في رسالة قصيرة لا تخلو من الصدمة والحيرة والانزعاج قالت الأم "ابنتي عمرها 16 سنة، اكتشفت أنها تتكلم مع أولاد على التليفون، سحبت منها التليفون منذ فترة وهي تريد أخذه مرة أخرى، وتقول إنها غلطة ولن تتكرر لكني ما زلت عاجزة عن الثقة بها، حين أخذت الهاتف أغلقته طيلة تلك الفترة، كي يتوقف عن الاتصال بها لكن للأسف الولد يتصل، قطعت عنها كل السبل حتى البيت لا تخرج منه، تخبرني أنها نادمة ولن تكرر الخطأ لكني أشعر بالحيرة، لا أعرف ماذا أفعل؟"
***
القارئة العزيزة، نتفهم تمامًا صدمتك وقلقك وانزعاجك، فالفتاة التي لا تزالي ترينها طفلة صغيرة أصبحت مراهقة، تشق طريقها للأنوثة وتحاول، بشكل طبيعي جدًا، استكشاف الجنس الآخر وهو ما يجعلك تشعرين بالمسئولية والصدمة في آن واحد، وكان التصرف الأول الذي خطر ببالك، هو التصرف الذي ربما كانت أمك ستفعله لو كانت مكانك، ولكن للأسف الزمن تغير، وعزل الابنة عن العالم ليس ممكنًا أبدًا في هذا الزمن، وليس هو الحل الصحيح على الإطلاق.
ويقول دكتور ريمون ميشيل استشارى الصحة النفسية والإرشاد الأسري وتعديل السلوك، إنه مما لا شك فيه أن تصرف الابنة الفاضلة يحتاج إلى تقويم، ولكننا دائما نبحث مع الأسرة عن الأساليب والوسائل التربوية الصحيحة للتعامل مع مشكلات المراهقة والتي تحتاج إلى المزيد من الصبر والتفهم لسلوك المراهق حتى نستطيع أن نعبر به إلى بر الأمان وذلك بأن نكسب ثقته أولًا.
تتسم فترة المراهقة بالتقلبات المزاجية لتغيرات هرمونية ولأسباب أخرى نفسية، يزداد فيها التعلق العاطفي بأشخاص من الجنس الآخر لكسب الثقة الذاتية ولإشباع الحاجة العاطفية إلى الشعور بالحب والقبول.
من خلال رسالتكم أرى أن الابنة لديها القابلية والدافع لتعلم الصواب، لذا أرى وأحسب أن ابنتك تعاني من الحرمان العاطفي داخل المنزل لذا قد لجأت للبحث عنه في الخارج لأن الأسرة التي تمنح المراهقات الشعور بالقيمة الذاتية والاحتواء العاطفي قلما تبحث فيها الفتاة عن شخص يسعدها بعذب الكلام.
الابنة تحتاج إلى من يشبع رغبتها وغريزتها الفطرية للشعور بالحب والثقة والأمان، لذا لابد من إيضاح أن وسيلة الحرمان من الهاتف أو كبت مشاعرها وحبسها لن يأتي إلا بمزيد من السلوك الخاطئ وغير السوي، ونرى أن بداية العلاج أن تخصصي لها وقتًا خاصًا يفضل أن يكون في مكان بعيد عن المنزل، وتبدأي معها الحديث بلا توبيخ وتطلبي منها أن تصارحك عن دوافعها للحديث مع الأولاد ومدى علاقتهم بها، ويجب أن لا تشاركي الحديث أبدًا مع شخصًا آخر لكي تكسبي ثقة الابنة، استمعي بإنصات واهتمام ودون محاكمة ولا استخفاف بمشاعرها.
اسمعيها ثم اسدي لها النصح والإرشاد وذكريها بخطورة الأمر من الناحية الدينية والاجتماعية، اقتربي إليها وامدحي تصرفاتها، قدمي الإطراء لها عندما تفعل حسنًا تابعي سلوك الابنة بعد ذلك وراقبي أفعالها، اشبعيها بمزيد من الحب، فهي لا تحتاج إلى الولد بعينه بقدر احتياجها لكلمات الثناء والإعجاب، دعيها تشترك في أنشطة اجتماعية تشبع ميولها ورغباتها وتناسب قدراتها وتشعرها بالقيمة لتجنب الفراغ العاطفي، كرري جلسات المصارحة والثقة كلما سنحت الفرصة لذلك، ونحن على يقين بأن نرى الابنة في وضع أفضل بعد تطبيق الإرشادات المذكورة.
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة