جدل متزايد أثاره قرار المحكمة الأمريكية العليا بحظر عمليات الإجهاض فى الولايات المتحدة، والذى كان فى السابق إجراء قانونيا على المستوى الفيدرالى منذ عام 1973 ، حيث اعتبرت مؤسسات وهيئات أمريكية من بينها البيت الأبيض، تلك الخطوة بمثابة "عودة للوراء"، وتقود إلى تداعيات سلبية لا تقتصر على ثقافة المجتمع الأمريكى فقط.
وبحسب تقرير نشرته شبكة سى أن إن ، اعتبر خبراء اقتصاد أن قرار حظر عمليات الإجهاض فى الولايات المتحدة، له آثار اقتصادية سلبية ، معتبرين أنها خطوة ذات دوافع أيديولوجية أو سياسية ، ولا تصب فى صالح النساء كما قالت المحكمة العليا فى قرارها الأخير.
وفقا لشبكة سى أن أن، قد تشمل هذه الصعوبات المالية، والقدرة المحدودة على الحصول على التعليم العالى والارتقاء فى السلم الاجتماعى والاقتصادى فضلاً عن الرعاية الصحية الأكثر فقراً للنساء اللائى يعتمدن على العيادات للرعاية الوقائية.
وبحسب تقرير سى أن أن، يرى خبراء اقتصاد أن إلغاء الإجهاض يؤثر على القوة العاملة والناتج الاقتصادى ويزيد الحاجة إلى الدعم الحكومي، حيث قالت هايدى شيرهولز، رئيسة معهد السياسة الاقتصادية: "هذا القرار سيسبب ألمًا اقتصاديًا فوريًا فى 26 ولاية حيث يكون حظر الإجهاض أكثر احتمالًا وحيث يواجه الناس بالفعل أجورًا أقل، وقوة عمالية أقل، وإمكانية محدودة للحصول على الرعاية الصحية.. هذا القرار يشكل عائقاً اقتصادياً إضافياً".
بدوره، قال جيسون ليندو ، أستاذ الاقتصاد فى جامعة تكساس إيه آند إم ، أن سحب حق المرأة فى اختيار ما إذا كان لديها طفل ومتى سيكون ذلك، له عواقب وخيمة على حياتها المهنية وظروفها الاقتصادية.
وفى شهادتها أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الشهر الماضى ، قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين أن تقييد الحقوق الإنجابية للمرأة سيكون له "آثار ضارة للغاية على الاقتصاد".
وقالت يلين: "ساعد حق الإجهاض فى الحصول على رعاية الصحة الإنجابية وفى زيادة المشاركة فى القوى العاملة لقد تم تمكين العديد من النساء من إنهاء الدراسة، وقد أدى ذلك إلى زيادة إمكاناتهن فى الكسب. وسمح للنساء بالتخطيط والتوازن بين أسرهن ومهنهن".
ويشعر الاقتصاديون بالقلق أيضا من أن الرعاية الصحية العامة للإناث ستعانى نتيجة لتقييد أو حظر عمليات الإجهاض، فبالنسبة للعديد من النساء، غالبًا ما تكون العيادات التى تقدم خدمات تنظيم الأسرة هى أيضا الخيار المحلى للرعاية الوقائية، بما فى ذلك فحوصات السرطان واختبارات عنق الرحم.
وقال ديفيد سلوسكى، أستاذ الاقتصاد المساعد فى جامعة كانساس: "عندما تزداد المسافة إلى أقرب عيادة ، تنخفض معدلات الرعاية الوقائية ويمكن أن يؤدى ذلك إلى نتائج صحية أسوأ"، وأضاف "إذا ماتت امرأة فى سن الإنجاب فإن ذلك سيكون له عواقب اقتصادية وخيمة.. إنه شخص استثمر المجتمع فيه ولديه العديد من السنوات الاقتصادية المنتجة أمامه".
وتشهد الولايات المتحدة صدام مؤسسات فى طريقه للتصاعد ، بعد أسبوع من قرار المحكمة العليا بحظر عمليات الإجهاض، فى قرار أثار الكثير من الجدل، وصفه بايدن بالانتكاسة التى أعادت أمريكا 8 قرون للوراء، على حد وصفه.
ويوم الأربعاء، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية أن قرار المحكمة العليا لن يمنع الجيش الأمريكى من السماح لمقدمى الخدمات الطبية بالاستمرار فى إجراء عمليات الإجهاض للأفراد العاملين بالوزارة فى حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو إذا كانت حياة الأم معرضة للخطر بسبب الحمل فى وثيقة رسمية.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية أيضا أن قرار المحكمة لن يؤثر على سياسة الإجازة، والتى تسمح للأفراد بالسفر حسب الحاجة لتلقى الرعاية فى إحدى عمليات الإجهاض المشمولة أو فى حالات أخرى، على نفقتهم الخاصة.
وفى وقت سابق قبل اعلان الرسمى للقرار، تعهد الرئيس الأمريكى جو بايدن بحماية الحق الإجهاض على الرغم من أن خياراته ليست كثيرة.
وفقا لواشنطن بوست، ما يزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لإدارة بايدن هو القيود المستمرة منذ عقود على تشريع الإنفاق الفيدرالى الذى يحظر على السلطة التنفيذية إنفاق الأموال على معظم خدمات الإجهاض، من غير المرجح أن يتغير هذا الحظر طالما ظل مجلس الشيوخ منقسمًا بشكل ضيق بين الديمقراطيين والجمهوريين.
وفقا لشبكة ايه بى سي، يقول المدافعون عن حقوق الإجهاض أن كل فكرة مطروحة على الطاولة وهم يجادلون بأن هناك مؤسسات قوية تحت سيطرة بايدن، بما فى ذلك إدارة الغذاء والدواء، التى وافقت على الوصول إلى حبوب الإجهاض عن طريق البريد، وميديكيد، برنامج التأمين الحكومى للأسر ذات الدخل المنخفض.
ويحاول الديمقراطيين اتخاذ خطوات للوقوف فى وجه قرار المحكمة العليا قامت نيويورك بتوسيع الحماية القانونية للأشخاص الذين يسعون إلى عمليات الإجهاض فى الولاية ويقدمونها بموجب التشريع الذى وقعته الحاكمة كاثى هوشول، وفقا لوكالة اسوشيتد برس.
يحمى أحد القوانين الجديدة مقدمى خدمات الإجهاض من الاعتقال والتسليم والإجراءات القانونية فى ولايات أخرى من خلال منع محاكم ولاية نيويورك والمحاكم المحلية ووكالات إنفاذ القانون من التعاون فى معظم السيناريوهات.
وبموجب قانون آخر، يمكن للأشخاص رفع دعاوى بسبب التدخل غير القانونى فى حقهم فى رعاية الصحة الإنجابية عندما يوجه أشخاص أو كيانات أخرى تهماً مدنية أو جنائية ضدهم بسبب السعى إلى الإجهاض أو الوصول إليه أو تقديمه، وتسرى القوانين التى تحمى مقدمى خدمات الإجهاض على الفور.
تخطط حاكمة الولاية الديمقراطية أيضا لمنح مقدمى خدمات الإجهاض 35 مليون دولار لتوسيع الخدمات وتعزيز الأمن لمقدمى خدمات الإجهاض بسبب حكم المحكمة العليا المتوقع.
فى نفس السياق، وجهت مجموعة من الأعضاء الديمقراطيين بمجلس الشيوخ خطابا إلى الرئيس جو بايدن يحثونه فيه على اتخاذ إجراء لحماية حقوق الإجهاض.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "ذا هيل"، فإن 33 سيناتورا من الديمقراطيين دعوا بايدن على استخدام القوة الكاملة للحكومة الفيدرالية لحماية خدمات الإجهاض فى الولايات المتحدة، وكتب الموقعون على الخطاب يقولون: لا يوجد وقت لإضاعته، فحوالى نصف الولايات لديها قوانين قائمة بالفعل لحظر الإجهاض أو تقييده بشدة، مع إصدار المحكمة العليا قرارها.