لماذا عادل إمام، عندما يذكر اسمه فتكون هناك ضجة كبيرة، واهتمام، هل هذا الأمر يبدو طبيعيا أم مبالغ فيه؟ تساؤلات يطرحها البعض مع كل حدث يرتبط باسم النجم الكبير.. لكن كيف لا نهتم ونكتب ونسأل عنه وهو النجم العابر للأجيال، ظاهرة فنية فريدة تربع على عرش الفن لما يقترب من 6 عقود.
في بداياتي وعندما بدأت ممارسة مهنة الصحافة كانت رؤية الفنان الكبير عادل إمام تكاد تكون أمر أشبه بالمعجزة، كان الزعيم مكتفيا بأن ينجز عملا تلو الآخر، متابعا لردود أفعال جمهوره الذي ينتظره في مواسم ثابتة، ومتابعا لإيراداته الكبيرة والمضمونة من جمهور وفي عشق عادل إمام منذ أن خرج عليه في مشاهد قليلة لافتة علق معظمها في الأذهان، إلى أن صار نجما لامعا في سماء الفن ليس المصري فقط بل العربي أيضا.
كان الزعيم يلتقى بأسماء محدودة من الصحفيين الذين يعرفهم وسبق واختبرهم في المصداقية وأمانة النقل عنه، وكان من الممكن على فترات أن يزيد إلى تلك القائمة اسم أو اثنين من خلال قراءاته الدائمة ومتابعته المستمرة لكل ما ينشر في هذا التوقيت، كنا مجموعة من شباب الصحفيين الذين يعملون بجدية في محاولة لفهم الوسط السينمائي، ودراسة ظاهرة النجم الأوحد، أو المسيطر الذي يعتبر أي منتج يعمل معه أن نجاحه مضمون بنسبة 100% بغض النظر عن المحتوى.
في بداية الألفينات وما تلاها كان ما يقدمه النجم الكبير بالنسبة لبعضنا أفلام شديدة التجارية، وكان طموحنا وما ننتظره منه أكبر بكثير خصوصا بعد أفلامه المتميزة مع وحيد حامد وشريف عرفة، وتجاربه السابقة المهمة ومنها " حتي لا يطير الدخان، وسلام يا صاحبي، وشمس الزناتي، وحب في الزنزانة، المشبوه، الأفاكاتو ، الحريف" ، كان الأستاذ يتابع كل ما نكتبه وقتها لذلك اندهشت عندما طلبنا لقائه ووافق وذهبت مع الزميل رياض أبو عاد المحرر الثقافي لوكالة الأنباء الفرنسية آنذاك والتقيناه في مكتبه بالمهندسين كان حوارا طويلا وجلس معانا الزعيم وقتها لأكثر من ساعتين حكي وضحك وسرد لمواقف حياتية مهمة مر بها، وطوال الوقت أنظر إليه وأنتظر أن يسألني لماذا ننتقده بقوه في كتابتنا وتحديدا مجلة "سينما أون لاين "المتخصصة التي كنت مسئولة عنها، وكذلك فيما أكتبه بمجلة الأهرام العربي، ولكنه لم يتطرق للأمر، وشعرت براحة كبيرة وتدفقت الأسئلة، والاجابات وأذكر أنه كان واحدا من الحوارات التي استمتعت بإجرائها، وتعرفت من خلالها على سر عادل إمام فهو يملك تجارب حياتية مختلفة ومتنوعة وجريئة، وهو ما انعكس على اختياراته الفنية، وتخطيطه لمشواره الذي كان يعي كل خطوة فيه.
وفي غمرة احساسي بأنني اقتربت من سر المعجزة، وكيف سار إمام ظاهرة يصعب تكرارها باغتي الأستاذ بخفة وذكاء شديدين " هو انتوا بتهاجموني ليه يا علا"، صمت للحظة ثم أجبته "حماس شباب يا أستاذ" فانفجر ضاحكا في وجهي وهو يردد "خلاص نمشيها كده"، كان هذا الموقف بداية لعلاقة جيدة مع النجم الكبير، وفهم لهذا الفنان الذى كان يعرف متى يقدم فيلما مختلفا، متى يعود للأفلام التجارية لخاطر جمهوره الذي لا ينتظر منه سوي متعة الاضحاك، ومن بعدها كثيرا ما كنت اكتفي بتأمله عندما يمر على أستاذي الكاتب المبدع وحيد حامد وهما يجلسان متجاورين يرويان ذكريات مشتركة، وأحلام تحققت، وآراء في الحياة تلك كانت متعة أخرى لا تقل عن متعة السينما التي قدمها كل منهما خلال مشواره الفني شديد الثراء.
عادل إمام هو بالفعل ظاهرة فنية عابرة للأجيال، اسمه صار مرادفا لعصر شديد الخصوصية في تاريخ السينما المصرية، لذكريات نحملها معنا، "لإيفيهات" حاضرة ولا تغيب أبدا بل نستدعيها في لحظات السعادة والبهجة، لشخوص حولها الزعيم إلى أيقونات محفورة في الوجدان وببساطة وجود على الشاشة يعنى استعادة الكثير من الحنين لتلك الحالة بكل تفاصيلها.
ويكفي أن إمام كان يدرك جيدًا كيف يصنع مشوارًا فنيًا متميزًا ملئ بالنقلات والتحولات، حيث بدأ بتقديم الأفلام الكوميدية الخفيفة التي صنعت له جماهيرية واسعة وشعبية اكتسح بها الكثير من نجوم جيله وصار «ألفة الجيل»، وبات يدرك متي يطل على جمهوره الواسع والممتد في كافة أنحاء بلدان الوطن العربي من خلال تجارب تليفزيونية مهمة ومحدودة منها أحلام الفتي الطائر ودموع في عيون وقحة، وما تلاها من تجارب تليفزيونية قدمها مؤخرا ومنها فرقة ناجي عطاالله ، العراف، صاحب السعادة، أستاذ ورئيس قسم ، مأمون وشركاؤه ، وعفاريت عدلي علام، وفالنتينو "عندما أدرك أن القادم هو عصر الدراما، لذلك فاستمراه واصراره على العمل بعيدا عن فكرة الحضور فقط يجعله دائما النجم أو "الأسطورة "المتربع على عرش الفن المصري مهما تعاقبت وظهرت أجيال جديدة فالزعيم صار ملكًا للذاكرة السينمائية والمسرحية المصرية والعربية وجزء أصيل منها يملك بريقه الخاص وسحره المتألق.
وهو من الفنانين القلائل أو لنكن أكثر تحديدًا، الوحيد الذى كانت تستمر عروض أعماله المسرحية لأكثر من 7 سنوات إلى جانب عرضها في البلاد العربية والأوروبية فى جولات خارج مصر، مثل مسرحيات «شاهد ما شافش حاجة»، و«الواد سيد الشغال»، وأخيرا «الزعيم»، الزعيم عادل إمام كان يدرك جيدًا كيف يصنع مشوارًا فنيًا متميزًا ملئ بالنقلات والتحولات، حيث بدأ بتقديم الأفلام الكوميدية الخفيفة التي صنعت له جماهيرية واسعة وشعبية بين نجوم جيله ، مرورًا بالأفلام الكوميدية المقدمة في إطار اجتماعى لتعالج قضايا اجتماعية بأسلوب ضاحك، وهى المرحلة السينمائية الثانية فى مشوار عادل إمام، ومنها «كراكون فى الشارع» و«المنسى» الذى تناول فيه أحلام الطبقة الكادحة وعلاقتها بالمجتمع الذى تعيش فيه، ولكن من خلال كوميديا نضحك بها علي مشاكلنا وأوجاعنا لذلك فهو مايسترو السعادة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة