تسعى تونس لاستكمال مسار التحول السياسي في إطار الخيار الديمقراطى وفق خارطة الطريق التي وضعها الرئيس قيس سعيد ودشنها بإعلانه القرارات المفصلية في تاريخ تونس في الخامس والعشرين من يوليو 2021، تلبية لتطلعات الشعب التونسى.
في هذا السياق، بعد أن نجحت خطوة الاستفتاء على الدستور الجديد، تترقب تونس صدور أمر رئاسى خلال أيام بإجراء الانتخابات التشريعية المقررة فى 17 ديسمبر، وهذا الإعلان ضرورى حتى يصبح الموعد مؤكدا بشكل رسمى، وإذا لم يصدر فهذا يعنى احتمالات التأجيل، علما بأن الرئيس التونسى مُطالب بالدعوة لانتخابات تشريعية في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ حل البرلمان، وفقا للدستور التونسى.
ويتطلب إجراء الانتخابات وضع قانون لانتخاب أعضاء المجلس النيابي ومجلس الأقاليم تجري على أساسه الانتخابات، لذا من المتوقع الانتهاء قريبا من وضع قانون انتخابى جديد ينظم الانتخابات المقبلة و يحدد شكل المرحلة السياسية المقبلة ويؤسس لـ "تونس جديدة"، علما بأن المدة القانونية لإصدار القانون الانتخابي هي 3 أشهر قبل موعد التصويت.
قانون انتخابى جديد
من المتوقع أن يضع القانون الجديد شروطا مختلفة عن سابقه من أجل أن يفرز الاقتراع مشهدا خاليا من العيوب الناجمة عن إخلالات بالتطبيق، فمن المنتظر أن ينص القانون الانتخابي الجديد على عدم التصويت على القوائم، مثلما كان معمولا به في السابق، وسيتم تعويض ذلك بالنص على أن الاقتراع سيكون على الأفراد وفي دورتين، ومن بين هذه الشروط منع مشاركة الأحزاب والأفراد الذين تلقوا دعماً خارجياً، سواء مالياً أو سياسياً، عبر ما يعرف بـ"اللوبينج" أي إبرام عقود دعاية مع وكالات ضغط أجنبية، وهو ما يحظره القانون التونسي.
في هذا الصدد قال الرئيس التونسى قيس سعيد، إنه سيتم وضع قانون انتخابى لانتخاب أعضاء المجلس النيابي ومجلس الأقاليم والجهات وفق ما نص عليه في الدستور، يعيد تمكين الذين همشوا أو تم تغييبهم من المشاركة في صنع القرار، مشيرا إلى أنه سيصدر نص يوضح العلاقة بين المجلس النيابى ومجلس الأقاليم الذى يُعد ضمانة لعدم تهميش الشعب في المجال الاقتصادي والتنمية، ومن المقرر أن يتضمن القانون الجديد تغيير تقسيم الدوائر الانتخابية وكذلك طريقة الانتخاب حيث ستكون عبر الأفراد وليس القوائم.
ويؤكد عدد من خبراء السياسة فى تونس، وفق "العين الإخبارية"، أن زعيم حركة "النهضة" راشد الغنوشي متخوف من إمكانية إقصاء الأحزاب الإخوانية من المشاركة في الانتخابات خاصة بعد توالى القضايا المرفوعة ضده واتهامه بالفساد، وسيضع الرئيس قيس سعيد شروطا مختلفة للترشح للانتخابات البرلمانية، أبرزها أن يكون المترشح من سكان الدائرة الانتخابية، وليس له أي سوابق جنائية أو تعلقت به جرائم انتخابية سابقة في اقتراعات 2011-2014-2019، أو قضايا مرفوعة ضده، و يعد هذا ترجمة لمساعى الرئيس التونسي لـ"تطهير المشهد السياسي سعيا نحو برلمان مغاير للبرلمان السابق الذى كان يهيمن عليه الإخوان وشابه الصراعات والمحاصصات الحزبية والرشاوى لتمرير القوانين، كما أن البرلمان الجديد سيكون خاليا من النواب الفاسدين والإرهابيين والملاحقين قضائيا، ما يعني أن الإخوان سيجدون أنفسهم خارج المنافسة بالانتخابات القادمة.
موعد الانتخابات
وعن احتمالية تأجيل موعد إجراء الانتخابات، قال ماهر الجديدى نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فى تونس، إن تاريخ الـ17 من ديسمبر القادم هو إعلان سياسي عن تنظيم الانتخابات التشريعية القادمة وهذا الموعد لن يصبح رسميا إلا بعد إصدار أمر رئاسي يتعلق بدعوة الناخبين إلى انتخابات تشريعية قبل تاريخ 17 من سبتمبر الجاري على أقصى تقدير.
وأكد الجديدى، أنه لا علم لمجلس الهيئة بأي معلومات حول تأجيل الانتخابات التشريعية القادمة. وفق إذاعة "موزاييك".
وهناك تأكيد مستمر من الهيئة على الالتزام بالمعايير المطبقة دوليا والتي تشمل حق المشاركة، وحرية الرأي والتعبير، وجود هيئة مستقلة للانتخابات، إتاحة الفرصة لمراقبة العملية الانتخابية.
مراحل التصويت
وعلى صعيد متصل، سبق أن أوضح الرئيس التونسي قيس سعيد أن التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة المتوقعة في ديسمبر المقبل سيكون على مرحلتين، وعلى المرشحين الفرديين وليس على القوائم كما كان معمولا به في الانتخابات السابقة، وقال إن الهيئة المستقلة للانتخابات هي التي ستشرف على الانتخابات ولكن ليس بالتركيبة الحالية، في إشارة إلى نيته تغيير بعض أعضائها ممن انتهت فترة عضويتهم في الهيئة.
وكان قيس سعيد قد أعلن حل البرلمان فى مارس الماضى، بناء على الفصل الثاني والسبعين من الدستور، و قال سعيد ردا على جلسة البرلمان المجمد: "إن كانوا يريدون تقيسم البلاد وزرع الفتنة فنجوم السماء أقرب إليهم من ذلك وما يقومون به الآن هو تآمر مفضوح على أمن الدولة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة