فى الوقت الذى تخطو فيه تونس خطوات واسعة نحو ترسيخ أركان الجمهورية الجديد وإنهاء آثار العشرية السوداء التى سيطرت خلالها حركة النهضة الإخوانية على مفاصل الدولة، تستمر الجهات القضائية فى تونس بملاحقة رموز حركة النهضة المتهمة بالتورط فى قضايا فساد وإرهاب، وفى مقدمتهم راشد الغنوشي، رئيس الحركة الذى يخضع للاستجواب والتحقيق أمام الشرطة بتهمة التحريض على الأمن والإساءة إلى أجهزة الدولة .
تعود هذه القضية إلى شهر فبراير الماضي، عندما استخدم الغنوشي كلمة "طاغوت" لوصف قوات الأمن، خلال تأبين عضو مجلس الشورى في حركة "النهضة" فرحات لعبار.
وبرر حينها الغنوشي بأنه "كان لا يخشى حاكماً ولا طاغوتاً"، في التصريحات التي أثارت موجة استياء واسعة بين التونسيين الذين أكدوا أنها تعبر عن الفكر الحقيقي لحركة النهضة وقياداتها.
تهم الإرهاب
أما فيما يتعلق بتهم الإرهاب، فكان القضاء التونسي قد وجه إلى 33 شخصا بينهم رئيس حركة "النهضة" ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي.، بنهاية يونيو الماضى، رسميا تهمة "الانتماء إلى تنظيم إرهابي" .
وأعلنت السلطات التونسية أن قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لـ10 شخصيات، من بينها الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق، والقيادي في حركة النهضة حمادي الجبالي.
كما أصدر القضاء التونسي، فى وقت سابق، قراراً بمنع سفر الغنوشي في إطار التحقيق في قضية الاغتيالات السياسية للمعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، والتي يُتهم فيها الجهاز السري لحركة النهضة، وأن القطب القضائى لمكافحة الإرهاب المسؤول عن القضية المتعلقة بجمعية "نماء تونس"، أصدر قرارا بحجر السفر على رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشى، عقب استجوابه والإبقاء عليه بحالة إطلاق سراح.
جاء القرار عقب انتهاء جلسة التحقيق مع الغنوشي، في قضية "نماء تونس"، المتهم فيها مع رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي وأفراد من عائلتيهما بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما قرر قاضى التحقيق "الإبقاء على رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي فى حالة سراح"، فيما قال وكيل الدفاع عن الغنوشي إن جلسة التحقيق مع موكله استمرت أكثر من 9 ساعات، وقدمت خلالها 19 مرافعة.
تمويل أجنبى
وفى سياق الإجراءات التى اتخذت ضد حركة النهضة أيضا، جاء قرار محكمة المحاسبات، أعلى هيئة قضائية رقابية في تونس، بحرمان أعضاء حزبى" حركة النهضة" من المشاركة فى الانتخابات لمدة 5 سنوات، بعد ثبوت حصولهما على تمويل أجنبي، كما تضمن القرار أيضا إسقاط قوائم الحزب في الانتخابات البرلمانية لسنة 2019، بعدد من الدوائر الانتخابية بوسط وجنوب البلاد.
وكشفت محكمة المحاسبات، أن حركة النهضة تتصدر قائمة الأحزاب السياسية، التي ارتكبت خروقات وتجاوزات قانونية، خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية 2019، أثّرت على إرادة الناخب وعلى النتائج، من أجل الوصول إلى أهدافها.
وأشارت المحكمة المكلفة بمراقبة حسن التصرف في المال العام، في تقريرها العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية 2019، أن حركة النهضة أبرمت عقدا مع شركة دعاية وضغط أجنبية لتحسين صورتها والتأثير في الانتخابات، في الفترة ما بين سبتمبر 2014 وسبتمبر 2018، تم تجديده بعقد تكميلي ليغطي الفترة الممتدة من 16 يوليو 2019 إلى 17 ديسمبر 2019، وهي الفترة التي جرت فيها الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تونس، وذلك مقابل أموال ضخمة لا تزال مصادرها مجهولة وغير مصرح بها، بلغت 285 ألف دولار.
ويعتبر القانون الانتخابي التونسي البحث عن دعم أجنبي، جريمة انتخابية، حيث ينص الفصل 163 من القانون الانتخابي على أنه "إذا ثبت لمحكمة المحاسبات أن المترشح أو القائمة قد تحصّلت على تمويل أجنبي لحملتها الانتخابية فإنها تحكم بإلزامها بدفع خطية ماليّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل الأجنبي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة