على قدم وساق، تجرى مصر استعدادات مكثفة لقمة الأمم المتحدة للمناخ القادمة التي تستضيفها مدينة شرم الشيخ فى نوفمبر المقبل، والتي ستكون أهم حدث بيئى فى العالم، كما وصفها فرانشيسكو لا كاميرا، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، الذى زار مصر مؤخرا.
وفى حوار أجرته معه اليوم السابع، أشاد لا كاميرا بالدبلوماسية المصرية التي تسعى من أجل إنجاح القمة، وقال إن COP 27 تأتى فى اللحظة المناسبة لتغيير الأوضاع المتعلقة بقضايا المناخ، وستنجح الرئاسة المصرية فى هذا، وستكون هناك فرصة هامة للتركيز على القارة الافريقية التي تم إهمالها بقدر ما.
وفيما يلى نص الحوار..
أخبرنا عن مشاركتك مؤخرا فى منتدى مصر للتعاون الدولى والتمويل الإنمائى؟ ومدى أهميته خاصة أنه يأتي قبل قمة الأمم المتحدة للمناخ COP 27 التي تستضيفها مصر؟
أعتقد أن هذا المنتدى جاء فى اللحظة المناسبة، قبل تنظيم مصر لقمة المناخ COP27 حيث سيكون التعاون الدولى أحد العناصر الرئيسية للمناقشات التي ستجرى فى شرم الشيخ، وأيضا لأن اجتماع قمة العشرين الأسبوع الماضى أكد أيضا على أهمية التعاون الدولى.
لذلك، فإنه من المهم للغاية إجراء تلك المناقشات، وأن يستطيع التعاون الدولى إحداث فارق فى تقديم الدعم للدول النامية، ليس فقط فى جهود تخفيف آثار انبعاثات ولكن أيضا محاولة بناء أو دعم بناء الصناعات الخضراء فى هذه البلاد.
كيف ترى استضافة مصر لـ COP27
؟لقد استضفنا وزير الكهرباء والطاقة المتجددة فى يناير الماضى، ونقدر بشدة دعوته إلى قيادة المفاوضات المعتادة فى COP27 والتركيز بشكل أكبر على اتخاذ إجراءات. لذلك أعتقد أن القمة تأتى فى اللحظة المناسبة لتغيير الأوضاع على مستوى القيادة، وستنجح الرئاسة المصرية فى هذا، وستكون هناك احتمالية هامة للتركيز على القارة الافريقية التي تم إهمالها بقدر ما.
ماذا عن توقعاتك لـ COP27 ؟ هل تعتقد أنه سيكون هناك مزيد من التعهدات من الدول بشأن التعامل مع آثار تغير المناخ، خاصة فى أفريقيا باعتبارها الأكثر تضررا؟
المشكلة فى رأيى ليست فى التعهدات، فقد كانت هناك تعهدات بالفعل. لكن المشكلة هي الطريقة التي تترجم بها إلى الواقع. فيمكنك أن تقطع التزاما ببناء دون أن يتم ذلك. والأمر يتعلق بكثير من الأشياء، يمكن أن تكون الدول المتقدمة أو الحصول على التمويل أو إيجاد البيئة القانونية الأكثر مناسبة لتنفيذ الاستثمارات، أو الاستدامة أو وجود إجراءات وعملية واضحة، أو كل هذه العوامل معا. لذلك، فأنا أعتقد أن الاستثمارات ستأتى لو أن هناك البيئة القانونية المناسبة والمواتية للاستثمارات.
كما أنه من المهم أيضا توفير المساعدات الفنية لمشاركة المؤسسات محليا فى مكافحة التغير المناخى، كما أن من المهم أيضا مناقشة جودة المشروعات التي يتم الافتقار إليها فى بعض الأحيان. لذلك، فإن كل هذه الجوانب سيتم مناقشتها بالتأكيد فى COP 27.
لقد أطلقت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة مؤخرا ما يعرف بالتحالف العالمي للتخلص من الانبعاثات الكربونية في القطاع الصناعي، والذى سيعقد أول اجتماع له خلال قمة COP 27
؟ فما الذى يطمح إليه هذا التحالف؟الأمر الهام هنا هو أن التعهدات الخاصة بالمناخ تأتى من الحكومات وبدرجة أقل القطاع الصناعى، وهو كما واضح أسماء الشركات المشاركة فى التحالف العالمي للتخلص من الانبعاثات الكربونية ، فإنها شركات كبرى. لذلك من المهم للغاية أن تتولى هذه الشركات القيادة فى الحد من الانبعاثات الكربونية فى القطاع الصناعى، حتى يكون لدينا قطاع صناعى يعتمد على الوقود الأخضر وليس الوقود الأحفورى. لذلك يمكننا القول بأن هذه المبادرة ترسل الإشارة المناسبة بأن قمة شرم الشيخ ستكون هامة لرؤية كيف أن هذه المبادرة ستبنى نفسها، ويمكن أن تضم شركاء آخرين، ومحاولة التخطيط للعمل خلال السنوات القادمة.
ما مجالات التعاون بين الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومصر؟
إن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" تقدم سبل مختلفة للتعاون، نبذل كافة جهودنا للنجاح فى قمة المناخ المرتقبة، ونعمل بشكل أساسى فى مجال المشروعات لتعزيز جودتها، ونحن جزء من مبادرات مثل إتاحة المياه وطاقة الغذاء. وبعد مرحلة التخطيط، يأتى الإعداد لمناطق وأنواع الاستثمارات. لذا نحن نقدم المشورة نوعا ما فى هذه المشروعات لمصر، للحكومة والقطاع الخاص. فرغم أن إيرينا وكالة تمثل الحكومات إلا أنها تعمل أيضا مع القطاع الخاص.
ما الدور الذى يمكن أن يلعبه القطاع الخاص فى مجال مكافحة التغير المناخى؟
الدور الأساسى هو الاستثمار، القيام باستثمارات كبيرة فى مجال الطاقة النظيفة والصناعات النظيفة، وإنشاء المصانع التي تعمل بالطاقة النظيفة، ولوحات الطاقة الشمسية ومحاولة جلب سلاسل الإمداد إلى السوق المحلى وإلى أفريقيا. وهناك مبادرات قائمة بالفعل، وربما يكون هناك مبادرات أخرى، لكن المهم هو البناء وتوفير الظروف المناسبة للاستثمار مثل شبكات الطاقة الكهربائية، فهى أولوية، فلا يمكن أن يكون لديك المزيد من الطاقة المتجددة ما لم يكن لديك شبكات، ويجب العمل على توفير الوصول إلى تلك الكهرباء. إنها مأساة أنه لا يزال هناك ملايين من الناس لا يوجد لديها كهرباء. وأفريقيا بحاجة على استثمارات بنحو 6 مليارات دولار، لكن العام الماضى كان لدينا مليارين فقط.
تعاونت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة مع مصر لتعزيز الطاقة المتجددة. وفى عام 2018، كان هناك المؤتمر الأول لتعزيز التحول إلى الطاقة المتجددة. فما هي ثمار هذا التعاون حتى الآن، وما هي توقعاتكم لمستقبل الطاقة المتجددة فى مصر؟
لقد وضعت حكومة مصر هدفا طموحا للغاية، وتقوم الحكومة بتطوير باستثمارات فى الطاقة الشمسية، وأعتقد أن الأمور تسير فى الاتجاه الطبيعى.
أي مجالات الطاقة المتجددة التي تستطيع مصر أن تحقق منها أكبر استفادة؟
أعتقد أن كل أنواع الطاقة المتجددة متوفرة فى مصر، الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتعد السواحل على وجه التحديد مصدر هام حيث تتواجد بها الشمس والرياح، وهى عناصر جيدة للتحول نحو الطاقة المتجددة. وهناك أيضا محطة بنبان للطاقة الشمسية فى أسوان، وهى من بين الأكبر فى العالم.
أعلنت مصر مؤخرا عن استثمارات فى الهيدروجين الأخضر، ووقعت اتفاقا مع الهند فى هذا الشأن بقيمة 8 مليار دولار؟ كيف ترى مستقبل الهيدروجين الأخضر فى مصر وأفريقيا؟
أعتقد أنه واعد للغاية. فسعر الهيدروجين الأخضر سيتحدد بعاملين، الأول هو تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة، والثانى هو تكلفة النقل. ومن العوامل التي ستؤثر أيضا هو مدى القرب أو بعد من الأسواق "التجارة". وقارة افريقيا قريبة بشكل ما من أوروبا، ولأن أوروبا لا تستطيع أن تنتجه بنفسها لأن الظروف فيها مختلفة، لذلك فإن هناك أسواقا واعدة.
ودعونا نتذكر أن أفريقيا متصلة بأوروبا فى العديد من النقاط، وهو ما سيسهل عملية نقل الهيدروجين الأخضر.
الحرب فى أوكرانيا أحدث أزمة كبيرة فى الطاقة القت بظلالها على العالم أجمع، هل تعتقد أن هذه الحرب والتغييرات الأخرى التى نشهدها ستدفع مزيد من الدول إلى التحول نحو الطاقة النظيفية والمتجددة؟
80% من دول العالم معتمدة على الوقود الأحفورى، والذى يعتمد بدوره على نظام مركزى قائم على الموارد الطبيعية. ومن ثم فإن الغاز والنفط ليسا متاحين للجميع، بل الأمر قاصر على الدول التي بها تلك الموارد الطبيعية فقط. لذلك فإن السوق يحارب من أجل منافسة هي ليست موجودة. وكشفت أزمة أوكرانيا أن بعض الدول يمكن أن تستخدم مواردها ضد دول أخرى.
من ناحية أخرى، لا أحد يشك أن الطاقة المتجددة نظيفة وتنافسية ويمكن أن لها تأثير اقتصادى واجتماعى، حيث ستوفر مزيد من الوظائف. والطاقة المتجددة ستكون غير مركزية، لذلك ستكون الفرصة أمام الجميع متاحة لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة. ومن سيكون له القدرة على الإنتاج يمكن أن يكون مهيمنا على السوق، وفى النهاية سيقدم مساهمة فى أمن الطاقة.
لا كاميرا
فى الوقت الراهن هناك اتجاه ببعض الدول للعودة إلى الفحم لتوفير الطاقة لشعوبها فى فصل الشتاء، لكنهم فى نفس الوقت يعلنون عن جهود لخفض الانبعاثات. لذلك نعتقد أن هذه الأزمة فى النهاية ستؤدى إلى الإسراع فى الحد من الانبعاثات.
إلى أي مدى ستستفيد أفريقيا من استضافة مصر لقمة المناخCOP27
؟بالتأكيد، ونعمل على تحقيق ذلك، فهناك إمكانيات عديدة لدفع العالم النامى للتعاون من أجل بناء اقتصاد دوله، وهو نهج قائم على التعاون بشكل رئيسى.
وسيكون الهدف الأساسى بقمة المناخ فى شرق الشيخ هو إيجاد طريقة جديدة ونوع جديد للمشاركة لدول العالم النامى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة