استقبل الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ظهر اليوم الخميس، الدكتور مشعان الخزرجي، رئيس ديوان الوقف السني العراقي، وذلك لبحث أوجه تعزيز التعاون الديني والإفتائى بين دار الإفتاء وديوان الوقف السني العراقي.
وفي مستهل اللقاء استعرض المفتي، منظومة عمل دار الإفتاء المصرية وتطوير آليات العمل بمختلف الإدارات، وكيف انتقلت صناعة الفتوى من دائرة الفتوى المعتادة إلى الاشتباك مع القضايا المعاصرة، مشيرًا إلى عقد الدار مؤتمرًا في هذا الإطار حمل عنوان "الفتوى إشكاليات الواقع وتحديات المستقبل".
وأوضح المفتي أن دار الإفتاء تخوض حربًا ضد التطرف منذ سنوات، حيث أنشأت مرصد الفتاوى التكفيري والآراء المتشددة عام 2104، وتطوَّر حتى أصبح مركز سلام لدراسات التطرف. كذلك استعرض فضيلته جهود الدار في ملف مواجهة التطرف، وتأهيل أئمة مساجد المسلمين في الخارج ليكونوا قادرين على مواجهة الأفكار المتطرفة وموجات الإسلاموفوبيا ومساعدة المسلمين على الاندماج داخل مجتمعاتهم في الغرب، مؤكدًا اهتمام الدار بإنشاء إدارة مخصصة لتدريب المفتين، يتوافد عليها عدد كبير من مختلف دول العالم للتدريب.
وأضاف مفتي الجمهورية أن مركز سلام لدراسات التطرف والإرهاب، هو مركز منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم، وقد عقد أول مؤتمر له في منتصف عام 2022، تحت عنوان "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية.. واستراتيجيات المواجهة"، وقد جاء تأسيس مركز سلام لدراسات التطرف كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دءوب لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي، وذلك باستخدام كافة الطرق العلمية الحديثة، والتي بدأت منذ عام 2014 من خلال إنشاء مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة الذي أصدر ما يقرب من 1000 تقرير ويعمل على مدار 24 ساعة حيث يقوم بالرصد والتحليل وإصدار التقارير لكل ما يبث من أفكار وفتاوى وإصدارات تحمل فكرًا متطرفًا أو تصدرها جماعات إرهابية.
وقال المفتي: إن الدار ضمن جهودها في مواجهة التطرف قد أصدرت عدة إصدارات باللغتين العربية والإنجليزية، من بينها الدليل المرجعي لمواجهة التطرف، الذي وضعته دار الإفتاء المصرية، ويقع من حيث الوصف في أكثر من ألف صفحة، وقد استغرق إعداده سنوات، وتحديدًا منذ عام 2014 التي درسنا فيها الحالة الداعشية، فضلًا عن الواقع المصري الذي أعقب حكم الإخوان، حيث أخذت الجماعة تعيث في الأرض فسادًا وَفق أفكارهم الضالة، لذلك كان لا بد من وضع تصور يشمل كل ما يخص قضايا التطرف، مؤكدًا أن هناك صلات متشابكة بين التنظيمات المتطرفة وجميع أفكار كتبهم نلحظ من خلالها وجود هذا الرابط القوي.
وأشار إلى أن الدار أصدرت كذلك كتابًا بعنوان "التأسلم السياسي" دراسة تحليلية لعوامل فشل الاستغلال السياسي للإسلام في الماضي والحاضر، ويحتوي الكتاب على عدد من الموضوعات المهمة، وأبرزها: أدلة العمل بالسياسة الشرعية، وقواعد اللعبة السياسية، وتعدد الأحزاب ومدى شرعية هذا التعدد، وجماعات الإسلام السياسي وتناقض الاستدلال بدليل المصلحة، وتطرق الكتاب إلى تيارات وفرق الإسلام السياسي، ومنها: الخوارج والمعتزلة والمرجئة والوهابية والإخوان المسلمون.
في إطار ذي شأن تحدث المفتي عن رصد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، ما يزيد على 5500 فتوى أصدرها المتطرفون تحدد العلاقة فى التعامل بين المسلمين وغير المسلمين وتضعها فى دائرة ضيقة جدًّا، حيث وجدت الدراسة أن 70% من تلك الفتاوى تحرم التعامل مع غير المسلمين، بينما 20% تضعها في إطار المكروه، فى حين يوجد 10% فقط من تلك الفتاوى فى دائرة الإباحة. وكذلك رصدت الدار الفتاوى التى تضيق على الناس أمور دينهم، وقامت بالفعل بالرد على جميع هذه الفتاوى المتشددة وتفكيكها وبيان الحكم الشرعي الصحيح للدين في هذه الأمور.
كما تطرق المفتى للحديث عن إنشاء الدار للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم عام 2015، لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين حول العالم، مؤكدًا أن عدد أعضائها وصل إلى 84 دولة، وتقوم بتنظيم مؤتمر سنوي لمناقشة القضايا المعاصرة، مبديًا استعداد دار الإفتاء المصرية لتقديم كل أشكال الدعم العلمي والشرعي لمسلمي العراق على كافة المستويات والأصعدة.
من جانبه أكد الدكتور مشعان الخزرجي، رئيس ديوان الوقف السني العراقي، على عمق العلاقات بين مصر والعراق ودار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، مؤكدًا أن دار الإفتاء المصرية تمثل مكانة كبيرة في مصر والعالم ، معربًا عن امتنانه للفكر الوسطي الذي تتبناه الدار ودورها في إظهار الوجه السمح للإسلام، وأن الفتوى تعتبر قضية مهمة جدًا لدى المسلمين، لخلق بيئة يسودها التفاهم والحوار بعيدًا عن النزاع والتطرف، مبديًا تطلعه إلى الاستفادة من تجربة الدار في مواجهة التطرف ونقلها إلى العراق.