"داشرات مانجى" عامل هندى ضرب مثالا للحب والوفاء لزوجته، حيث كافح لمدة 20 عاما من أجل الانتقام مما حرمه منها.
فى قرية صغيرة فى منطقة جايا بولاية بيهار الهندية يتوجب على قاطنيها السير لمسافة 80 كيلو مترا إلى أقرب بلدة، وسط طريق وعرة حول الجبل، الذى يفصل بين القرية وبين أقرب نقطة تنبض بالحياة ومظاهر العيش.
عمل "مانجى" فى أحد مناجم الفحم واعتادت زوجته على الذهاب إليه يوميًا بالطعام والشراب، واستمر الحال لسنوات، الرجل يكافح من أجل لقمة العيش،
وفى أحد الأيام وأثناء ذهابها إليه وخلال مرورها بأحد المنحدرات الجبلية الوعرة، انزلقت قدمها لتقع أرضًا وهى تنزف بشدة، ليتجمع قاطنو القرية حولها ويحملونها إلى منزلها ويبعثون بأحدهم لإخبار زوجها.
وما إن وصل الخبر إلى مسامع الزوج، حتى انتفض خوفا وأخذ يسابق الريح من أجل زوجته، أقرب مستشفى كان يجب أن تذهب إليه الزوجة فى بلدة جاهلور الصغيرة والتى تقع بالقرب منهم، ولكن يفصل بينهما جبلا يحتاج للاستدارة حوله، ويستوجب اجتياز طريقًا وعرًا يستغرق نحو 80 كيلو مترًا، وبالتالى تعذر على سيارة الإسعاف الوصول إليها، وأيضًا لم يكن بمقدور أحدهم أن ينقلها، وفارقت الزوجة الحياة فى اليوم التالى، متأثرة بجراحها.
رحلت الزوجة، فيما ظل الرجل قابع فى منزله لا يخرج ولا يحدث أحدا، بالكاد يأكل ويشرب ما يبقيه قيد الحياة، ظل هكذا حتى اهتدى إلى فكرة لتكريم زوجته، قائلا "ليس هكذا ترحل؛ نعم لن أنساها، ولكنى سأخلدها وأخلد حبها وسأكتب اسمها على جباه التاريخ".
فوجئ الجيران بالرجل يخرج عليهم من كوخه حاملا فأسه، لكن هذه المرة قرر أن يحطم به ما كان سببا فى وفاة زوجته، ومضى نحو الجبل الذى يفصل قريتهم عن القرية الأخرى التى بها كل مظاهر الحياة والعيش، وبالفعل ذهب إلى الجبل وبدأ فى دكه بفأسه الصدأ، ورغم صعوبة العمل وغياب أى نوع من أنواع المساعدة، وسط سخرية بعض السكان، إلا أنه استمر فى العمل يوميا لمدة 22 عاما، دون أن يتسلل اليأس إلى قلبه.
وفى عام 1982 ضرب "مانجى" ضربته الأخيرة فى النفق الذى امتد بطول 110 أمتار وبعرض 9 أمتار وارتفاع قدره 7 أمتار، حتى أنجز مهمته بعد أكثر من عقدين من الزمن.
وبدلا من أن تقطع سيارة الإسعاف 80 كيلو مترا للالتفاف حول الجبل والوصول إلى القرية، أصبح قطع المسافة الفاصلة بين المشفى والقرية يقاس بدقائق قليلة.
ما أنجزه "مانجى"، دفع الولاية لمنحه قطعة أرض مساحتها 10 أفدنة تكريما له وتقديرا لجهوده، لكنه لم يتردد فى التبرع بها لبناء مستشفى فى قريته يخدم الجميع.
مات "مانجى" فى يوم 17 أغسطس من عام 2007، لكن الطريق الذى شقه فى الجبل مازال حاضرا فى ضمير العالم أجمع.
قصة "مانجى" الملهمة والمليئة بالحب والإخلاص دفعت بوليوود إلى إنتاج فيلما سينمائيا بعنوان: "رجل الجبل" فى عام 2010، يروى قصّة هذا الرجل.
