تعمل الدولة المصرية للتحول الأخضر من خلال تنفيذ المئات من المشروعات، وخاصة بعد أن اصبحت قضية تغيّر المناخ وتدهور البيئة لتحتل مكان الصدارة في قائمة القضايا الشائكة التي تتطلّب استجابة عالمية مُوحدة، بما يتماشى مع أهداف التنمية المُستدامة ومع اتفاقية باريس (2015)، وقد دعا مُؤتمر الأطراف (COP 26) الـمُنعقد في جلاسكو عام 2021 إلى اتخاذ التدابير اللازمة لـمُكافحة تغيّر الـمناخ، والتشديد على أهمية التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر والذي يؤدي إلى تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية الـمُستدامة دون أن يقترن ذلك بالتدهور البيئي
وقد ادركت الدولة المصرية مخاطر التغيّرات الـمناخية وتبِعاتها السلبية على الـموارد الاقتصادية تحرص مصر على الحفاظ على الـمنظومة البيئية وصون الـموارد الطبيعي وهو ما يتجلّى في تضافر جهود كافة الوزارات وأجهزة الدولة لتوفير مقوّمات التحسين البيئي من مُنطلق تحقيق الاستدامة البيئية، وتنمية الاقتصاد الأخضر.
وفي في إطار استضافة مصر لمُؤتمر الأطراف لاتفاقيّة الأمم الـمُتحدة الإطاريّة حول تغيّر الـمُناخ (Cop 27)، تحرِص الحكومة على تبنّي الـمُبادرات الداعمة للنمو الأخضر الـمُستدام لتُشكّل استثماراتُها نسبة تتراوح بين 35% و40% من إجمالي الاستثمار في عام الخطة، مُقابل 30% في الوقت الراهن، وللوصول إلى 50% بحلول عام 2025، وإلى 100% بحلول عام 2030، ولذا، تتبنّى الخطة عِدّة برامج تستهدف التصدي للتغيّرات الـمناخية وانعكاساتها السلبية على النظام البيئي والاقتصادي الوطني.
واستعرض تقرير وزارة التخطيط أهم الـمُبادرات والبرامج الحكومية الـموجّهة للتحسين البيئي والتحوّل للاقتصاد الأخضر، ففي قطاع النقل تتضمّن الخطة التوسّع في مشروعات النقل الـمُتطوّر، مثل القطار الكهربائي والـمُونوريل والأوتوبيس التردّدي البديل للـميكروباص على الطريق الدائري، وكذا شبكات مترو الأنفاق والسيارات الكهربائيّة، بالإضافة إلى برنامج تحويل السيارات الحكومية لاستخدام الغاز الطبيعي بدلًا من البنزين، وفي قطاع الصناعة تتبنّى وزارة التجارة والصناعة عِدّة برامج لـمُكافحة التلوّث الصناعي وحماية البيئة، مع التركيز على الصناعات الرشيدة في استخدامات الطاقة والـمياه والـموارد الطبيعية، مع دعم الصناعات صدي البيئة، وإعادة تدويل الـمُخلّفات واستخدام مياه الصرف الصناعي فضلًا عن التوسّع في إبرام الاتفاقيات الدولية لإنتاج الهيدروجين الأخضر كمادة وسيطة لإنتاج الأمونيا الخضراء، وبتكلفة تقديرية للـمرحلة الأولى نحو 4 مليار دولار.
وفيما يتعلق بقطاع الكهرباء والطاقة الـمُتجدّدة تستهدف الـمُبادرات الـمطروحة بالخطة، رفع نسبة الطاقة الـمُتجدّدة إلى 22% من جُملة الطاقة الـمُستخدمة عام 22/2023، ثم إلى 25% عام 24/2025، ولتقترب من مُستهدفات عام 2035 (42%)، من خلال التوسّع في مشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الرياح لتوليد الكهرباء على غِرار محطة بِنبان بأسوان للطاقة الشمسية، ومشروع رأس غارب لتشغيل مزارع الرياح، بالإضافة إلى تشجيع الـمشروعات التي تقوم بتحويل الـمُخلّفات إلى طاقة، وبالنسبة لقطاع الزراعة تتضمّن الـمُبادرات الـمطروحة بالخطة، التوسّع في الزراعات العضوية، وترشيد استخدام الـمُبيدات الكيماوية والحشرية، وكذا التوسّع في الـمجازر الآلية لرفع كفاءة الوحدات البيطرية، وأيضًا، التوسع في زراعة الحاصلات الـمُقاومة للجفاف والرطوبة والـملوحة وقليلة الاستخدام للـمياه، مع التوجّه لتقنيّات الزراعة الحديثة واستنباط سُلالات أصناف جديدة مُبكرة النضج.
وحول قطاع الـموارد المائية والري تتضمّن الـمُبادرات التوسع في نظام الري الحقلي الحديث واستخدام نظام الري التبادلي لخطوط الزراعة، والتوسّع في تحلية الـمياه الجوفية، والتوسّع في مشروعات تخزين مياه الأمطار والسيول، وتحسين جودة شبكات الري والصرف العام والـمُغطى، والتوسّع في أعمال التغطية من مصارف وتبطين الترع، وفيما يخص قطاع السياحة تتضمّن المُبادرات تنشيط السياحة الخضراء في إطار منظومة الاستدامة البيئية من خلال تحفيز إقامة الفنادق الـمُتوافقة مع البيئة (الفندق البيئي Ecolodge)، على غِرار التجارُب الناجحة في مُنتجعات واحة سيوة ومرسى علم بالبحر الأحمر، ودهب بخليج العقبة، ومن خلال مُتابعة التزام الشركات والـمُنشآت بالضوابط البيئية كشرط أساسي لحصولها على شهادات الصلاحية البيئية ولـمُواصلة العمل، كما توجد مُبادرات لتحويل الـمركبات الـمُرخصة سياحيًا للعمل بالطاقة الصديقة للبيئة وكذا، إلزام مراكز الغوص بالحصول على العلامة الخضراء، وإلزام كافة الـمنشآت الفندقية والسياحية في مدينة شرم الشيخ (كمرحلة أولى) بما يُفيد حصولها على شهادة الاعتماد وفقًا لاشتراطات الـممارسة الخضراء صديقة البيئة.