إذا كان الشر كان دائما يأتى لمصر من الشرق؛ فإن الخير جاء هذه المرة من الجنوب كالعادة، ومع امتداد شريان الخير المتدفق من نهر النيل، وتحديدا من شرق العوينات قبلة مصر المقبلة؛ لزراعة نحو مليون فدان من المحاصيل الاستراتيجية والأقطان قصيرة التيلة التي تحقق إنتاجية تقارب الإنتاجية العالمية.
ترعرعت زراعات القطن قصير التيلة، وبدأت زهورها في التفتيح على مساحة 1250 فدانا في التجربة الثالثة التي تشرف عليها وتتابعها وزارة قطاع الأعمال العام وبعض الجهات الأخرى، على اعتبارها التجربة الأساسية؛ لبدء تعميم زراعات الأقطان قصيرة التيلة في ربوع مصر، وبالأخص في شرق العوينات وبعض المناطق البعيدة عن وادى النيل والبعيدة عن زراعات القطن طويل التيلة، منعا لاختلاط البذور أو التأثير على القطن المصرى تاج الأقطان في العالم ودرة ثروات مصر الزراعية.
كشفت مصادر لـ"اليوم السابع" أن تجربة العام الحالي ستكون نقطة انطلاق زراعات القطن قصير التيلة والذى يمثل نحو 98% من حجم السوق العالمى وصناعة الملابس ، وبالتالي فإن زراعته تمثل خطوة هامة لمصر ،لتوفير نحو 3 مليارات دولار سنويا واردات أقطان قصيرة ومنسوجات وأقمشة مصنعة من الأقطان القصيرة.
أضافت المصادر انه للعام الثالث على التوالي، تواصل وزارة قطاع الأعمال العام، بالتنسيق مع عدة جهات، زراعة الأقطان قصيرة التيلة شرق العوينات، لا سيما بعد نجاح تجربة العام الماضى، وتحقيق نتائج جيدة جدا على مستوى إنتاجية الأقطان القصيرة التي يتم تجربتها في مصر، لتعميمها فى المناطق البعيدة عن زراعات القطن طويل التيلة.
وحقق الفدان في تجربة العام الماضى نحو 10 قناطير في المتوسط العام للمساحة البالغة نحو 231 فدانا، فيما حققت بعض المساحات نحو 16 قنطارا للفدان، وهو معدل جيد جدا عالميا.
وحول نتائج التجربة الحالية، كشفت مصادر لـ"اليوم السابع"، أنه تمت زراعة نحو 1250 فدانا من الأقطان القصيرة، تحت اشراف ومتابعة الدكتور سعيد عبد التواب الأستاذ بمركز البحوث الزراعية ، حيث جاءت نتائج الزراعة مبشرة للغاية بعد إعادة زراعة مساحة تصل لنحو 170 فدان كانت قد تعرضت لعواصف شمسية ، ونظرا لتوفر البذور تم إعادة زراعتها وأنبتت مع بقية المساحة ، لافتة أن هناك متابعة دقيقة للزراعات ؛لضمان تحقيق نتائج جيدة من الأقطان القصيرة ،حيث ستكون تجربة العام الحالي أساس انطلاق الزراعات في مصر العام المقبل ،وللتوسع فيها بشكل كبير ،سواء شرق العوينات أو في بعض مناطق الضبعة .
وأشارت المصادر إلى أن ارتفاع الحرارة بشكل كبير يمثل عنصر خطورة على زراعة الأقطان القصيرة، ما يتطلب اتخاذ كافة الإجراءات لحماية الأقطان مستقبلا ، خاصة أن نجاح الزراعات يوفر لمصر نحو 3 مليارات دولار سنويا واردات من منتجات الأقطان القصيرة.
أضافت إنه من المتوقع خلال شهر تبدأ الزهور في النمو ،ثم تبدأ مرحلة التفتيح بعدها في غضون 3 اشهر ، وبالتالي يمكن الحكم مبدئيا على حجم إنتاجية المساحات المتوقعة للموسم الحالي ، لافتة أنه من المتوقع تحقيق إنتاجية لا تقل عن إنتاجية العام الماضي مما يمهد الطريق لزراعة نحو 10 الاف فدان الموسم المقبل تزيد ل 50 الف فدان بعد موسمين .
وأشارت المصادر أن التوسع في زراعة الأقطان القصيرة ،سيمثل نقطة انطلاق نحو توفير المادة الخام للصناعة الوطنية ،لا سيما بعد تطوير مصانع الغزل والنسيج بنحو 23 مليار جنيه ، عبر تحديثا بشكل كامل بالات وماكينات على أحدث مستوى في العالم ، موضحة أن هذا سيوفر مليارات الدولارات ، تزامنا مع التوسع في زراعات القطن طويل التيلة التي قاربت على 338 ألف فدان ، كما سيوفر أقطان بجودة عالية ،خاصة مع تطوير محالج القطن التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس إحدى شركات وزارة قطاع الاعمال العام.
وحول آلية تداول القطن عقدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، اجتماعًا مع هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، لمناقشة الاستعدادات الخاصة بتطبيق منظومة تداول الأقطان للموسم الجديد 2022/2023، والذى يبدأ فى شهر سبتمبر المقبل، وذلك بحضور ممثلين عن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى.
وأكدت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة حرص الوزارة على استقرار نظام تداول الاقطان بمصر خاصة فى ضوء الإيجابيات، التى حققتها منظومة تداول الأقطان الزهر التى تم تعميمها على كافة محافظات الجمهورية موسم 2022 /2021، وذلك بعد نجاحها منذ بدء تطبيقها فى الحفاظ على جودة القطن المصرى، وحصول المزارع على أعلى سعر وفقاً لأسعار الأقطان العالمية والميزات النسبية للقطن المصرى .
وأشارت إلى أنه تم التوافق على استمرار عمل اللجنة التنفيذية المعنية بمتابعة تنفيذ منظومة تداول القطن، والتى تضم ممثلين عن وزارات التجارة والصناعة وقطاع الأعمال العام والزراعة واستصلاح الأراضى، وذلك للموسم الجديد الذى يبدأ اعتبار من أول سبتمبر المقبل.
ولفتت الوزيرة إلى الدور الهام لمنظومة تداول أقطان الزهر فى توفير مواد خام ومدخلات إنتاج ذات جودة مرتفعة تلبى احتياجات صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة الوطنية، وبما يسهم في الوفاء بإحتياجات السوق المحلي.
ومن جانبه أكد هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، أن المنظومة الجديدة لتداول الأقطان حققت على مدار الثلاث سنوات الماضية العديد من النجاحات، وساهمت بشكل كبير في تحسين تجارة الأقطان ونظافتها وتحقيق الشفافية الكاملة في تحديد أسعار الأقطان وربطها بالأسعار العالمية، بالإضافة إلى تحقيق سعر عادل للمزاعين.
وأوضح أن وزارة قطاع الأعمال العام من خلال شركة مصر لتجارة وحليج الأقطان التابعة لها سوف تستكمل متابعة تنفيذ المنظومة في الموسم الجديد 2022/2023 على أن يتم نقل هذه المهمة إلى إحدى الجهات التابعة لوزارة التجارة والصناعة بدءًا من العام المقبل.
وأشار "توفيق" إلى الجهود الجارية للتحول إلى التداول الإلكتروني عبر إدراج القطن في بورصة السلع، وذلك بالتعاون مع بورصة السلع التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية والبورصة المصرية، حيث يتم استلام الأقطان من المزارعين - وفقًا للمنظومة - في مراكز للتجميع بالمراكز الإدارية في المحافظات وإجراء عمليات الوزن والفرز، ثم تقام المزادات إلكترونيًا عبر شاشات البورصة.