أزمات سياسية واجتماعية يعيشها المستشار الألماني السابق جيرهارد شرودر يومًا بعد الآخر، بسبب علاقته الوثيقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وموقفه من الحرب الأوكرانية التي تقودها روسيا منذ 24 فبراير الماضي ، والتي وضعت شرودرالذي خدم ألمانيا في منصب المستشارية منذ 1998 وحتي 2005 في مرمي النيران، وانتهت بتجريده من بعض امتيازاته الرسمية تقدر قيمتها بنصف مليون يورو سنويا، الأمر الذى جعل شرودر يتقدم بدعوى قضائية ضد البرلمان الألماني، حسب ما أعلن محاميه.
وطالب شرودر في الدعوى الغير مسبوقة أمام المحكمة الإدارية ببرلين باستعادة مكتبه البرلماني، بعد أن أصدرت لجنة الميزانية بالبرلمان الألماني قراراً بأنه يجب أن يتخلى شرودر، عن حقه في مكتب في البوندستاج، وقررت اللجنة أنه سيظل يحق له الحصول على معاش تقاعدي وحماية شخصية.
وبررت اللجنة آنذاك ذلك بالقول إن شرودر لم يعد يفي بأي التزام مستمر ينشأ عن وجود مكتبه كمستشار سابق، ما سيؤدي هذا إلى إزالة سبب توظيف أشخاص يعملون لديه وكذا المساحة المكتبية المخصصة له، وكان معظم موظفي شرودر قد استقالوا بالفعل مسبقًا، وسمح للمستشار الأسبق في النهاية بالاحتفاظ بمعاشه الذي يبلغ حوالي 8300 يورو، بالإضافة إلى خدمات الأمن الشخصي وسائق.
وقال المحامي مايكل ناجل لهيئة البث الحكومية "إن دي ار": إن قرار تعليق مكتب وموظفي مكتب شرودر الممول من دافعي الضرائب ،مخالف لسيادة القانون، كما أن أن الاشتراكي الديمقراطي طلب جلسة استماع أمام لجنة الميزانية المسؤولة عن ذلك، لكنه لم يُمنح الفرصة للتعبير عن نفسه، فيما أكد متحدث باسم المحكمة أن محامي شرودر قدم الشكوى إلى محكمة إدارية في برلين.
وكانت اللجنة قد خلصت في قرارها تجريده من الامتيازات، إلى أن شرودر الذي تولى رئاسة المستشارية من 1998 إلى 2005 لم يعد ملتزماً بواجبات مكتبه، ومعظم موظفي مكتب شرودر استقالوا قبل صدور الحكم النهائي، وعلى الرغم من استقالته من مجلس إدارة شركة النفط الروسية روسنفت ورفضه منصباً في مجلس الإشراف لشركة الغاز العملاقة جازبروم في مايو، لكنه حافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين.
كما أن شرودر حاول الدخول على خط الوساطة بين روسيا وأوروبا والتقى المستشار السابق ببوتين الأسبوع الماضى وقال في أعقاب ذلك: إن موسكو مستعدة لـحل تفاوضي للحرب في أوكرانيا.
ورغم تسبب موقف شرودر من الحرب ودبلوماسيته المنفردة بإحراج للحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي له المستشار الحالي أولاف شولتس، إلا أن الاشتراكيون الديمقراطيون أعلنوا الأسبوع الماضى أنه سيسمح لشرودر بالبقاء في الحزب بعد أن تبين أنه لم يخالف قواعده بشأن علاقاته بالرئيس الروسي .
أزمة شرودر كانت عنوانا لتقرير مطول نشرته مجلة دير شبيجل الألمانية ، بعنوان "شرودر عبء على السياسة الخارجية الألمانية وعلى حزبه السابق ولديه أهداف واضحة، لا لبلاده بل لنفسه" .
وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر لقناة Welt TV الألمانية أنه من غير المعقول أن المستشار السابق الذي يقوم الآن علانية بالعمل لصالح فلاديمير بوتين لا يزال يعطى مكتبًا من قبل دافعي الضرائب.
وكان شرودر آخر زعيم للحزب الاشتراكي الديمقراطي لألمانيا قبل المستشار الحالي أولاف شولتز، ومنذ الحرب في أوكرانيا ، طلبت منه قيادة الحزب الديمقراطي الاشتراكي مغادرة الحزب وأمهلته موعدًا للرحيل ، لكن دون جدوي.
ودعت إحدى قادة الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، ساسكيا إيسكن، لطرد المستشار الألماني الأسبق بسبب استمرار التعاون مع شركات الدولة الروسية، قائلة في تصريحات إذاعية سابقة : "يجب أن نتعامل معه ليس وكأنه فقط المستشار السابق، إذ أنه يقوم بالأعمال الحرة منذ سنوات طويلة".
وحتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان المستشار الأسبق يعاني من النبذ باعتباره "صديق بوتين" و "مهووس بالغاز" بسبب مناصبه الإشرافية في شركات صناعة الطاقة الروسية، لكن الضغط ازداد على الحكومة الألمانية والبوندستاج لاتخاذ إجراءات ضد شرودر بشكل مطرد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة