من عبق التاريخ استمد أبناء قنا اللعبة الشعبية التى عرفت على مدار السنين وتوارثها الابن عن الأب والعائلة عن القبيلة حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ فى الأفراح الشعبية التى تعزف فيها الربابة وكذلك فى الموالد والأعياد بمختلف المدن، فترسخ لدى الأبناء كيفية الدفاع عن النفس والتعامل وقت الحاجة وليس وسيلة للهجوم أو البلطجة كما يصفها عدد من لاعبى العصا بالتحطيب، وقيل عنها أنها فن النزهة والتحطيب وفن الاستقامة والصدق من خلال استخدام العصا أو طقس فنون قتالية وهمية تعتمد على المزمار والموسيقى.
صغار-يتعلون-التحطيب
يستعد اللاعب بعد معرفة اقتراب المولد بتجهيز العصا الخاصة به والجلباب الصعيدى والعمة وتقديم الحركات مع المنافس وللعبة أصول لا يتعداها اللاعبون فى أرض الساحة، حيث يجتمع حولهم الأشخاص من زوار المولد أو ضيوف الفرح والحفلة ليشاهدوا حركات اللاعبين والاستمتاع باللعبة التى تشتهر بها محافظات الصعيد وتعود لأصول فرعونية وتاريخية قديمة، ففى اللاعبة الجميع أحباب بعد انتهاء المبارزة بالعصا والفوز بسرعة البديهة والحركات السريعة التى يقابها اللاعب بحرص وفن.
كبار-يلعبون-لعبة-التحطيب-بقنا
قال مهدى عمران، لاعب تحطيب بقنا، أن بداية عشقه للعبة كان فى عمر مبكر لم يزيد عن 10 سنوات، حينما شاهد والده يمارس اللعبة التى كانت منتشرة فى الأفراح والموالد وكذلك مع كبار السن فيما بينهم وأمام المنازل والساحات، فاللعبة أصولها فرعونية وتحتاج إلى مهارة وسرعة بديهة للتعامل مع اللاعب الآخر، وتستخدم فيها العصا المصنوعة من أشياء طبيعية ويعتمد عليها المزارعين فى الدفاع عن أنفسهم لاسيما فى الأماكن التى تنتشر بها الكلاب الضالة والظلام.
لعبة-التحطيب-بفرح-شعبي
وأوضح عمران، أن هذا الفن مرتبط بشكل كبير بالموالد والمناسبات السعيدة ولذلك يتواجد فى محافظات الصعيد بشكل كبير، كما تنتشر العصا ولها بائعين فى أماكن عديدة بالقرى والمدن وبأسعار مناسبة، وهذا الفن له قواعد وأصول قبل اللعب وحمل العصا، يجب على اللاعب معرفتها والالتزام بها، وفى حالة الخروج عن تلك القواعد يطلب منه ترك العصا ومغادرة المبارزة.
لعبة-التحطيب-بفرح-شعبي-في-قنا
وأشار محمد عيسى، خريج جامعة أزهر، إلى أن لعبة التحطيب من الألعاب التى يحبها أبناء قنا فهى تحمل طابع خاص يدل على الرجولة ولها وأصول وقواعد، وكذلك حركات اللاعب أو المبارز لها مدلول يعرفها اللاعب الآخر وعيلهم الالتزام بها، مثل اتجاه العصا وميل العصا والحركة لأمام أو الخلف وإسقاط العصا للآخر تعنى الفوز وكذلك هناك نقاط يتم احتسابها من خلال.
لعبة-التحطيب-من-أحد-الأفراح
وقال محمد تكرونى، مؤسس أول مدرسة للتحطيب فى قنا، أن قريته يتواجد بها العديد من لاعبى التحطيب من كبار السن كما أن اللعبة لها أصول تاريخية وتدل على الرجولة والشهامة وليس التعدى على الآخرين، وهذا كان هدف المدرسة التى افتتحها منذ عامين وجلب فيها عدد كبير من الصغار والشباب الذين تعلموا حركات وأوصل اللعبة من الكبار الذين تم الاستعانة بهم.
وأوضح تكرونى، أن يتم التحضير فى الوقت الحالى لعمل مهرجان تحطيب كنوع من تعرف الجميع باللعبة وأصولها وتشجيع الصغار على ممارستها للدفاع عن أنفسهم وليس استخدامها لعرض القوى أو التظاهر.