تميز تاريخ الأرض بثورات بركانية كبيرة، تسبب بعضها في حدوث اضطرابات مناخية وبيولوجية أدت إلى حدوث بعض أكثر أحداث الانقراض تدميرا فى تاريخ الأرض، وسلط العلماء الآن الضوء على التوقيت والسبب المحتمل لهذه الأحداث التى وقعت منذ ملايين السنين.
ووفقا لما ذكره موقع "RT"، كشفت دراسة جديدة أجرتها كلية الثالوث فى دبلن (Trinity College Dublin) أن تباطؤ حركة الصفائح القارية كان الحدث الحاسم الذى مكّن الصهارة من الصعود إلى سطح الأرض وإحداث تأثيرات مدمرة.
ويعتمد الاكتشاف المفاجئ على البيانات الكيميائية من رواسب الحجر الطينى القديمة التى حصل عليها العلماء من بئر بعمق ميل في ويلز.
وقال الباحث الرئيسى للدراسة، الدكتور ميشا روهل، من كلية الثالوث فى دبلن: "لطالما اعتقد العلماء أن بداية صعود الصخور البركانية المنصهرة، أو الصهارة، من أعماق باطن الأرض، مثل أعمدة الوشاح، كانت المحرض على مثل هذا النشاط البركانى''. لكن الأدلة الجديدة تظهر أن المعدل الطبيعى لحركة الصفيحة القارية لعدة سنتيمترات سنويا يمنع فعليا الصهارة من اختراق القشرة القارية للأرض.
ويبدو أنه فقط عندما تتباطأ سرعة حركة الصفائح القارية إلى ما يقارب الصفر من الصهارة من أعمدة الوشاح يمكن أن تشق طريقها بشكل فعال إلى السطح، ما يتسبب في ثورات بركانية كبيرة فى المقاطعات النارية وما يرتبط بها من اضطرابات مناخية وانقراضات جماعية.
وتقع أكبر البراكين فى العالم فى مناطق تسمى الأقاليم البركانية الكبيرة (LIPs)، والتي تشمل مصاطب سيبيريا ( تُشكل منطقة كبيرة من الصخور البركانية، تُعرف بأنها إقليم ناري كبير فى سيبيريا) فى روسيا، والتى تمتد على أكثر من 500 ألف ميل مربع، وكانت موقعا لنحو مليون عام من النشاط البركاني الملحمى.
وتسببت أكبر الانفجارات البركانية في حدوث زيادات كبيرة في انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، والتي أدت إلى ارتفاع درجة حرارة مناخ الأرض، وأدت إلى تغييرات غير مسبوقة في النظم البيئية، وإلى انقراضات جماعية على اليابسة وفي المحيطات.
وتمكن الفريق الدولي من العلماء المشاركين في هذه الدراسة من ربط حدثين رئيسيين وقعا خلال فترة التورسي (وهي رابع مرحلة من فترة الجوراسي المبكر)، منذ نحو 183 مليون سنة.
وتميزت هذه الفترة الزمنية ببعض من أقسى التغيرات المناخية والبيئية على الإطلاق، وتزامنت بشكل مباشر مع حدوث نشاط بركاني كبير وما يرتبط به من انبعاثات غازات دفيئة في نصف الكرة الجنوبي.
وأظهرت نماذج إعادة بناء الكمبيوتر أن تباطؤ حركة الصفائح القارية كان العملية الجيولوجية الأساسية التي بدت أنها تتحكم في توقيت وبداية هذا الحدث البركاني وغيره من الأحداث الكبرى.
وبشكل حاسم، يُظهر مزيد من التقييم أن الانخفاض في حركة الصفائح القارية من المحتمل أن يكون تحكم في بداية ومدة العديد من الأحداث البركانية الكبرى عبر تاريخ الأرض، ما يجعلها عملية أساسية في التحكم فى تطور المناخ والحياة على سطح الأرض عبر تاريخ هذا الكوكب، بحسب الدكتور روهل.
وخلال الـ 600 مليون سنة الماضية كانت هناك خمس حالات انقراض جماعى كبرى. وبينما تمت دراسة بعضها جيدا، فإن البعض الآخر ما يزال أكثر غموضا.
وحدثت الانقراضات الثلاثة الأولى قرب نهاية العصر الأوردوفيشى (قبل نحو 445 مليون سنة)، ونهاية العصر الديفوني (من 385 إلى 359 مليون سنة مضت)، وفي نهاية العصر البرمى (قبل 252 مليون سنة).
وكانت أكثر هذه الأحداث تدميرا، هى نهاية العصر البرمى، التى قضت على نحو 96% من جميع الأنواع البحرية ونحو 70% من جميع الأنواع المعروفة على الأرض.
وحدثت الانفجارات البركانية الهائلة على نطاق لم يسبق له مثيل، مع تأثيرات أخرى تشمل تأثير الاحتباس الحرارى الجامح الناتج عن إطلاق غاز الميثان من الكراترات فى قاع البحر. واستغرق التعافى نحو 10 ملايين سنة.
وأثر الانقراض فى نهاية العصر الترياسى، منذ نحو 201 مليون سنة، في الغالب على الحياة في المحيطات، مع انقراض ثلث الأنواع البحرية. كما انقرضت بعض مجموعات الزواحف على الأرض.
وحدث آخر انقراض جماعى قبل 66 مليون سنة عندما اصطدم كويكب بحجم مدينة بخليج المكسيك وقتل الديناصورات.
وتساعد الدراسة على فصل العمليات المختلفة التى تتحكم فى تغير دورة الكربون العالمية ونقاط التحول فى نظام مناخ الأرض.
ويمكن أن يكون لها آثار اليوم، حيث يُعتقد بالفعل أن الانقراض الجماعى السادس جار بسبب الاحترار العالمي من صنع الإنسان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة