قال مرصد الأزهر في تقرير له إن دول غرب أفريقيا التي اعتمدت خيار العمليات العسكرية فقط، تواجه تحديات كبيرة في مواجهة تلك التنظيمات التي تسيء استغلال الصراعات الداخلية، والثغرات الأمنية، والتكنولوجيا الحديثة بحيث تمكنت من التوسُّع باتجاه دول المنطقة المترامية الأطراف والممتدة على مساحات شاسعة.
وتابع المرصد، أنه من الأمور التي تزيد من تعقيد عملية المواجهة للإرهاب في غرب إفريقيا الخريطة الجغرافية المعقَّدة في المنطقة؛ إذ يتركز نشاط التنظيمات الإرهابية في المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بعبارة أخرى تحول هذا المثلث الحدودي إلى مركز لأنشطة التنظيمات المتطرفة عابرة الحدود، أهمها داعش والقاعدة، بالإضافة إلى هشاشة البنية المجتمعية بالمنطقة وارتفـاع نسبة الفقـروخروج أجزاء واسعة من منطقة غرب أفريقيا عن سيطرة الحكومات، بسبب التعدد القَبَليٍّ والدينيٍّ، وانتشار الفقر الشديد والصراعات السياسية والاجتماعية، على نحو ساهم في توفير بيئة خصبة لتمدد الإرهاب في دول غرب أفريقيا. بخلاف اتساع الفجوة بين المنظومة التعليمية ومتطلبات سوق العمل وبالتالي انتشار البطالة. بالتوازي مع تدهور حالة حقوق الإنسان، وتضاؤل فرص المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكثرة الحروب والصراعات، والانقلابات العسكرية.
كما تتشابك الصراعات بغرب إفريقيا في معظم الأحيان بشكل معقد ومع انتشار النزاعات بين التنظيمات والمجموعات العرقية المختلفة من جهة، وبين التنظيمات الإرهابية والحكومات من جهة أخرى، أصبح من الصعوبة التمييز بين الإرهابيين وتلك المجموعات العرقية. هذا التداخل يزيد من تحديات مكافحة الإرهاب، وغموض خريطة انتشار التنظيمات الإرهابية. ناهيك عن صراع قبائل المنطقة على قرض النفوذ وتأمين مناطق التجارة وعمليات الدفاع عن النفس.
وأخيرًا تداخل الإرهاب مع العصابات الإجرامية المسلحة والذي ساهم في خروج مساحات شاسعة عن سيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية، على نحو انعكس على ارتفاع معدلات الخطف والتهريب منذ العام 2003م بحثًا عن مصادر تمويل.
وقد أعلنت التنظيمات الإرهابية والعصابات الإجرامية المسؤولية عن هذه الجرائم. ومن ثم فقد ازداد التداخل بين الإرهاب الفكري والجريمة المنظمة؛ بحثًا عن المال والتمويل.
ويطرح المرصد حلولاً لكيفية تجاوز عقبات الخيار العسكري التي تحول دون القضاء على الإرهاب بشكل نهائي في النقاط التاليه:
1- إعداد قاعدة بيانات عن التنظيمات المتطرفة من الضروري في الوقت الراهن بناء شبكة معلومات إلكترونية وبشرية عن التنظيمات والعناصر الإرهابية، تشتمل على معلومات صحيحة عن مواطن القوة والضعف لدى تلك التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى العمل على توقيف عملية المراسلات والحصول على تلك الرسائل، وجمعها وتحليلها، للوصول إلى التنبؤ الدقيق بشأن ما يمكن فعله، ومعرفة طرق الاستقطاب وتجنيد عناصر جديدة، وأوكار ومراكز التدريب، والشخصيات القيادية والمرجعيات الفكرية، ومصادر التمويل والتسليح والدعم اللوجستي، والمرجعيات الاجتماعية والقبَلية للعناصر والقيادات.
2- حصار التنظيمات المتطرفة وتفكيكها من الداخل هذه الخطوة تتبع عملية جمع البيانات والمعلومات مباشرة؛ حيث يتم الاستفادة من الخريطة المعقدة للإرهاب في دول غرب أفريقيا، والتي من أهم ما يميزها تلك المعارك والصراعات التي بين داعش غرب أفريقيا والقاعدة، مع العمل على توظيف العناصر المنشقة واستخدامها لعمليات اختراق صفوف تلك التنظيمات حتى يتم محاصرتها وتفكيكها.
3- تجفيف مصادر التمويل وقطع الدعم اللوجيستي بعد ما سبق من خطوات، يأتي دور تغيير مسار الإرهاب وذلك بتجفيف مصادر تمويله كالتهريب، والخطف وطلب الفدية، ...إلخ، مع العمل على دعم الانشقاقات، وذلك بتسليط الضوء إعلاميًّا والحديث عن تلك الانشقاقات في صفوف التنظيمات الإرهابية، وكذلك من يستسلم من عناصرها ويعلن توبته، والعمل على الإيقاع بين العناصر المتطرفة وظهيرها القبلي، وذلك بالفصل بينها وبين زعماء ومشايخ القبائل.
ويرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إن مكافحة التطرف تكمن في ضرورة تحقيق المعادلة الصعبة من تجاوز المشكلات والتحديات التي تمنع الخيار العسكري، والعمل بشكل متوازٍ مع العمليات العسكرية؛ لإزالة الأسباب التي تساعد في انتشار التطرف ومحاربته فكريًّا ولوجستيًّا، مثل محاربة العصابات الإجرامية وحل الاضطرابات العرقية والقبلية مع تقوية الدولة ومكافحة الفقر، هذا وذاك يقضي على البيئة الحاضنة للإرهاب والمغذية له. ثم الشروع بعدها في تفكيك هذه العصابات وتلك التنظيمات، كل هذه الخطوات لا بد وأن تتضافر في آن واحد مع الجهود العسكرية في المواجهة. وحدة الرصد باللغات الإفريقية.