"غلطة عمري في أمل ما يضيعش بسببها باقي عمري؟" بيأس ممتزج بالانكسار طرحت سؤالها، وحكت قصتها "أنا أم لطفل واحد عمره 7 سنوات، انفصلت عن والده ويعيش معه. غلطة عمري وقعت من 4 سنوات. كنت وقتها متزوجة، وخضعت لجراحة قيصرية لأنني كنت حامل والجنين مات في بطني.
أقمت في بيت أمي حتى أتعافي. ثم حدثت الكارثة، كنت قد تعرفت على شاب وأحادثه على فيسبوك، قال لي إنه يريد زيارتي للاطمئنان علي. كنت وحيدة في البيت فجاء فعلاً وخلال الزيارة التقط لي صورًا فاضحة. لا أعرف كيف حدث ذلك. وبدون الكثير من التفاصيل، فجأة تضخم الموضوع ونشر صوري على فيسبوك. المنطقة كلها عندنا عرفت بالموضوع وهي منطقة شعبية جدًا وكل الناس تعرف بعضها ويعرفونني جيدًا من صغري. طبعًا انفصلت عن زوجي. ولم أتمكن من مواجهة الفضيحة فهربت وعشت 4 سنوات بعيدًا عن بيتنا، ولم يكن أحدًا من أهلي يطيقني. أعذرهم وأعرف أن معهم حق. أنا نفسي "قرفانة من نفسي".
واجهت الكثير من المشاكل منذ وقعت الكارثة، في خضم محاولاتي للهروب وقعت في فخ الإدمان. كنت بين الحياة والموت. وسبحان الله الذي أراد أن أعود لبيت أمي بعد دعائي لربي كثيرًا. عدت ولكني أشعر أني كسيرة وذليلة جدًا. لا أنزل ولا أخرج في أي مكان. قريبة من ربي الحمدلله ولكن الكثير من الأفكار المؤلمة تدور في عقلي. أشعر أني أختنق. لا أطيق حبستي في منزلي ولا أطيق الخروج ومواجهة الناس وأنا أرى في عيونهم فضيحتي. هل يمكن أن يكون لمشكلتي أي حل؟".
****
القارئة العزيزة، يقول أديب نوبل نجيب محفوظ "آفة حارتنا النسيان" ولكنها أحيانًا نعمتنا. كوني واثقة من أن كل هذا الوقت الثقيل سيمر. نتفهم تمامًا مدى صعوبة التعرض لفضيحة في مكان شعبي تتشابك فيه العلاقات بشكل قوي، ولكن ما نحن واثقين فيه أن كل شيء ينسى. ارتكبتِ خطأ، اعترفتِ به، ودفعتِ الثمن وتقبلتِ ذلك، وفي هذا نضج شديد . ربما تأخر نسيانهم لقصتك أنك ابتعدتِ ولكنهم سرعان ما سينسون وسرعان ما ستصبح تلك القصة من الماضي، بشرط واحد أن تتجاوزي أنتِ نفسك ما حدش ولا تحملي خطأك على كتفيكِ في كل خطوة. كان درسًا قاسيًا ولكنك استوعبتيه جيدًا وهذا أهم ماحدث.
وتقول لكِ الدكتورة ريهام أحمد عبدالرحمن الباحثة في الصحة النفسية والإرشاد الأسري والتطوير الذاتي إنه ليس من بين البشر من هو معصوم من الخطأ، ويتضح في رسالتك كثيرًا شعورك بالندم على ما مضى والاعتراف بالخطأ وهو الأمر الجيد. ما ينبغي عليكِ فعله الآن لتتخلصي من هذه المشاعر والأفكار السلبية هو أن تحددي الأسباب التي دفعت بكِ لهذا الخطأ، وفكري كيف كان بإمكانك أن تتصرفي بشكل صحيح مع هذه الأسباب أو الدوافع لتضمني أنك استفدتِ بالكامل من الدرس.
فكري مثلاً ماذا دفعك لمعرفة هذا الشخص، هل هي مشاعر الاحتياج العاطفي لانشغال الزوج؟ حينها كان ينبغي عليك مصارحته بهذا الاحتياج بدلا من الدخول في علاقة أدت لتدمير عشك الآمن. أيًا كانت الأسباب عليك الاعتراف بها لنفسك وتحديدها لتجنب تكرارها مستقبلا.
ثانيًا يجب أن تعرفي أنك دفعتِ ثمن غلطتك من عمرك وآمانك النفسي وبخسارتك لأسرتك وابنك. لذا ينبغي أن تحاربي مشاعر الخزي والعار لديك والخوف من نظرة المجتمع، ولا تحاولي ممارسة الضغط النفسي وجلد الذات واجترار الذكريات الأليمة من الماضي.
ذكرتِ أيضا أنه بفضل اللجوء لله عز وجل والدعاء له فقد عدتِ مرة ثانية لأهلك وأسرتك، والذين حتى وإن أظهروا لك مشاعر الاحتقار إلا أنه لا يوجد من يحبك مثلهم، فمهما كانت مشاعرهم تجاهك تقبليها فقد أخطأتِ في حقهم عندما تعرفتِ على هذا الشاب، وعندما افتضح الأمر على وسائل التواصل، وعندما هربت من البيت ليصل الأمر لحد إدمان المخدرات ولنسيانهم هذه المواقف، فقط اصبري والجأي لله عز وجل فهو القادر على تهدئة النفوس.
أنصحك أيضا بعدم الاستسلام لهذه الأفكار السلبية وخاصة أنها مشاعر ترتبط بانسحاب المخدرات من الجسد وأيضا لحين استعادة ثقة أهلك مرة أخرى، فقط حاولي ممارسة بعض الهوايات، أو التعلم الذاتي والحصول على الدورات من خلال الانترنت سيساعدك هذا كثيرًا في تعزيز ثقتك بنفسك ومنحك شعورًا بالإنجاز.
أيضا تجنبي الدخول في مصيدة جلب العار والخوف من نظرة الآخرين لك، فلا يهم تصالح الآخرين معك ونظرتهم لكِ بقدر ما يهم تصالحك مع ذاتك وماضيك ولن يحدث ذلك إلا بتقبل الأحداث ومحاولة تغييرها لصالحك.
صفحة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.