الاقتصاد هو الشاغل الأول والمؤشر الأهم فى كل العالم والدول والحكومات، وهناك اهتمامات تختلف حسب المكان الذى يقف فيه الفرد، فالخبراء يهتمون أكثر بالنظريات والأنظمة والقرارات الاقتصادية والمالية والبنكية، والموازنة والأبواب المختلفة، الفائدة بين الرفع والخفض، بينما المواطن فى النهاية يحكم على ما فى يديه من الدخل وقدرته على توفير احتياجاته، والأسعار ومدى استقرارها، وقدرته على تدبير الموازنة المنزلية بالشكل الذى يجعل الدخل متناسبا مع القدرة الشرائية، وتوفير موازنة الأسرة من طعام وشراب وملابس وتعليم وعلاج.
وفى ظل اتساع منصات النشر، كثيرا ما يختفى الفاصل بين الحقيقة والشائعة أو نصف المعلومة، ويرى كل فرد فى نفسه القدرة على قراءة الأحداث من وجهة نظره حتى لو كان مجرد رأى فردى وليس تحليلا، ويميل البعض إلى التبسيط بشكل مخل، أو يتوقف عن صورة أو لقطة أو إيفيه، ومن هنا تأتى أهمية فتح حوار أوسع، على مائدة يطرح فيها كل طرف وجهة نظره، مقابل وجهات نظر مختلفة.
وهو ما يحققه الحوار الوطنى، وأيضا المؤتمر الاقتصادى الذى تعقده الحكومة ويتيح الاستعانة بخبراء من مدارس مختلفة يطرحون وجهات نظرهم فى الإجراءات الاقتصادية والسياسات المختلفة، انطلاقا من وجهات نظرهم وانتماءاتهم.
وعلى سبيل المثال فإن بعض السياسيين والخبراء كانت لديهم تساؤلات حول العاصمة الإدارية والمشروعات القومية، فى الطاقة والزراعة، وعندما شاهدوا هذه المشروعات أو دخلوا فى نقاشات اتضحت لديهم التفاصيل، وتكونت وجهات نظر أخرى بناء على قناعات، وكان هذا فى أحد منتديات الشباب وبمبادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يوجه الحكومة دائما لإعلان المعلومات والتفسيرات وتبسيط القرارات والتحركات للجمهور، والرئيس هو الذى وجه الحكومة ورئيس الوزراء لعقد مؤتمر فى مايو الماضى لإعلان ما تم اتخاذه تجاه التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية.
وهناك فرق بين المؤتمر الاقتصادى، والحوار الوطنى فى محوره الاقتصادى، فالمؤتمر للمتخصصين ويتعامل مع الاقتصاد من زاوية القرارات والإجراءات والخطط التى تمت، أو قراءات مختلفة للموازنات والتعامل مع الدين أو الأسعار، وكيفية توفير المخزون واستراتيجية الدولة، وبالتأكيد يكون هناك تنوع فى وجهات نظر الخبراء والأكاديميين، فضلا عن كون المؤتمر فرصة لتقريب وجهات النظر بين النظريات والتطبيق على أرض الواقع، خاصة أن بعض المتخصصين والخبراء كانت لهم تجارب فى العمل التنفيذى والوزارى، ويمكن تقييم تجربتهم العملية، فى ظل خبراتهم النظرية وما يطرحونه فى مقالات أو تصريحات تليفزيونية.
أما المحور الاقتصادى فى الحوار الوطنى، بالرغم من أنه يتشابه مع المساهمات فى المؤتمر الاقتصادى لكنه يتسع أكثر للتقاطع مع السياسة ويعرض آراء أكثر تنوعا فيما يتعلق بالأزمة العالمية وانعكاساتها ومدى التنوع فى الآراء حول الاقتصاد والسياسات الاقتصادية.
ومن المهم استغلال الحوار الوطنى فى وسائل الإعلام، والفضائيات بما يتيح عرض الآراء، فى المجالات السياسية والاقتصادية، التى تتعلق بحياة الناس اليومية، مثل الأسعار ونصيب الأزمة العالمية فيها، وتقييم الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التى تمت للتخفيف عن الفئات غير القادرة، ومدى مساهمة المشروعات القومية فى الطرق والنقل والكهرباء والزراعة فى جذب استثمارات، وتوفير فرص عمل، وشرح لحجم الفرص الاستثمارية فى مجالات الصناعة والزراعة والطاقة، والصحة، والتى يمكن للقطاع الخاص المساهمة فيها، بل وشرح أهمية جذب استثمارات خارجية باعتبارها إضافة للاقتصاد سواء بتوسيع رؤوس أموال شركات قائمة، أو الاستثمار فى صناعات مطلوبة فى الغذاء والدواء، أو القطاع العقارى، باعتبار أن الأموال التى تأتى من الخارج، هى إضافة للسوق وللاقتصاد، وعلى الخبراء توضيح ذلك من خلال استعراض الفرص الاستثمارية فى العالم، وعولمة الاقتصاد التى تصنع منافسة لجذب الاستثمارات الخارجية.
وفى كل الأحوال فإن الحوار والمؤتمر فرصة للمزيد من المناقشات والتنوع، والانتقال من النظرى إلى العملى وحياة الناس ومصالح المواطنين.