قال خبراء اقتصاديون إن أوروبا تواجه خطر الركود على نحو متزايد بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز، وسط مخاوف من أن تقطع روسيا الإمدادات بالكامل.
وذكر بنك (نومورا)، وهو بنك استثماري ياباني لديه عمليات كبيرة في لندن، أن الاقتصاد الأوروبي سيتأثر بمجموعة متنوعة من العوامل منها: انخفاض الطلب في الولايات المتحدة - أكبر سوق للصادرات الأوروبية - واستمرار تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وما يتصل بها من زيادات في أسعار المواد الغذائية والطاقة، بحسب ما أوردته صحيفة "الجارديان" البريطانية .
وتوقع "نومورا" أن يبدأ الاقتصاد الأوروبي في الانكماش على مدار النصف الثاني من عام 2022 وأن يستمر الركود حتى صيف عام 2023، بنسبة انخفاض إجمالي تبلغ 1,7% من إجمالي الناتج المحلي.
وارتفعت أسعار الطاقة بالفعل في النصف الثاني من عام 2021 عندما رفعت الاقتصادات الرائدة قيود الإغلاق المتعلقة بفيروس كورونا، لكن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أضافت قدرًا إضافيًا من الصعوبات، مع سعي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا إلى عزل روسيا اقتصاديًا، وفقًا للصحيفة.
وأشارت الصحيفة أن أوروبا لا تزال تعتمد بشدة على روسيا في إمدادات الطاقة، فيما رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على العقوبات بإبطاء وتيرة إمدادات الغاز؛ إذ قطعت روسيا إمدادات الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" إلى ألمانيا وخط أنابيب "ترك ستريم" إلى بلغاريا، وأوقفت الإمدادات إلى بولندا عبر خط أنابيب "يامال".
ويأتي ذلك فيما بلغ المعدل السنوي للتضخم في منطقة اليورو 8,6% في يونيو، وهو أعلى معدل يُسجل منذ نشأة التكتل في عام 1999.
وقال المحللون - في بنك "جيه بي مورجان تشيس" الاستثماري الأمريكي، الأسبوع الماضي - إن روسيا يمكن أن تتسبب أيضًا في زيادات "تصل عنان السماء" في أسعار النفط إذا استخدمت خفض الإنتاج أداةً للرد على الجهود التي تبذلها مجموعة الدول السبع الكبرى لوضع حد للأسعار.
وذكر محللون من بينهم ناتاشا كانيفا أن الأسعار يمكن أن تتضاعف ثلاث مرات لتصل إلى 380 دولارًا للبرميل إذا خفضت روسيا الإنتاج بمقدار 5 ملايين برميل يوميًا، وكان برميل واحد من خام برنت تسليم سبتمبر يساوي 111 دولارًا في نهاية الأسبوع الماضي في أسواق العقود الآجلة.
وكتب محللو "جيه بي مورجان" أنه "من المحتمل أن تنتقم الحكومة الروسية من خلال خفض الإنتاج بوصفه وسيلة لإلحاق الأذى بالغرب"، "ضائقة سوق النفط العالمية لصالح روسيا".
ولفتت الصحيفة إلى أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، معرَّضة للتأثر بصورة خاصة بسبب سيطرة روسيا على خط أنابيب "نورد ستريم 1"، ومن المقرر إغلاق خط الأنابيب لمدة 10 أيام تبدأ في 11 يوليو من أجل عمليات صيانة سنوية مخطط لها.
وصرح وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، لوسائل الإعلام الألمانية الأسبوع الماضي، بأن الحكومة تخشى أن ترفض روسيا إعادة فتح خط الأنابيب، وهي خطوة قد تسبب نقصًا في الإمدادات خلال الشتاء.
وتتسابق الدول الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي لإيجاد إمدادات بديلة، وتأمل الحكومة الألمانية في تشغيل محطتين عائمتين تتلقيان الغاز الطبيعي المسال هذا الشتاء.
وذكرت الصحيفة أنه في حين أن بريطانيا لا تستورد الغاز مباشرة من روسيا، إلا أن حدوث نقص في أوروبا قد يؤدي إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة من خلال رفع سعر الغاز في الأسواق المفتوحة.
ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى إجبار المملكة المتحدة على دفع المزيد، وهي تكلفة من المحتمل أن تنعكس على فواتير المستهلكين والشركات.
وتوقع بنك "نومورا" انخفاضًا في إجمالي الناتج المحلي البريطاني بنسبة 1,5% خلال فترة الركود المتوقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة