايا فى سجل التعداد ومنح التعويضات من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية.
ويغطى نظام التغطية ضد الوقائع الكارثية الأشخاص المتوفرين على التأمين؛ حيث يمكن طلب التعويض لدى شركة التأمين المشتركين فيها، أما بالنسبة للمواطنين الذين لا يتوفرون على تأمين، فيمكن ذلك بطلب موجه إلى صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية.
وبموجب القانون، إذا تعلق بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى عامل طبيعى، فإن السقف الإجمالى للتعويض لها سيكون فى حدود 3 مليارات درهم. وإذا تعلق الأمر بواقعة كارثية فيها السبب إلى الفعل العنيف للإنسان، فتعويضها الإجمالى لن يتجاوز 300 مليون درهم.
وإذا كانت المقتضيات سالفة الذكر تمكن من اعتبار الحريق الغابوى واقعة كارثية لتعويض المتضررين منه، فإن قرارا صادرا عن وزارة الاقتصاد والمالية سنة 2019 حدد الوقائع الكارثية فى ستة أشكال: الزلزال، الفيضان، ارتفاع مستوى المياه، ارتفاع المد البحرى (تسونامي)، فعل إرهابى، فتن أو اضطرابات شعبية، وهو ما يطرح مدى إمكانية تطبيق هذا القانون على الحرائق.
خلال السنة الماضية، أتت النيران على آلاف أشجار النخيل ورؤوس من الماشية فى الجنوب الشرقى، كما عرفت مناطق عدة حرائق متعددة خلال السنوات التى تلت دخول قانون التعويض عن الوقائع الكارثية حيز التنفيذ، لكن لم يحدث أن تم الإعلان بقرار رسمى عن واقعة كارثية لمباشرة تعويض المتضررين.
عدد من الأساتذة الجامعيين بالمغرب المتخصصين فى القانون أفادوا، بأن تعريف الواقعة الكارثية فى المادة 6 من القانون 110.14 ينطبق على الحرائق، حيث يتوفر فيها شرط الفجائية وعدم إمكانية التوقع وعدم إمكانية اتخاذ التدابير لتفادى الحادث، وأوضحوا أن تحديد ستة أشكال من هذه الوقائع يبقى على سبيل المثال، ويمكن للحكومة الاعتماد على التعريف العام لاعتبار الحريق واقعة كارثية موجبة للتعويض.
أكثر الأقاليم تضررا
وفى إقليم العرائش حيث رصدت بؤرة حريق كبيرة وسجلت وفاة شخص، تضرر نحو 4660 هكتارا، طالت ألسنة النيران النصف منها تقريبا. وفق"فرانس برس".
دمرت الحرائق مئات الهكتارات من أراضى الغابات فى أقاليم وزان وتطوان وتازة المجاورة، وتأججت النيران بسبب درجات حرارة مرتفعة جدا تقترب من 45، وزادتها الرياح العنيفة.
وفى محاولة لوقف اتساع رقعة الحرائق، تنفذ 4 طائرات من نوع "كانادير" تابعة للقوات الجوية و4 طائرات أخرى من نوع "توربو ثراش"، طلعات جوية، توازيا مع انتشار مئات من رجال الإطفاء والدفاع المدنى والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية وأعوان الإنعاش الوطنى والمتطوعين.وفق سكاى نيوز.
إجلاء الأسر
وتستمر عمليات إجلاء الأسر المتضررة مناولها جراء الحرائق، فحتى الآن تم إجلاء 1325 أسرة موزعة على 19 قرية، وانتشرت تعزيزات إضافية من الجيش ورجال الإطفاء منذ الجمعة، لا سيما فى القصر الكبير، وهى إحدى أكثر المناطق عرضة للخطر ويصعب الوصول إليها.
فى صيف كل عام يسجل المغرب حصيلة ثقيلة من حرائق الغابات، لكن هذه السنة تعيش المملكة حالة استثنائية بسبب ارتفاع غير مسبوق فى درجة الحرارة، التى قاربت الـ 50 درجة مئوية.
ومع هذا الارتفاع فى درجة الحرارة، اندلعت حرائق مهولة، فى عدد من غابات مدن شمال وشرق المغرب، تسببت فى خسائر مادية جسيمة، تمثلت فى القضاء على الغطاء النباتى ونفوق الحيوانات والطيور والمواشى، بالإضافة إلى فقدان السكان المجاورين لتلك الغابات لممتلكاتهم ومنازلهم.
حرائق متفرقة
وطلبت مدن وزان والعرائش والقصر الكبير (شمال) ومدينة تارة (شرق) الاستعانة بطائرات "كنادير" التابعة للقوات الملكية الجوية، بعد أن تطلبت السيطرة على ألسنة اللهب وقتا طويلا وآليات حديثة.
وعاش سكان إقليم (بلدية) وزان، حالة من القلق والرعب بسبب اندلاع حريق بغابة امزيز الواقعة بين جماعة (بلديتي) زومى ومقريصات، حيث استغرق إخمادها ساعات طويلة.
ومن جهة أخرى، من مضيق جبل طارق، تشتعل الحرائق جنوبى أوروبا، من البرتغال إلى اليونان مرورا بإسبانيا وفرنسا، ودمرت الحرائق منطقة جيروند الفرنسية، حيث أُجلى أكثر من 12 ألف شخص، وفى جنوب إسبانيا، بالقرب من كوستا ديل سول، اُضطر حوالى 2300 شخص إلى الهرب من الحرائق المنتشرة فى تلال ميخاس.