سنوات وذكريات وعشرة طويلة تجمع الجمهور بالفنان هشام سليم ..هذا الصبى الوسيم الذى عرفه الجمهور وأحبه عام 1972 وهو فى سن 14 عاما مع أول ظهور له فى فيلم "امبراطورية ميم" مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، مجسداً شخصية مدحت الابن المراهق، الذى عبر عن مشاعر ملايين المراهقين فى مثل سنه، ومنذ هذا الحين ارتبط به الجمهور وشعر أنه ابن لكل أسرة .
رأى الجمهور وتابع هذا الفتى وهو يكبر أمام عينيه، واختاره المخرج العالمى يوسف شاهين ليجسد شخصية إبراهيم فى فيلم عودة الابن الضال، وبعدها غاب الفتى ليظهر من جديد فى مرحلة الشباب ويخطف الأنظار فى فيلم تزوير فى أوراق رسمية، ثم توالت أدواره ليبدع فى كل مرحلة من مراحل عمره بهدوء وسلاسة وبلا ضجيج ، يختار أدواره بعناية ويجسدها ببراعة وإتقان وسهولة وصدق.
دخل هشام سليم القلوب حين جسد شخصية عادل البدرى بكل تحولاتها فى مسلسل ليالى الحلمية ، واستفز المشاعر وهو يجسد شخصية بهلول الابن الوصولى العاق فى فيلم "الأراجوز" ، وصدقناه وأحببناه وهو يجسد شخصية هشام أنيس الشاب المثالى صاحب المبادئ فى مسلسل الراية البيضا، وفى ذات الوقت لم نر أنسب منه لتجسيد شخصية محسن الشاذلى الشاب المدلل "التوكسيك" فى مسلسل هوانم جاردن سيتى ، تشعر كأنك تعرفه وتعاملت معه بما يحمله من مشاعر واقعية وحقيقية وهو يجسد شخصية حسنى النعمانى الشاب المتعلم شقيق الأسطى حسن فى مسلسل أرابيسك، وترى فيه طاقات وإمكانيات ومواهب فنية لم تستغل بعد حين تشاهده يتقن أدواره الاستعراضية ، ويغنى ويرقص فى عدد من الأعمال، ومنها مسرحية شارع محمد على وفيلم يامهلبية يا، و فوازير خد وهات، يفاجئك بقدرته على تجسيد شخصية ابن البلد أوالفلاح والعمدة فى مسلسل المصراوية الذى جسد فيه شخصية العمدة فتح الله االحسينى أو شخصية شمس الدين عاشور الناجى فى مسلسل الحرافيش ، ويصل إلى قمة النضج الفنى حين قام بدور رجل المخابرات فى مسلسلى هجمة مرتدة وكلبش، وغيرها عشرات الأدوار المتنوعة.
تنوعت أدوار هشام سليم وفى كل منها أثبت موهبته الكبيرة وبراعته فى تجسيد الشخصيات المختلفة وقدرته على انتقاء أدواره فى كل مراحل عمره، دائماً تراه طبيعياً حقيقياً دون تكلف أو تصنع لذلك يدخل قلب وعقل المشاهد بسهولة.
وبالرغم أن الفنان الكبير هشام سليم لا يحب الظهورفى الكثير من اللقاءات أو الحوارات إلا أنك بمجرد أن تراه تشعر بأن الصدق والتلقائية وعدم التكلف أو التصنع جزء من شخصيته، يحمل الكثير من صفات والده المايسترو صالح سليم مظهراً وجوهراً، ويطبق ما تعلمه منه وتربى عليه من الصدق والوضوح فى التعامل مع كل الأمور الشخصية والفنية، حتى أنه كشف فى أحد حواراته أنه اعترف لوالده بأنه تعاطى مادة مخدرة على سبيل التجربة لمرة واحدة حين كان فى أمريكا.
تعلم هشام سليم من والده أن يكون صادقاً وأن الطريق المستقيم هو أقصر وأسهل الطرق لذلك فهو لا يعرف اللف والدوران والطرق الملتوية، كما تعلم من المايسترو أنه حين تعمل وتنجح فهذا هو العادى الذى لا يحتاج أن تنتظر شكراً أو تصفيقاً وتهليلاً ولكن غير العادى أن تعمل وتفشل، فهذا يحتاج أن تقف وقفة مع النفس لتصارحها وتعرف أسباب فشلك.
لمس الجمهور الكثير من صفات هشام سليم فى تعامله وحديثه عن قضية ابنه نور المتحول جنسياً ، ومدى تفهمه وحكمته فى التعامل مع هذه القضية.
وفضلا عن هذه الحكمة والرزانة فإنك حين تستمع أو تشاهد أحد حوارات الفنان هشام سليم تكتشف ما يتمتع به من خفة ظل وبساطة وقدرة على الإقناع واكتساب حب واحترام الجمهور الذى جمعه به عشرة ومحبة دامت 50 عاما، منذ رآه فتى مراهقاً وحتى أصبح أباً حكيماً ناضجاً، فرأت فيه معظم الأسر صورة الابن والأخ والصديق والأب.
شعر الجمهور بالقلق حين عرف خبر مرض الفنان الكبير هشام سليم وكأنه فرد من كل أسرة مصرية وعربية، ولكن جاء تعليق الفنان الكبير ليحمل من القوة والصبر ما يتوافق مع شخصيته وصفاته وما يطمئن جمهوره ، حيث قال :" راض بقضاء الله والحمد لله كل اللي يجيبه ربنا كويس، وأنا بخير لحد دلوقتي ، السرطان بقى عادي بالنسبة لأمراض تانية زي الكورونا اللي بتموت الناس في ٣ أيام".
وبهذا الصبر والقوة والثبات والبساطة وبروح الفتى المتمرد الذى أحببناه من أول مشهد فى حياته قرر هشام سليم أن يقاوم المرض ولا يستسلم أو يرفع الراية البيضا وبدعوات الملايين من جمهوره سيتجاوز أزمته الصحية ويعود ليكمل مشواره ويفصح عن المزيد من الطاقات الفنية والمواهب التى يمتلكها هذا الفنان الموهوب المحبوب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة