أدرج الجهاز القومى للتنسيق الحضارى الذى يعمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصرى، اسم الزعيم الراحل محمد فريد فى مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات الهامة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسمائهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصرىواليوم نستعرض شخصية "محمد فريد بك" والذى له شارع يحمل اسمه بالقاهرة.
ولد محمد فريد بمدينة القاهرة يوم الإثنين 20 يناير 1868م، وكان والده أحمد فريد باشا ناظراً للدائرة السنية سنة 1886م، وقد ألحقه والده بمدرسة خليل أغا الابتدائية عام 1875م، ثم التحق بمدرسة الحقوق عام 1882م، ونال منها شهادة الحقوق في مايو 1887م.
بعد أن تخرج محمد فريد عين في مايو 1887، عين مترجماً بقلم قضايا الدائرة السنية، وفى يونية 1888م رقى وكيلاً لهذا القلم، وفى يولية عام 1891م رقي رئيساً للقلم، ثم نقل إلى النيابة العمومية بوظيفة مساعد نيابة من الدرجة الثانية، ورقى وكيل نيابة من الدرجة الثالثة سنة 1893م، وفى مايو عام 1895م نقل وكيلاً بنيابة الاستئناف، وتفتحت أمامه أبواب التدرج إلى كبرى مناصب الدولة، لولا ما اعترضه في سبيلها من التطلع إلى الجهاد في سبيل الوطن.
ظهرت ميول محمد فريد الوطنية منذ حصوله على شهادة الحقوق، فاتجهت نفسه أول الأمر إلى خدمة الوطن بالكتابة والتأليف، وقد راسل الصحف منذ تخرجه من مدرسة الحقوق، فكان يكتب سنة 1887م و1888م المقالات في مجلة “الآداب” للشيخ على يوسف. وله إلى جانب ذلك عدة مقالات أكثرها في “المؤيد” ثم في “اللواء”.
وفى نوفمبر 1898 أنشأ مجلة “الموسوعات” بالاشتراك مع الأستاذين أحمد حافظ عوض ومحمود أبى النصر، وهى مجلة علمية نصف شهرية، صدر العدد الأول منها في 15 نوفمبر 1898م، وله فيها عدة مباحث تدل على سعة إطلاعه وميله إلى البحث والتمحيص والإحاطة بالموضوعات التي كان يكتبها.
في يوليو 1896م أرسل اللورد كتشنر سردار الجيش المصري تلغرافاً سرياً من السودان إلى وزير الحربية بالقاهرة يخبره عن وقائع حملته على دنقلة وخسائر قواته، ويشكو من تأخر وصول الإمدادات لمواجهة المقاتلين السودانيين، كما يخبره عن تفشى وباء الكوليرا بين الأهالي. ففوجئت الحكومة- في مصر- بنشر نص البرقية في اليوم التالي بجريدة “المؤيد”، فجرى تحقيق سريع غاضب أسفر عن اتهام “توفيق أفندي كيرلس” الموظف بمكتب تلغراف الأزبكية- الذي تلقى البرقية- لأنه أبلغ أسرارها إلى الجريدة، كما اتهم أيضا “الشيخ على يوسف” صاحب الجريدة بالاشتراك في إفشاء أسرار الدولة، وكان محمد فريد وكيل نيابة الاستئناف، شهد القضية عند نظرها أمام محكمة عابدين، وأظهر بوضوح ميوله الوطنية وتعاطفه مع صاحب ” المؤيد” وجاهر بمعارضته للاحتلال وسياسته. قضى الحكم الابتدائي ببراءة الشيخ على يوسف، وحبس توفيق كيرلس ثلاثة أشهر، ثم برأته محكمة الجنح المستأنفة، فاستشاط رجال الاحتلال غيظًا وسخطًا، وطلبوا من النائب العام نقل قاضى المحكمة إلى مرتبة أقل، وطلبوا أيضا نقل محمد فريد إلى نيابة بني سويف، على أن يكون مقره في مركز مغاغة الذي يبعد كثيراً عن المدينة، فلم يقبل محمد فريد أمر النقل، ورأى فيه تعدياً على استقلال القضاء، كما أنه يحمل إهانة شخصية وتعسفاً ومساساً بالمشاعر الوطنية، فقام بتقديم استقالته من منصبه، وقبلت على الفور فى22 نوفمبر 1896، واشتغل فترة قصيرة بالمحاماة ثم اعتزلها في أواخر عام 1904م ليتفرغ تماماً للعمل والجهاد ضد الاحتلال، وذلك بعد لقائه بالزعيم مصطفى كامل.
وعندما توفي مصطفى كامل في 10 فبراير 1908م أصبح محمد فريد في موقع القيادة الوطنية، وتم انتخابه رئيسًا للحزب الوطني، فكان أول ما فعله محمد فريد هو اقتراح مشروع إقامة تمثال مصطفى كامل، وتجديد الاحتجاج على الاحتلال البريطاني عبر برقية يرسلها الحزب إلى وزير خارجية انجلترا.
كما قام بمطالبة الخديو عباس حلمي الثاني بالدستور، فتلقى توقيعات من أفراد الأمة من العاصمة والأقاليم يؤيدون مطلبه، فثارت سلطات الاحتلال، فكانت هذه المطالبة عاملاً قوياً شاركت بنصيب كبير فى تفتيح الوعي الثوري من جديد لدى المصريين، وشجعهم على تكرار المطالبة بحقوقهم، وإعلان كراهية النفوذ الاستعماري والاستبداد، والتمسك بالمبدأ الذي صار أساس نظام الحكم في مصر، وهو “الأمة مصدر السلطات”.
لافتة محمد فريد