ينطلق اليوم الخميس، السباق لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية خلفا للرئيس الحالى ميشال عون والذى تنتهي ولايته فى الحادى والثلاثين من شهر أكتوبر المقبل، حيث يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة عامة برئاسة رئيس المجلس نبيه برى لانتخاب الرئيس الجديد، حيث تقوم الكتل النيابية والنواب المستقلون بتسمية مرشحهم لرئاسة الجمهورية ليفوز المرشح الذى يحصل على ثلثي الأصوات (86 نائبا من أصل 128) فى الجولة الأولى للانتخاب اليوم.
فيما يتم تحديد موعد لجولة ثانية حال لم يحصل أي مرشح على النسبة المحددة دستوريا، ليفوز في الجولة الثانية من يحصل على الأغلبية النسبية (65 صوتا من أصل 128).
ورغم الدعوات التي خرجت لمقاطعة جلسة اليوم لتفقد نصابها القانوني اعتراضًا على الدعوة لجلسة الانتخاب قبل التوافق على مرشحين محددين، إلا أن أغلب الكتل النيابية أعلنت مشاركتها في الجلسة فيما تباينت مواقفهم خلال الاجتماعات المطولة التي عقدت على مدار يوم أمس الأربعاء لتنسيق المواقف ومحاولة طرح مرشحين جديين خلال الجلسة اليوم.
وتقتضي الأعراف السياسية بلبنان أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أحد أبناء الطائفة المسيحية المارونية والتي تعد الطائفة المسيحية الأكبر في لبنان، ويضم البرلمان اللبناني 34 نائبا من الطائفة المارونية موزعين على 4 كتل نيابية إلى جانب عدد من المستقلين، حيث تأتي كتلة حزب القوات اللبنانية الذي يترأسه سمير جعجع كأكبر كتلة مسيحية وتضم الكتلة 19 نائبا (مارونيون وآخرون)، فيما تأتي تاليًا الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر والتي تضم 18 نائبًا (مارونيون وغيرهم)، وهو الفريق السياسي لرئيس الجمهورية الحالي ميشال عون ويرأسه النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية، كما تتواجد كتل صغيرة من بينها كتلة حزب الكتائب اللبنانية برئاسة النائب سامي الجميل (4 نواب) وكتلة تيار المردة (3 نواب) والذى يترأسه المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية.
ورغم المرجعية الدينية الواحدة لهذه الكتل، إلا أنها لا تتفق على مرشح واحد تدعمه لرئاسة الجمهورية، بل تنتمي كتلتا القوات اللبنانية والكتائب إلى تيار 14 آذار المؤيد لحصر السلاح بيد الدولة حفاظا على سيادتها، بينما تنتمي كتلتا التيار الوطني الحر وتيار المردة لتيار 8 آذار المتحالف مع حزب الله.
وحسم التيار الوطنى الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية اللبنانية الحالي ميشال عون) موقفه من جلسة اليوم حيث أعلن رئيسه النائب جبران باسيل أن التكتل النيابي للتيار (تكتل لبنان القوي وقوامه 18 نائبا) سيصوت في جلسة اليوم بورقة بيضاء لعدم وجود مرشح للرئاسة يؤيده التيار، مشيرا إلى أن التيار بصدد إعداد ورقة برؤية مختلفة لملف الانتخابات الرئاسية وسيتم عرضها والإعلان عنها الأسبوع المقبل، وذلك في إشارة إلى صعوبة التوصل لانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة اليوم.
ولم يعلن الثنائى الشيعى (كتلتهما تضم 30 نائبا تقريبا) موقفهما الرسمي حتى الآن من دعم مرشح في الانتخابات. كما لم يعلن تيار المردة عن موقفه في جلسة اليوم إلا أن الكتلة أكدت مشاركتها فى الجلسة.
في المقابل، لم يفصح حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع عن اسم مرشحه في جلسة اليوم، مكتفيا بالتأكيد على أن الكتلة النيابية للحزب (تكتل الجمهورية القوية وهي الكتلة المسيحية الأكبر في المجلس) ستتواصل حتى آخر لحظة قبل الجلسة مع كل قوى المعارضة للتصويت لمرشح موحد عن المعارضة والتي تتمثل في الكتل النيابية لأحزاب الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية وعدد من نواب قوى التغيير.
وكان جعجع قد أعلن في تصريحات تلفزيونية قبل يومين استعداده لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية إذا كان مرشحا توافقيا لقوى المعارضة.
وكشف عدد من نواب قوى التغيير أن المعارضة تفاضل بين 3 أسماء لدعم أحدهم للاصطفاف خلفه كمرشح للمعارضة في الانتخابات، وهم النائب ميشال معوض عضو مجلس النواب الحالى ورئيس حركة الاستقلال وقيادي سابق في قوى 14 آذار (تحالف يضم القوى السياسية المؤيدة لقيام دولة لبنانية تعتمد على المؤسسات والقانون وإلى نهضة الاقتصاد الوطني وحصر السلاح بيد الدولة)، وهو نجل رئيس الجمهورية الأسبق رينيه معوض الذي تم اغتياله في 22 نوفمبر عام 1989. كما تضم الأسماء المطروحة لقوى المعارضة وزير الداخلية الأسبق زياد بارود والنائب السابق صلاح حنين.
واتصالا بموقف نواب قوى التغيير، أكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل أن الكتلة النيابية للحزب لم تتوقف على مدار اليومين الماضيين بما في ذلك كتلة حزب القوات اللبنانية (الكتلة المسيحية الأكبر في مجلس النواب اللبناني) وكتلة اللقاء الديمقراطي وكتلة الاعتدال والمستقلين، موضحا أن الاتصالات تستهدف التوافق بين الجميع على اسم مرشح واحد.
وأوضح الجميل أن الاقتراح بطرح اسم النائب ميشال معوض كمرشح للرئاسة مقبول لكونه حليفا ولديه المواصفات المطلوبة، مشيرا إلى أن هناك أسماء أخرى جيدة جدا، ومشددا على ضرورة الاتفاق وتوحيد الكلمة على اسم واحد.
وفي السياق ذاته، أكد الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط أن كتلته النيابية (8 نواب) ستشارك بالتصويت اليوم وستطرح اسم مرشحها للرئاسة خلال التصويت في الجلسة.
كما قرر عدد من النواب السنة التصويت بورقة بيضاء اليوم انتظارا لطرح أسماء المرشحين في جلسة اليوم ودراسة الأمر لدعم المرشح الذي يراه النواب مناسبا لقيادة الدولة اللبنانية خلال المرحلة الحرجة الحالية.
وحدد الدستور اللبناني إجراءات انتخاب الرئيس الجديد من قبل مجلس النواب بأعضائه البالغ عددهم 128 عضوا، حيث نصت المادة 49 على أن انتخاب رئيس الجمهورية يتم بالاقتراع السري بأغلبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى (86 صوتا من بين 128 نائبا)، فيما يكتفى بالغالبية المطلقة (65 نائبا) في دورات الاقتراع التالية. ويستمر رئيس الجمهورية في منصبه لست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح. كما لا يجوز انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص الاعتبارية في القانون العام، مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتين التاليتين لتاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلیا عن وظيفتهم أو تاريخ إحالتهم إلى التقاعد.
كما تؤكد المادة 49 على أن رئيس الجمهورية يعد رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، ويرأس – وفقا لأحكام الدستور - المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء.
وتنص المادة 73 من الدستور اللبنانى أن مرحلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية تبدأ قبل موعد انتهاء ولاية الرئيس بمدة شهر على الأقل أو شهرين على الأكثر، حيث يلتئم مجلس النواب بناء على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وفي حالة عدم قيام رئيس المجلس بدعوة الأعضاء للانعقاد، فإن المجلس يجتمع حكما في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس.
كما تنص المادة 75 من الدستور على أنه بمجرد اجتماع المجلس لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن مجلس النواب يتحول لهيئة انتخابية فقط دون أي صلاحيات تشريعية، ويلتزم المجلس الشروع فورا في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أي أمر. ولا يكون اجتماع مجلس النواب قانونيا ما لم تحضره الأكثرية من أعضائه.
جدير بالذكر أن الرئيس ميشال عون تولى رئاسة الجمهورية اللبنانية في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر عام 2016 بعد فراغ رئاسي دام قرابة 29 شهرا عقد خلالها مجلس النواب اللبناني 46 جلسة لانتخاب الرئيس الجديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في مايو عام 2014.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة