"مافيهوش غلطة" "كامل الأوصاف" "عايز دايمًا يبقى أحسن واحد" عبارات إيجابية دائمًا ما يوصف بها أحد الطرفين فى بداية علاقة عاطفية، أو يطلقها طرف ثالث على شخص لإغراء الطرف الثانى بالقبول به والارتباط به، باعتبارها مميزات إيجابية تزيد من احتمالات قبوله، لكن ما لا يعرفه حتى ذلك الشخص "كامل الأوصاف" أنه فى الكثير من الأحيان يكون هذا السعى للكمالية والمثالية العيب الأخطر والسبب الأول لفشل علاقة عاطفية أو تعاسة الطرفين.
خلال 25 عامًا من العمل فى الطب النفسى الإكلينيكى بشيكاغو الأمريكية، لم تصادف د.ديان جراندى عميلاً يطلب من الجلسة الأولى التغلب على المثالية، فحسبما قالت في مقال بموقع "فسيولوجي توداي"، دائمًا ما يرون أن هذه الميزة الأهم عندهم ويحاولون الحفاظ عليها، فهي تدفعهم دائمًا إلى الارتقاء بمستوى معاييرهم والحفاظ على احترامهم لذاتهم، ولكن ما لا يعرفونه هو أن المثالية تخلق ضغوطًا مزمنة، سواء تم الاعتراف بها أم لا، وتسبب العديد من المشكلات لصاحبها وللطرف الآخر في أي علاقة معه، خاصة العلاقات العاطفية.
رسوم أحمد خلف
خوف دائم من الفشل
وأوضحت الطبيبة النفسية التي تقدم لسنوات مشورة للأزواج والأسر، أن السعي للكمال او المثالية كثيرًا ما يكون ضارًا بسبب سلوكيات شائعة عديدة، أبرزها النقد الذاتي ونقد الآخرين، وطريقة التفكير: إما أن يكون هذا مثاليًا أو يصبح لا قيمة له"، وهو ما يجعله يشعر طيلة الوقت أنه مستنزف فارغ من الطاقة لأنه مضغوط دائمًا بأفكاره، فضلاً عن الخوف الدائم من الفشل الذي يؤدي إلى التسويف والقلق فبدلاً من التركيز على النجاح يركز الباحث عن الكمال على تجنب الفشل.
وهذا ما يفسر كثيرًا تردد "الباحثين عن الكمال" في خطوة الارتباط من الأساس، فهو يؤجل الخطوة مرارًا وتكرارًا خوفًا من الفشل، تارة يبرر ذلك بأنه يرى أنه لم يصبح بعد جيدًا بما يكفي، وتارة بأنه لم يجد الشريك "كامل الأوصاف" الذي يناسبه، وتارة لأن الظروف غير مناسبة، وهكذا يدور في حلقة مفرغة من التأجيل لأنه لا يريد أن يقدم على الخطوة إلا إذا كان أكيدًا من نجاحها بنسبة مئة بالمئة. في المقابل فإن الشريك يشعر بأنه من المستحيل إرضاء الشريك الباحث عن الكمال.
خوف من الفشل
فيه أمل؟
ولكن هل هذا يعني أنه لا أمل على الإطلاق في علاج هذه المشكلة؟ الإجابة هي أنه دائمًا هناك أمل، فقط إذا أدرك الساعون للكمال أنهم كذلك، أو أدرك الأمر شركاؤهم، يمكنهم أن يبدأوا في معالجته والخطوة الأولى دائمًا بعد إدراك المشكلة هي تحديد السبب الحقيقي الذي جعل هذا الشخص من الساعين للكمال أو المثالية، فغالبًا ما يكون ورائها سبب قديم وعميق من الماضي، كأب صعب الإرضاء أو أسرة قدمت له حبًا مشروطًا ومرهون دائمًا بأن يحسن التصرف ويثبت تفوقه وجدارته، وغيرها من الأسباب.
أما الخطوة التالية تأتي بالتدريب على أن "ما لا يدرك كله لا يترك كله" وأن يبدأ في عمل خطوات بغض النظر عن النتائج. في بعض الأحيان سيتطلب الأمر مشورة متخصص نفسي يقدم برنامجًا علاجيًا احترافيًا يتعلم معه فن تقبل النقصان ويزيد من ثقته بنفسه ويدربه على التعاطف مع الذات والتسامح مع أخطائه والتعلم منها.
صفحة وشوشة فى العدد الورقى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة