يرصد "اليوم السابع" قصة وتاريخ الملكة القوية "حتشبسوت" التى حكمت مصر القديمة 21 سنة و9 أشهر فى مدينة طيبة، وذلك بعد وضع صورتها على العملة الجديدة فئة "10 جنيهات" البلاستيكية التى ظهرت قبل أيام قليلة، حيث أن الملكة حتشبسوت هى أبرز ملكات مصر القديمة، والتى كانت الفرعون الخامس من عصر الأسرة الثامنة عشرة فى مصر القديمة.
وتعتبر الملكة حتشبسوت من أنجح ملوك الفراعنة حيث تميز عهدها بقوة الجيش ونشاط البناء والرحلات البحرية العظيمة التى أرسلتها للتجارة مع بلاد الجوار، فهى الابنة الكبرى لفرعون مصر الملك تحتمس الأول وأمها الملكة أحموس، وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعيا هو تحتمس الثانى، وقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية، ليشاركا معا فى الحكم بعد موته، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعى له.
وخلال فترة حكمها، اهتمت بالأسطول التجارى المصرى فأنشأت السفن الكبيرة واستغلتها فى النقل الداخلى لنقل المسلات، التى أمرت بإضافتها إلى معبد الكرنك تمجيدا للإله آمون وزاد الإقبال على مواد ترفيهية أتت بها الأساطيل التجارية من البلاد المجاورة، ومن أهمها البخور والعطور والتوابل والنباتات والأشجار الاستوائية والحيوانات المفترسة والجلود، كما واجهت حتشبسوت مشاكل كبرى، خاصة مع الشعب الذى كان يرى أغلبه أنها امرأة ولا تستطيع حكم البلاد، إذ كان الملك طبقا للعرف ممثلا للإله حورس الحاكم على الأرض، لذلك كانت دائما تلبس وتتزين بملابس الرجال، وأشاعت أنها ابنة آمون لإقناع الشعب بأنها تستطيع الحكم، وفى الوقت نفسه كان ولى العهد الشرعى تحتمس الثالث لا زال صبيا وليس بمقدوره رعاية مصالح البلاد.
وعملت حتشبسوت على حكم البلاد إلى أن يكبر، وراعت أن يتربى تحتمس الثالث تربية عسكرية بحيث يستطيع اتخاذ مقاليد الحكم فيما بعد، وترعرعت فى عهد حتشبسوت حركة التجارة مع جيران مصر، حيث كانت التجارة فى حالة سيئة خصوصا فى عهد الملك تحتمس الثانى، وأمرت ببناء عدة منشآت بمعبد الكرنك، كما أنشأت معبدها فى الدير البحرى بالأقصر، واتسم عهدها بالسلام والرفاهية، وأرسلت الملكة حتشبسوت، خلال حكمها، بعثة للمحيط الأطلسى ضمت أسطولاً كبيراً حيث ازدهرت التجارة مع المحيط الأطلسى لاستيراد بعض أنواع السمك النادر.
كما أرسلت الملكة حتشبسوت بعثة تجارية على متن سفن كبيرة تقوم بالملاحة فى البحر الأحمر محملة بالهدايا والبضائع المصرية مثل البردى والكتان إلى بلاد بونت (الصومال حاليا)، فاستقبل ملك بونت البعثة استقبالا جيدا، ثم عادت محملة بكميات كبيرة من الحيوانات المفترسة والأخشاب والبخور والأبنوس والعاج والجلود والأحجار الكريمة، وصورت الملكة أخبار تلك البعثة على جدران معبد الدير البحرى على الضفة الغربية من النيل عندالأقصر، ولا تزال الألوان التى تزين رسومات هذا المعبد زاهرة ومحتفظة برونقها وجمالها إلى حد كبير، وأرسلت بعثة أخرى أيضاً تم تصويرها على جدران معبد الدير البحرى والتى تم توجيهها إلى محاجر الجرانيت عند أسوان لجلب الأحجار الضخمة للمنشآت.
ومن أبرز أعمالها قامت حتشبسوت بإنشاء مسلتين عظيمتين من الجرانيت بأسوان تمجيدا للإله أمون يبلغ كل منهما نحو 35 طنا، ثم تم نقلهما على النيل حتى طيبة وأخذت المسلتان مكانهما فى معبد الكرنك بالأقصر، وعند زيارة نابوليون أثناء الحملة الفرنسية على مصر عام 1879 أمر بنقل إحدى المسلتين إلى فرنسا، وهى تزين حتى الآن ميدان الكونكورد فى العاصمة الفرنسية باريس.
وتوفيت الملكة حتشبسوت، جميلة جميلات الفراعنة، فى 10 من الشهر الثانى لفصل الخريف ما يوافق 14 يناير 1457 قبل الميلاد، وذلك خلال العام 22 من فترة حكمها، وقدر المؤرخ المصرى القديم مانيتو فترة حكمها بـ 21 سنة وتسعة أشهر، وقد أعتُقد فى الماضى انها قتلت بسبب التنازع على الحكم، لكن تم التحقق الآن من مومياء حتشبسوت وهى تبدى بوضوح علامات موت طبيعى، وأن سبب موتها يرجع إلى اصابتها بالسرطان أو السكرى، وقبرها موجود فى وادى الملوك.
الملكة حتشبسوت على العملة الجديدة
تمثال الملكة حتشبسوت
حتشبسوت تزين العملة الجديدة فى مصر
صورة الملكة حتشبسوت على العملة الجديدة
صورة الملكة حتشبسوت على الفئة الجديدة
معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحرى
معبد حتشبسوت فى البر الغربي