زيارة هامة، قام بها وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، إلى جامعة الدول العربية تحمل فى طياتها ظروف استثنائية يمر بها العالم بأسره، فى ظل الأزمة الأوكرانية، وما يترتب عليها من تداعيات كبيرة، تمتد من قطاع الغذاء إلى الطاقة، وهى الأزمات التى لا تقتصر على منطقة بعينها، وإنما تمتد إلى مختلف مناطق العالم، ناهيك عن الدور الذى باتت تلعبه روسيا فى العديد من ملفات المنطقة، وأزماتها، فى السنوات الأخيرة، مع تراجع الدور الأمريكي، وهو ما يعكس أن حالة من الارتباط باتت واضحة بين روسيا والدول العربية، سواء على المستوى الفردي، فى إطار العلاقات الثنائية، أو جمعيا، عبر جامعة الدول العربية.
ولعل الزخم الذى باتت تحظى به العلاقة بين الجامعة العربية وروسيا، خلال السنوات الأخيرة، تجلى فى الزيارة التى تحمل شقين رئيسيين أولهما المباحثات مع الأمين العام أحمد أبو الغيط، فى إطار التنسيق بينهما لتطوير العلاقة بين الجانبين، بينما يبقى الجزء الأخر، فى الكلمة التى ألقاها لافروف لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، فى رسالة تحمل الكثير من المدلولات، أبرزها قيمة "بيت العرب" باعتباره الإطار الجامع للدول على أساس الهوية، بالإضافة إلى رغبة موسكو فى استقطاب الدول العربية إلى صفها فى إطار الصراع الراهن مع الغرب، على الأراضى الأوكرانية والذى استحوذ على غالبية خطاب لافروف.
ففى كلمته، حرص وزير الخارجية الروسى على توضيح الظروف التى أحاطت بالعملية العسكرية، التى اندلعت فى فبراير الماضي، معتبرا أن بلاده واجهت مخاطر كبيرة، إثر التضييق عليها جغرافيا عبر حلف الناتو، وهو ما يمثل تهديدا صريحا لأمنها، مشددا على أنه لا يمكن لأى منظمة فى أوروبا السيطرة على منظومة الأمن.
وأضاف أن موسكو حاولت عدة مرات لتقديم مشروعات قانونية من شأنها تحقيق الأمن فى المنطقة، إلا أن الغرب رفض كافة المقترحات لتبقى المنظومة الأمنية تحت سيطرة الناتو، مشيرا إلى تجاهل روسيا فى كافة التحركات الغربية فى أوكرانيا، حيث اتخذوا إجراءات قمعية فى المناطق التى تمسك أهلها بخلفيتهم الروسية، مما دفع موسكو إلى الاعتراف باستقلال إقليمى دونيتسك ولوجانسك.
أبو الغيط يستقبل لافروغ
وأضاف أن العمليات مستمرة ولكن لم تغلق موسكو الباب أمام المفاوضات، موضحا أنهم قبلوا التفاوض بعد أيام قليلة من بدء العملية العسكرية، حيث توصلنا لاتفاقات، ولكنهم رفضوا تسجيل ما تم الاتفاق عليه، حيث قصفوا العديد من المناطق التي يسعون لاستعادتها.
وتعد أزمة الغذاء التي يواجهها العالم في المرحلة الراهنة، أحد أهم المسائل التي تثير القلق، خاصة في المنطقة العربية، في ظل الأزمات المتواترة التي تعيشها، منذ عقود طويلة، لذا فكان لافروف حريصا على الحديث عنها، في خطابه إلى "العرب"، حيث حذر مما أسماه "أكاذيب" الغرب في هذا الإطار.
لافروف يصافح السفير حسام زكى
وأضاف: ينبغي أن يتذكر العالم أن أزمة الغذاء لم تبدأ إطلاقا مع اليوم الأول للعمليات العسكرية الروسية، وإنما تعود إلى توقف سلاسل التوريد خلال وباء كورونا، بالإضافة إلى أزمات الجفاف التي ضربت العديد من مناطق العالم، موضحا أن الأزمة تفاقمت مع العملية العسكرية بسبب العقوبات المفروضة على موسكو وعدم الالتزام بالمسارات التي حددتها روسيا منذ اليوم الأول لنقل الحبوب الأوكرانية، حيث قامت أوكرانيا بزراعة الألغام في المسارات الأخرى.
وتابع أن المسارات مفتوحة لنقل الحبوب الأوكرانية، بعد الاتفاقية الموقعة مؤخرا، ولكن تبقى هناك ضرورة ملحة للالتزام بتفتيش الحاويات حتى لا يمكن استغلالها لنقل الأسلحة.
الوفدين العربي والروسى
بينما كانت العلاقة مع الدول العربية أحد أهم محاور الكلمة التي ألقاها لافروف، حيث شدد على أن بلاده على استعداد كامل لمواصلة النقاش مع الأصدقاء العرب، داعيا الى الوثوق بالأمين العام أحمد أبو الغيط، موضحا أنه قادر على توصيل رسالتكم إلى موسكو، معربا في الوقت نفسه عن تقديره للموقف العربي المعتدل من الأزمة الأوكرانية وحرص بلاده على التشاور المستمر مع الدول العربية.
ومن جانبه رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بزيارة لافروف إلى مقر الأمانة العامة، واصفا إياها بـ"المهمة".
محادثات بين الجانبين
وأضاف أبو الغيط، على حسابه بموقع تويتر، أن النقاش امتد إلى العديد من القضايا، من بينها سوريا وفلسطين وأوكرانيا، بالإضافة إلى العلاقة بين موسكو الجامعة العربية.
وكان قد ووصل لافروف إلى مطار القاهرة الدولى مساء السبت، فى زيارة رسمية للبلاد تستغرق 24 ساعة، حيث التقى مع عدد من المسئولين، لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكرى.