أيام عصيبة تعيشها أوروبا استعدادًا لشتاء حالك، يخشى فيه الأوروبيون فقدان التدفئة في طقس قارس البرودة، مع ارتفاع أسعار الغاز وفقدانه في معظم الأحيان، حيث بدأ الاستعداد لفصل الشتاء باكراً، فما بين مبادرات جماعية وأخرى فردية يتبناها الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء ، يتم وضع خطط طوارئ لتقليص استهلاك الغاز، مع نقص الطاقة الذي سيتفاقم مع دخول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، حيث وافقت الدول الأعضاء على خفض طلبها على الغاز بنسبة 15% مقارنة بمتوسط استهلاكها في السنوات الخمس الماضية، بين 1 أغسطس 2022 و31 مارس 2023، مع اتخاذ تدابير من اختيارهم.
واتفقت الدول الأعضاء على إعطاء الأولوية للتدابير التي لا تؤثر على العملاء المحميين مثل الأسر والخدمات الأساسية لعمل المجتمع، مثل الكيانات الحيوية والرعاية الصحية والدفاع، وتشمل التدابير الممكنة الحد من استهلاك الغاز في قطاع الكهرباء، وتدابير لتشجيع تبديل الوقود في الصناعة، وحملات توعية وطنية، والالتزامات المستهدفة للحد من التدفئة والتبريد، والتدابير القائمة على السوق مثل المزادات العلنية بين الشركات.
كما تعمل الصناعة الأوروبية بسرعة على تغيير عمليات الإنتاج لاستبدال الكهرباء وأنواع الوقود الأخرى بالغاز حيثما أمكن ذلك، أو استيراد السلع شبه المصنعة من خارج الاتحاد الأوروبي، حيث يكون الوصول إلى الغاز وفيرًا، فعلى سبيل المثال، لا يلزم إنتاج الأمونيا المتعطشة للغاز لصناعة الأسمدة في أوروبا.
وعلى الرغم من العواقب البيئية، تفكر ألمانيا أخيرًا في إبطاء إغلاقها المبكر للصناعة النووية، ومن المتوقع أن تزيد طاقة توليد الكهرباء المتجددة في أوروبا بنسبة 15 % هذا العام، مما يقلل الاعتماد على الغاز الروسي.
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، بدأ إصلاح مناجم الفحم ومحطات الطاقة التي أغلقت قبل 10 سنوات في ألمانيا، كما بدأت دول أوروبية أخرى مثل النمسا وبولندا وهولندا واليونان في إعادة تشغيل محطات الفحم، وفي الوقت نفسه ، ارتفعت واردات الفحم في الصين ، حيث زادت بنسبة 24% على أساس شهري في يوليو، حيث زادت مولدات الطاقة من مشترياتها لتوفير ذروة الطلب على الكهرباء في الصيف.
ورغم إعلان وقوع الضرر على كل أوروبا، إلا أن عددًا من بلدان وسط أوروبا تحديدًا بما في ذلك النمسا وألمانيا ، والعديد من دول أوروبا الشرقية ، تعانى بشكل خاص، لاعتمادها الكبير على الغاز الروسي وعدم وجود إمدادات بديلة، كما أنها من بين الدول الأكثر تعرضًا للخطر بسبب قطاعها الصناعي الكبير ونقص البنية التحتية للغاز الطبيعي المسال.
وفي ألمانيا، بدأت العديد من الولايات بالدوائر الحكومية والمؤسسات والمرافق العامة باعتماد تقليص استهلاك الطاقة، وتوعية الناس بضرورة تقليل استهلاكهم عبر دعوتهم مثلًا لتقليل مدة استخدام الحمام وحصرها من 3 إلى 5 دقائق وفق ما تنصح به السلطات، علاوة على أن ثمة ولايات منعت حتى استخدام الماء الساخن في المرافق والحمامات العامة توفيرا لطاقة تسخينها.
وفى العاصمة برلين تم إطفاء إنارة المعالم والمباني التاريخية، في إطار السعي لتوفير الطاقة وترشيد استهلاكها، كما ستتمتع الأسر بضمان قانوني في حالة الطوارئ المتعلقة بالغاز وستكون لها الأولوية جنبًا إلى جنب مع المؤسسات الاجتماعية مثل المستشفيات.
فيما قطعت السلطات في مدينة هانوفر الألمانية الماء الساخن عن المباني والمؤسسات العامة، مخفضة درجات الحرارة القصوى للتدفئة كجزء من حملتها لترشيد صرف الطاقة، وتضمنت الإجراءات التقشفية إغلاق النوافير العامة والأضواء الخارجية لمبنى البلدية ومتاحف المدينة والمباني العامة الأخرى فيها.
ووفق وسائل الإعلام المحلية الألمانية، فإن مثل هذه القرارات ستطبقها تباعًا مختلف الولايات والمدن الألمانية، في مسعى استباقي للحد من أزمة شح الطاقة الخانقة المتوقعة مع حلول هذا الشتاء.
وتعهد المستشار الألماني أولاف شولتز بعدم تخلي حكومته عن المواطنين أو تركهم يعانون من البرد القارس أو غير قادرين على دفع فواتير الطاقة الخاصة بهم، لكنه أقر بأن ألمانيا تواجه تحديات كبيرة في الأشهر المقبلة.
وأشار المستشار الألماني إلى العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الألمانية بالفعل لتخفيف المصاعب المالية على المواطنين وتأمين إمدادات طاقة بديلة لتحل محل النفط والفحم والغاز الروسي.
وفي إسبانيا تخلي رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، عن رابطة عنقه، طالبًا من الوزراء والعاملين في المكاتب أن يحذو حذوه من أجل المساعدة في توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء.
ووافقت الحكومة الإسبانية، على فرض إجراءات عاجلة تحدد درجات الحرارة التي ينبغي اعتمادها في أنظمة تكييف الهواء وتسخينه داخل المتاجر والمواقع الثقافية ووسائل النقل، وتتجلى هذه الإجراءات في إلزام المباني المكيفة التي تستقبل الزبائن إغلاق أبوابها لتجنب هدر الحرارة، والتأكد من حالة منشآتها الحرارية، إذ ينبغي إطفاء أضواء واجهات المتاجر وتلك الخاصة بالمراكز الرسمية عندما لا تكون هذه المباني قيد الاستخدام.
كما أن لدى إيطاليا واليونان أيضًا حد أقصى قدره 27 درجة على تكييف الهواء في المباني العامة، وفرضت باريس غرامات وإن كانت متواضعة بقيمة 150 يورو للشركات التي تترك النوافذ والأبواب مفتوحة أثناء تشغيل مكيفات الهواء.
وفي باريس، تشير تقديرات الحكومة الفرنسية إلي أن البلاد تتعرض لأسوأ موجة جفاف علي الإطلاق حيث أثرت اضطرابات الطقس على المزارعين ، وتم فرض قيود على المياه في كل مقاطعة تقريبًا في البلاد، وأفاد المزارعون في جميع أنحاء البلاد أنهم يكافحون لإطعام مواشيهم بسبب المراعي الجافة، في أجزاء كبيرة من الشمال الغربي والجنوب الشرقي، يحظر الري بسبب نقص المياه العذبة.
وبحسب موقع فرنسا 24، شكلت الحكومة الفرنسية مجموعة أزمات للتعامل مع الجفاف، الذى يمثل هو الأسوأ على الإطلاق في بلدنا، وقالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن قبل نهاية الأسبوع إن الوضع قد يستمر خلال الأسبوعين المقبلين أو يتفاقم أكثر.
وعلى صعيد الدول الإسكندنافية ،بدأت أجهزة الإعلام ترسل نصائح عامة لمواجهة شتاء من دون كهرباء، حول ما يمكن أن يفعله السويديون للتخفيف من الصدمة الكهربائية، حيث من المتوقع أن تنقطع الكهرباء عن المنازل والشركات في السويد في الشتاء .
ومن هذه النصائح للسويديين وبقية الإسكندنافيين، ارتداء الملابس الخارجية داخل المنزل في الشتاء ،والامتناع عن الاستحمام المتكرر، والتعود على البرد قليلاً داخل المنزل.
وفى البرتغال قال وزير البيئة، إن بلاده تعرضت لأسوأ موجة جفاف هذا القرن، وكان يوليو الأكثر دفئًا منذ عام 1931، وتم قياس 3 ملم من الأمطار على مستوى البلاد، وفقًا لمعهد الأرصاد الجوية IPMA، وكان متوسط درجة الحرارة أعلى بنحو 3 درجات عن المعدل الطبيعي لشهر يوليو.
كما طلبت البرتغال بحسب تقرير لمجلة دير شبيجل، مثل دول مثل بولندا وهولندا وفرنسا، من مواطنيها تقليل استهلاكهم للمياه.