لأول مرة، ظهر الكاتب والسيناريست أحمد مراد، مع كلبه الذى أسماه "نائل" إحدى شخصيات روايته الشهيرة "الفيل الأزرق"، وكشف عن أنه لم يكن من هواة تربية الحيوانات الألفية، لكنه وافق فى النهاية على اقتناء تلبية لرغبة ابنتيه.
وقال أحمد مراد خلال لقاء خاص مع تليفزيون "اليوم السابع" إنه ظل على مدار شهرين يبحث عن اسم للكلب، حتى اختار له اسما من رواياته، فلم يجد عنده أغلى من "نائل"، وقال: لأول مرة أقوم بتربية كلب، طوال الوقت كنت أرفض الفكرة، من باب عدم الخوف من تلقيه العناية الصحيحة، حتى وافقت على مضض، تنفيذا لرغبة ابنتى، ولكن من الوهلة الأولى التى رأيته فيها، تغيرت وجهة نظرى، وصرت متعلقا ومرتبطا به.
وعلى ذكر "نائل" أشار أحمد مراد، إلى أنه يجرى الآن البدء فى عمل تنفيذ الجزء الثالث من فيلم "الفيل الأزرق"، الذى لم يتوقع أن يكون له منذ البداية جزءا ثانيا، والآن نحن بصدد الجزء الثالث.
وبالعودة إلى أحدث أعماله، رأى أحمد مراد أن مشهد إقبال المراهين والشباب على مشاهدة فيلم "كيرة والجن" مشهدا طبيعا، وقال: كنت أرى أن هذا المشهد فى مكانه الصحيح والطبيعى، لأن هذه النوعية من الأفلام التى يتوافر فيها الأب والابن والجد، بالإضافة إلى الأكشن، والتى تمتد إلى تاريخ لا نعلمه، تكون هذه الفئة هى من غالبية الجماهير، وهذا ما حرصت عليه خلال كتابة سيناريو الفيلم، فبعدما انتهيت منه، عدت إليه مرة أخرى، وعكفت على أن تكون أعمار أربعة أبطال منهم فى عمر العشرينات، لكى يكون هناك حالة تواصل بينهم وبين الجمهور، وبرأيي أن هذه النوعية من الأكشن المصرى الجيد، نفتقده جدا منذ فترة، ومثل هذه الفترة، ثورة 1919، كتبت فى مناهج التعليم بشكل جاف جدا، لا نعلم عنها سوى الأسباب والمباحثات والنتائج، لكن لم نقرأ شيئا عن الشارع حينها كيف كان، وفى النهاية الفيلم خيالي وليس وثائقي، يدفعنا للبحث عن الكتب المتخصصة فى هذه الفترة.
وأوضح أحمد مراد أن مدة فيلم "كيرة والجن" كانت بمثابة تحدي كبير جدا، فكيف أحقق نجاحا أمام الأفلام القصيرة المنافسة، في حين أننى أرى من خلال قراءتى أن الجمهور يريد بالفعل جرعة كبيرة، وأدل مثال على ذلك، أن هذا المشاهد لديه القدرة على مشاهدة 5 أو 6 حلقات من موسم واحد لأى مسلسل على مدار يوم، وهو ما يعنى أن لديه القدرة على المكوث أمام الأعمال الطويلة، وهو ما يعنى أننا أمام نوع ثالث من كتابة السيناريو التى تجعلنا حريصين على تحقيق هذه المعادلة فى الفيلم، وانتزع المشاهد من منزله إلى قاعة السينما، فى حين أن الأفلام أمامه على المنصات، وهو ما يعني أننا أنجزنا تحدى كبير لأول مرة فى السينما لم يحدث خلال السنوات الماضية.
وحول إذا ما كان حريصا على استقطاب جيل المراهين والشباب، قال أحمد مراد: أنا منشغل بكل من يقرأ، لكن وجود الشغف تجاه المعرفة، موجود لدى هذا الجيل، الباحث عن الرغبة للمعرفة، ففى أى فن من الفنون، أو خوض المغامرات، تجد الشباب هم الأولوية، لرغبتهم الشديدة فى معرفة العالم، واستكشافه، وفى المقابل، فالإنسان مع التقدم فى العمر "يستكبر" على المعرفة، يصبح لديه نوع من "الشبع" تجاه الاستكشافات، وبالتالى، فأعتقد أننى لا استقطب هذه الفئة، بقدر ما هم يبحثون عما يريدونه.
وفى هذا السياق، رأى أحمد مراد أن أزمة أدب الأطفال أن ما يكتبونه الآن كبار، يكتبون بمنظور عين النسر، لكن الطفل يبحث عن المغامرة على الأرض، بالإضافة إلى ذلك، فمن يكتب دائما ما يشعر وكأن عليه أن يقدم للطفل نصائح، والأزمة الثانية، تتمثل فى الكتب الأجنبية، التى تحظى باهتمام كبير جدا فى مجال صناعة النشر، فى مقابل شكل الكتب لدينا التى تعد فقيرة جدا، وفى المقابل، فالأسرة المصرية تحرص على شراء الكتاب الأجنبى المستورد.
وحول كيفية تعامله مع ابنتيه، قال أحمد مراد: "اللى إنت بتتكلم عنه وإنت بتاكل بطيخ مع عيالك هو اللى بيشغلهم"، مضيفا: أتعامل معهما على أنهما كبار، فلا يصح إطلاقا أن أغلق الباب عليهما، وفجأة يصطدما بالعالم، ومنذ طفولتهما حرصت على أن أزرع بداخلهما حب المعرفة من خلال الكتب، فالأشياء التى يتحدث الأبناء حولها أثناء تناولهم للغداء أو البيطخ مثلا مع والدهم، هى تلك الأفكار التى تشغلهم، ومن هنا يأتى سؤالهم لك: عرفت ده من فين؟، حينها أشير إلى اسم الكتاب، وهكذا، والآن فابنتى قرأت كتبا فى لغة الجسد وفى العلوم، وفى المجالات الأخرى، كل هذا بناء على رغبتها هى، وحبا منها فى المعرفة.
وحول إمكانية تحويل رواية "أرض الإله" إلى مسلسل أو فيلم سينمائى، أو عودته للتاريخ المصرى، قال أحمد مراد: أنا مجنون جدا بقراءة كتب التاريخ، فالتاريخ المصرى مختلف عن أى قومية أخرى، فنحن دولة لديها 30 أسرة فرعونية، تخللها فى الأسرة الواحدة 12 و26 احتلالا، وامتدت الاحتلالات بداية من بعد الأسرة 30 فى العصر الإغريقى، وهو ما يكشف لنا عن كم كبير من الطبقات والتواريخ والمآسى والانتصارات التى تقوم عليها الدراما فى الأساس.
أما عن "أرض الإله"، فقال أحمد مراد: دائما ما تستغرق الأعمال عدة سنوات من العمل عليها لكي يتم تحويلها إلى فيلم، مثل ما حدث مع "تراب الماس"، أو "كيرة والجن"، وأعتقد أن رواية "أرض الإله" من الأعمال التى سوف تحتاج إلى تجهيزات كبيرة جدا، ولكن إيجاد الإنتاج والتجهيز والاستثمار، وبالطبع كل هذه الأمور تستغرق وقتا طويلا.
وبالرجوع إلى "موسم صيد الغزلان"، قال أحمد مراد أنا شغوف جدا بالمستقبل، فلو كان الأمر بيدى، لاخترت أن أعيش فى المستقبل، ففى ظل ما نعيشه الآن، من حديث عن حرب عالمية ثالثة، ووباء، وأزمات عالمية، ورغم كل هذا، أرى أنها أفضل بكثير من العيش فى الماضى، مثل زمن الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال، ولهذا فأغلب ما أقرأ يكون فى المستقبل، ونادرا ما نجد مثل هذه الكتابات، وهذا ما كنت اعتمد عليه خلال كتابة رواية "موسم صيد الغزلان"، فلم اعتمد فيها على الخيال فقط، بل على الإحساس العام بالنظريات العلمية التى تخبرنا إلى أن يذهب العالم، ولو كانت بنسبة 80%، أما تليسكوب جيمس ويب، فهو تأكيد على أن عمر الإنسان قصير جدا لكى يستكشف أمتار معرفية بسيطة داخل العالم، لكن أن نرى ولو صورة واحدة لمثل هذه الكواكب، حتى وإن لم نصل إليها، فهو أمر يفتح بابا للخيال، فهل يعقل أن تكون كل هذه الكواكب والنجوم والمجرات وجدت فقط من أجلنا نحن فقط، وهل توجد ظروف للحياة مثل الظروف التى لدينا على الأرض.
وتابع أحمد مراد: بالطبع أتمنى أن يكون هناك تواصل بيننا وبين أى كوكب آخر، وأتصور أنه مهما بلغ خيالينا حول شكل أو طبيعة هذا التصور، التى دائما ما تصورها الأفلام المعنية باكتشافات الفضاء، لأنه هناك نظرية تقول إننا فى المرحلة الأولى من الحضارات، وفى الثانية، تقول أننا سوف نتمكن من العيش فى المريخ، وفى الثالثة سوف نتمكن من تغيير المناخ، بالنظر إلى ذلك، فإذا وجدت حضارة أخرى فى كوكب ما، وجاء أهلها إلينا، فسوف نكون بالنسبة لهم محض "نمل" لن يروننا، فسوف يكونوا فى حل عن التصادم معنا، وهذا ما اعتقده.
أما عن الأكوان الموازية، فقال أحمد مراد: فكرة الإنشغال موجودة منذ أيام حلقات الدكتور مصطفى محمود، وأعتقد أن هناك لغزين لم نتمكن من حلهما حتى اليوم، الأول عن الأحلام التى تظهر علامات من المستقبل، فما الذى يعنيه أن أحلم بأن زجاج سيارتى سوف ينكسر، وبعد مرور شهر يحدث كما رأيت فى الحلم؟، إلا وإن كان هذا الحدث بالفعل موجود، ولا أعتقد أبدا أن وجود هذا مجرد عبث، وإذا كان خيال الكاتب يذهب به إلى أماكن بعيدة جدا، فالعلم والخيال كلاهما يتكاملان.
ولهذا أشعر بالغيرة دائما من فكرة أن يغادر الإنسان هذه الدنيا، وهناك أشياء لم يعرف بها، هذه الغيرة من العلم، هى التى تدفعنى دائما للبحث عن مغامرات جديدة، أو الحصول على كورسات أتعلم منها.