وضعت الدراسة البرلمانية حول "الشباب وسوق العمل غير الرسمي مخاطر راهنة ومقاربات واعدة" والتي وافق عليها مجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، وأحالها إلي رئيس الجمهورية، حزمة من التوصيات الهامة نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي في نظيرة الرسمي وفي مقدمتها أن الحكومة استراتيجية وطنية للقطاع غير الرسمي، شريطة أن يتم طرحها بعد إجراء حوار مجتمعي جدي وموسع مع الفئات المتأثرة حول أهداف عمليات الدمج بالنسبة للأطراف كافة، ومدى تأثر كل طرف، وحجم المزايا والمكاسب المتوقعة أو الخسائر المحتملة.
وفندت الدراسة النقاط الرئيسية التي يستوجب أن تتضمنها هذه الاستراتيجية، في مقدمتها البناء على مبدأين رئيسين: الأول تعزيز الثقة بين الأطراف كافة، والثاني، التأكيد على ثقافة الالتزام، وكذا التعامل بجدية مع هذا الملف وفقًا لجدول زمني واضح ومحدد، دون تفاؤل مفرط أو تشاؤم مخيب للجهود، وتنظيم عمليات الحوافز وضمانات الدمج من خلال وضع قواعد ناظمة وإجراءات محددة ومبسطة بعيدة عن التعقيدات الإدارية والتشابكات التنظيمية، إذ بإمكان الحكومة أن تعمم تجربة الشباك الواحد في التعامل مع منشآت القطاع غير الرسمي حتى لا تتكبل بالأعباء الإدارية.
كما شددت الدراسة إلي أهمية تقديم خدمات الدعم الفني للعاملين في هذا القطاع، إذ يمكن أن تتضمن الاستراتيجية فكرة بناء حضانات ومراكز أعمال لهذه المشروعات بحيث تقوم هذه الحضانات والمراكز بتقديم المساعدة الفنية والإدارية والمالية والتسويقية لهذه المشروعات، فضلا عن مراعاة خصوصية التعامل مع تباينات الأنشطة المختلفة للقطاع غير الرسمي، إذ يستوجب النجاح مراعاة أن هذا القطاع يضم أنشطة عديدة ومتنوعة تتباين في سماتها ومتطلباتها، وهو ما يجب أخذه في الحسبان عند وضع هذه الاستراتيجية الوطنية حتى لا يتم التعامل مع هذه الأنشطة كوحدة واحدة تتسم بنفس الخصائص والمتطلبات عند محاولات الدمج داخل الاقتصاد الرسمي، فعلى سبيل المثال إجراءات إدماج نشاط القطاع الصناعي تختلف كلية عن القطاعات الخدمية الأخرى مثل النقل.
ولفتت الدراسة البرلمانية التي أحيلت إلي رئيس الجمهورية، إلي أهمية العمل على إعداد قاعدة بيانات شاملة الأنشطة الإنتاجية غير الرسمية كافة، على أن يتبع في إعداد هذه القاعدة أساليب وآليات جديدة توضح حقيقة واقع هذه الأنشطة.
صحيح أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يقوم بجهد في هذا السبيل، من حيث وضع مجموعة من المعايير لمعرفة واقع الاقتصاد غير الرسمي من خلال رصد عدد المنشآت، وعدد المشتغلين، والأجور وغيرها على مستوى الأنشطة الاقتصادية، إلا أنها تظل بيانات غير دقيقة وغير مكتملة، ولا يمكن البناء عليها في وضع سياسات واتخاذ قرارات حاسمة، بما يستوجب البحث عن آلية يمكن من خلالها الوقوف على واقع هذا القطاع غير الرسمي بشكل أكثر دقة.
ودعت الدراسة البرلمانية إلي العمل على أنسنة ظروف العمل التي تمارس فيها الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية كخطوة أولى مع أهمية فتح أبواب الحوار للتواصل مع الفئات العاملة فيه، وتفعيل الرقابة على المحليات لضمان قيامها بدورها في منع تزايد حجم العمالة العشوائية والباعة الجائلين.
يأتي ذلك فضلا عن التأكيد على دور وسائل التنشئة المجتمعية (الإعلام – دور العبادة – السينما والتليفزيون) في توعية المجتمع بهذا النوع من الاقتصاد غير الرسمي الذي يختلف عن الاقتصاد الحر (الاقتصاد الخاص) الذي يخضع إلى قواعد ناظمة من جانب الدولة، مع توضيح الآثار السلبية المترتبة على هذا الاقتصاد ومخاطره على أمن المتعاملين في هذا النمط الاقتصادي، وتسليط الضوء على المزايا والإيجابيات التي يحصلون عليها حال تحولهم إلى الاقتصاد الرسمي، وأهمية إصلاح المؤسسات الحكومية، وتخفيف الإجراءات المتعلقة بالاستثمار وخلق المشاريع الصغيرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة