ارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير في بريطانيا بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، مع وجود تحديات كبيرة تواجهها الحكومة البريطانية مع استمرار معدلات التضخم المرتفعة التي ألقت بظلالها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية فى عموم المملكة المتحدة.
ويسعى رئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك لمعالجة التضخم الذى سيستغرق فترة طويلة، وسجلت معدل تضخم مستويات هى الأعلى منذ 40 عاما متتالية، وهو ما يشكل تهديدا اقتصاديا غير مسبوقا داخل المملكة، وهو ما انعكس على الحياة المعيشية للمواطنين البريطانيين ودفع العاملين فى عشرات القطاعات إلى تنظيم إضرابات غير مسبوقة للمطالبة بأجور تواكب موجة الغلاء وارتفاع الأسعار.
ويرى خبراء أن ما تمر به بريطانيا من أزمات اقتصادية ذات تداعيات اجتماعية واضحة، نتاجًا للعديد من المعضلات السياسية والاقتصادية التى مرت بها البلاد على مدار السنوات الست الماضية، أبرزها خروجها من الاتحاد الأوروبى "البريكست" وجائحة كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة الحرب الأوكرانية – الروسية.
وتواجه بريطانيا أكبر هبوط في مستويات المعيشة منذ بداية تدوين ذلك في السجلات، إذ تؤثر أزمة تكاليف المعيشة على الأجور بشكل سلبي، واتضح أن الدخل المتاح للعائلات سوف يقل بنسبة 7 % حين تعديله لمواكبة ارتفاع الاسعار في السنوات القادمة.
ويأتي هذا في وقت صرح فيه وزير الخزانة البريطانى أن البلاد تشهد كسادا وأن الاقتصاد سوف يستمر في الانحسار العام المقبل.
وزادت عائدات الضرائب في بريطانيا بقيمة 55 مليار دولار وتقليص في النفقات سوف تخفف من أثر الازمة الاقتصادية وتقلل من عدد فرص العمل المفقودة.
وقد ارتفعت أسعار الطاقة والمواد الغذائية بشكل كبير بسبب الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا، وهي تمارس ضغطا على ميزانيات العائلات.
ويتوقع أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى انخفاض قيمة الأجور وخفض مستوى المعيشة بأعلى نسبة منذ عام 1956، وأن يتعافى دخل العائلات بعد تعديله ليواكب التضخم، لكنه سيبقى أقل من مستوى ما قبل الجائحة ، وستبلغ هذه النقطة عام 2028.
وسيؤدى ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفائدة إلى حالة كساد في الاقتصاد سوف تستمر أكثر قليلا من سنة، تسعى الحكومة البريطانية لترشيد النفقات العامة مما سيساعد في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين، بعد الجدل الذي أثارته الميزانية المصغرة في شهر سبتمبر الماضى.
ويتوقع أن يرتفع التضخم بصورة أكبر داخل بريطانيا خلال الأشهر المقبلة، ويتوقع أيضا أن يتجمد النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة تقريبا عند نسبة 0.3 %.
وتوقع البنك الدولي باقتراب الاقتصاد العالمي بشكل خطير من وضع الركود الاقتصادي.
ويتوقع البنك نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.7 % هذه السنة، متراجعاً عن نسبة 3 % التي توقعها في شهر يونيو الماضي، ويعزو تقرير البنك التراجع إلى عدة عوامل، منها الغزو الروسي لأوكرانيا وتأثير جائحة كورونا.
وركز البنك على تأثير نسبة الفوائد البنكية المرتفعة كأحد التحديات الأساسية التي يترتب على صناع السياسة التغلب عليها.
وراجعت المؤسسة الدولية توقعاتها لكل البلدان المتقدمة تقريبا ولثلثي البلدان الناشئة أو النامية، على أن تسجل الولايات المتحدة خصوصاً نمواً ضعيفاً (0,7 %) مع انعدام النمو في أوروبا قبل انتعاش ضعيف في عام 2024 نسبته +2,7 %.
وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس خلال مؤتمر صحفي "أنا قلق جداً من خطر استمرار التباطؤ. تقديراتنا هي أن النمو العالمي بين عامَي 2020 و2024 سيكون أقل من 2 %. هذا النمو هو الأضعف في خمس سنوات منذ العام 1960".
من جهته، أوضح أيهان كوسي مدير المجموعة البحثية في البنك الدولي لوكالة فرانس برس أن "هذا النمو هو الأضعف خلال العقود الثلاثة الماضية" باستثناء أزمة 2008 وعواقب الجائحة عام 2020. وأضاف "إنه تطور معقد للاقتصاد العالمي وهذا التباطؤ عام".