بعد قرابة الـ3 أعوام على ظهور وباء كورونا، والضغط على هيئة الخدمات الوطنية الصحية NHS فى المملكة المتحدة، يشكو العديد من البريطانيين من تدهور أوضاع الهيئة، لاسيما وسط موجة من الإضرابات لمطالبة الحكومة بزيادة الأجور التي تتزامن مع موسم الأنفلونزا وكورونا.
وقالت صحيفة "إيفنينج ستار" البريطانية إن أزمات رعاية الطوارئ فى هيئة الخدمات الوطنية الصحية البريطانية دفعت أعداد الوفيات المسجلة في المملكة المتحدة في الأسبوع الأخير من عام 2022 إلى زيادة قدرها 20 في المائة عن المتوسط وسط زيادة في حالات الإنفلونزا.
سيارات الاسعاف
وتشير الأرقام حتى 23 ديسمبر إلى تسجيل 14530 حالة وفاة، وهو ما يزيد بنسبة 20.7 ٪ عن السنوات الخمس الماضية أي ما يقدر بـ 2،493 حالة وفاة زائدة ، حسبما أفاد مكتب الإحصاء الوطني. ووفقًا للمكتب، كانت الوفيات أعلى بنسبة 37 في المائة من المتوسط في المنازل ، مقارنة بـ 20 في المائة في دور الرعاية و 15 في المائة في المستشفيات.
ومن بين 684 حالة وفاة زائدة عن المعدل في المنازل الخاصة في الأسبوع الأخير من عام 2022 ، كان 26 منها فقط (4 في المائة) سببه فيروس كورونا.
يشار إلى أن الوفيات الزائدة، هي عدد الوفيات التي تزيد عن متوسط الخمس سنوات للفترة المحددة.
لكن مكتب الإحصاء الوطني قال إن الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا والالتهاب الرئوي "زادت في الأسابيع الأخيرة" وشكلت 22 في المائة من جميع الوفيات المسجلة في إنجلترا وويلز في الأسبوع حتى 30 ديسمبر.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تسجيل ما مجموعه 650 ألف حالة وفاة في عام 2022 ، وهي واحدة من أكبر أعداد الوفيات الزائدة خارج فترة الوباء منذ 50 عامًا.
وعزا بعض كبار الأطباء الزيادة في الوفيات الزائدة إلى الأزمة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية ، محذرين من أن التأخير في الرعاية الطارئة يؤدي إلى وفيات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر ، زعمت الكلية الملكية لطب الطوارئ (RCEM) أن الأزمة في رعاية الطوارئ يمكن أن تسبب ما بين 300-500 حالة وفاة في الأسبوع. وقالت هيئة الخدمات الوطنية الصحة فى إنجلترا إنها لا تعترف بهذا الرقم.
وفقًا لبحث نُشر في المجلة الطبية البريطانية ، فإن أي تأخير في العلاج العاجل لمدة تتراوح بين خمس و 12 ساعة يمكن أن يزيد بشكل كبير من خطر وفاة المريض.
وتظهر أرقام هيئة الخدمات الوطنية الصحية أيضًا أن أكثر من 1800 سيارة إسعاف في العاصمة واجهت تأخيرًا لأكثر من 60 دقيقة عند نقل المرضى فى الأسبوع المنتهي في الأول من يناير. وهذا يمثل ارتفاعًا بنسبة 29 في المائة عن الأسبوع السابق.
وأوضحت الصحيفة أن الهدف هو نقل المرضى في غضون 15 دقيقة وقد حذر رؤساء سيارات الإسعاف من أن تأخير فى توصيل المرضى يؤدي إلى وفاة المرضى.
قالت الدكتورة فينا رالي ، كبيرة الزملاء في مؤسسة صندوق الملك الخيرية الصحية ، إنه كان هناك "اتجاه لزيادة أعداد الوفيات غير المبررة حتى الآن طوال النصف الثاني من عام 2022" ، مع وجود "العديد من العوامل" التي من المحتمل أن تكون قد ساهمت في ارتفاع ، إلى جانب الأنفلونزا و كورونا.
وأضافت: "ستتأثر أعداد الوفيات بمجموعة من العوامل الأخرى بما في ذلك موجة الطقس البارد في ديسمبر ، وتوافر الخدمات بما في ذلك رعاية الطوارئ ، والآثار المستمرة لاحتياجات الرعاية الصحية لبعض المرضى التي لم تتم تلبيتها أثناء الوباء".
يأتي ذلك في الوقت الذي أبلغت فيه المستشفيات في جميع أنحاء البلاد عن ضغوط لا مثيل لها لم تشهدها من قبل.
وقالت هيئة الخدمات الوطنية الصحية فى إنجلترا إن عدد حالات الإنفلونزا في المستشفيات قفز بنسبة 47٪ أول أسبوع فى العام الجديد مع دخول أكثر من 5100 مريض.
بالإضافة إلى ذلك ، ارتفع عدد مرضى كوفيد في المستشفى بمقدار 1200 في الأسبوع حتى يوم رأس السنة الجديدة.
وأظهرت الأرقام أن خدمة الهاتف التابعة للهيئة ردت على ثاني أكبر عدد من المكالمات على مستويات لم تشهدها البلاد منذ بداية جائحة كوفيد، وفي المجموع ، تم تلقى 410،618 مكالمة مقارنة بـ 365،258 مكالمة في نفس الفترة من العام الماضي.
قال المدير الطبي الوطني في هيئة الخدمات الوطنية الصحية ، البروفيسور السير ستيفن بويس: " كنا نعلم أن هذا الشتاء سيكون من أصعب المواسم في تاريخ الهيئة وأريد أن أشكر الموظفين على عملهم الشاق في رعاية وعلاج العديد من المرضى أثناء التعامل مع الطلب القياسي على الخدمات ، بما في ذلك الضغط الهائل من الأنفلونزا وكوفيد.
وما يزيد الأوضاع سوءا فى القطاع الصحى البريطاني هو إضراب الممرضين وعمال الإسعاف للمطالبة بزيادة الأجور، وحذر قادة النقابات البريطانية من أن ضعف عدد الممرضين سيضربون في أوائل فبراير، في محاولة لزيادة الضغط على حكومة ريشى سوناك، وفقا لصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية.
وقالت الكلية الملكية للتمريض إنه إذا لم يتم إحراز تقدم في المفاوضات بحلول نهاية يناير ، فإن المجموعة التالية من الإضرابات ستشمل جميع الأعضاء المؤهلين في إنجلترا لأول مرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي يضغط فيه الوزراء من أجل إصدار قوانين جديدة تتطلب مستويات دنيا من الخدمة في أيام الإضراب - التشريع الذي من المتوقع أن يستغرق نحو ستة أشهر لتمريره من خلال البرلمان.
ووصفت بات كولين الأمينة العامة والرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للتمريض"، موقف رئيس الوزراء في مأزق المفاوضات بأنه "محير ومتهور وغير مدروس سياسياً".
قالت: "رئيس الوزراء أعطى طاقم التمريض بعض التفاؤل بأنه بدأ في التحرك ، ولكن بعد سبعة أيام يبدو أنه غير مهتم تمامًا بإيجاد طريقة لحل هذا الوضع. يدعم الجمهور الممرضين بسبب مقدار ما يقدمه التمريض. إن عناد ريشي سوناك محير ومتهور وغير مدروس سياسياً.
وأضافت قائلة "طاقم التمريض أراد فقط أن يتم تقديره. النقص في الممرضين يكلف الأرواح."
ومن المقرر أن تتخذ طواقم التمريض داخل أكثر من 50 من صناديق هيئة الخدمات الوطنية الصحية في إنجلترا إضرابًا يومي الأربعاء والخميس.
وقالت الكلية الملكية للتمريض إن الإضراب القادم من المحتمل أن يكون في 6 فبراير ، ليتزامن مع الذكرى العاشرة لتحقيق روبرت فرانسيس المتعلق بصندوق ميد ستافوردشاير التابع لهيئة الخدمات الوطنية الصحية وتأثير نقص الممرضات على وفيات المرضى. وحذرت كولين من أنه بدون صفقة ، فإن الممرضين "سيواصلون المغادرة بأرقام قياسية مع عواقب على المرضى وثقها روبرت فرانسيس بتفاصيل مؤلمة".
وكشف التحقيق عن إهمال مئات المرضى في مستشفى ستافورد بين عامي 2005 و 2009 ، مع وجود روايات عن ترك بعض كبار السن دون رعاية وهم غير قادرين على الأكل أو الشرب أو تناول الأدوية الأساسية.
وأعزى فرانسيس والرئيسة التنفيذية لجمعية المرضى ، راشيل باور ، الضغط الحالي على هيئة الخدمات الوطنية الصحية ومستويات الوفيات الزائدة لنقص الموظفين الطبيين.
من المتوقع أيضًا أن يضرب الممرضين في ويلز في فبراير بعد شهر من عدم الإضراب عن العمل. ولا تخطط الكلية الملكية للتمريض لتنظيم إضرابات في أيرلندا الشمالية.