تحفة حسن فتحى المعمارية بالوادى الجديد تعود للحياة من جديد "بعد 55 عاما من توقف العمل بها".. قرية باريس صديقة للبيئة مبنية من الطوب اللبن وبنظام تحكم هندسى فريد فى درجات الحرارة والتهوية.. صور

بعد أن توقف العمل فى مشروع قرية حسن فتحى والتى شيدها المعمارى العالمى حسن فتحى على ربوة عالية شمال واحة باريس وتمتد على مساحة 18 فدانًا، بعد عامين من العمل فيها وذلك عام 1963 وذلك بعد عودته إلى مصر استجابةً لدعوة الرئيس جمال عبدالناصر التى نقلها له، وزير الثقافة المصرى آنذاك، ثروت عكاشة، حيث أراد عبدالناصر منه أن يشرف على تطوير نمط عمارة وطنى خاص بمصر، يتناسب مع تكوين الشعب المصرى، بما يتوافق مع مبادئ "ثورة يوليو" وتمثلت تلك الرؤية فى قرية باريس، التى تصمنت مدرسة و"فيلات"، وسوق تجارى ومسرح ومسجد ومهبط للطائرات، وبعد سنوات من التوقف جرى تحويلها إلى منتدى عالمى وملتقى للفن البيئى وتعد من أبرز المظاهر الجمالية، حيث تبعد عن مدينة الخارجة حوالى 85 كيلومترا، وتضم العديد من الإنشاءات والمبانى التى شيدت على الطراز البيئى بـالطوب اللبن.

وعلى مدار السنوات العشر الماضية نفذت وزارة الثقافة خطة لتحويل قرية حسن فتحى بباريس إلى مدرسة للفنون تضم عددا من مراسم الفن التشكيلى، بالإضافة إلى سوق تجارى كبير على جوانبه عدد من الكافيهات، لتصبح تحفه معماريه فريدة من نوعها، حيث بدأ العمل فى قرية باريس عام 1963، واستخدم فى بنائها "الطَفلة" وهى نوع خاص من الطوب الصحراوى يُصنع فى مناطق الواحات والأودية الصحراوية، ونجح شيخ المعماريين فى تحقيق أقصى درجات التحكم فى الحرارة وخفضها بمقدار كبير يصل إلى 15 درجة مئوية باستخدام أساليب التهوية الطبيعية حيث أن درجات الحرارة فى منطقة باريس تصل إلى 50 درجة مئوية فى فصل الصيف.

ووضع فتحى عوامل المناخ والبيئة فى التصميم، ومنها التحكم بشكلٍ كبير بدرجات الحرارة عبر تحديد اتجاه المنازل وموقعها بالنسبة للشمس وحركة الرياح، بالإضافة لتحديد مواقع الفتحات وارتفاعاتها، مستلهماً أساليب تعود فى قدمها إلى العمارة الفرعونية، وبذلك تمكّن من توفير نظام تكييف طبيعى يوفّر مبالغ كبيرة والتزم فى هذا المشروع بتنفيذ أساليب البناء المستوحاة من العمارة الصعيدية والنوبية، التى تعتمد مادة الطين فى البناء.

وكان فريق الجهاز القومى للتنسيق الحضارى أنهى مؤخراً معاينة قرية "حسن فتحي "بالمحافظة، وذلك لوضع مقترح شامل لتطوير القرية واستغلال المُنشآت المعمارية الموجودة بها، وإعادة تأهيلها كمزار سياحى وثقافى فى ضوء ما تتمتع به من طَابعٍ معمارى فريد، وفقاً بروتوكول التعاون المُزمع توقيعه خلال الفترة المُقبلة بين الجهاز والمحافظة، وذلك فى إطار التعاون المُثمر والجهود المبذولة بين محافظة الوادى الجديد ووزارة الثقافة لإعادة إحياء المناطق الأثرية.

وكان هشام عطوة، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، قد أكد خلال زيارته الأخيرة لمحافظة الوادى الجديد، بداية يناير الماضى، إعداد تقرير مصور لدراسة وضع آليات لإعادة وإحياء مراسم حسن فتحى بباريس مرة أخرى، نحو تحقيق الهدف المرجو ونشر الثقافة والفنون ولتحقيق مبدأ العدالة الثقافية، والتأكيد على ريادة مصر ودعم مسارات التنمية للدولة المصرية، من خلال زيادة وعى وثقافة المجتمع وتوصيل الخدمات الثقافية والفنية لأبناء الوطن فى جميع ربوع المحافظات.

وكان الكشف عن بئر ضخم للمياه يقع على بعد 60 كيلو متر جنوب واحة الخارجة فى عام 1963 تكفى مياهه لرى 1000 فدان هو الدافع لهيئة تعمير الصحارى لإنشاء قرية زراعية فى هذه المنطقة النائية فى قلب مصر تتسع لعدد 250 عائلة يكون اكثر من نصفهم فلاحين والباقى من العاملين بالخدمات، وكانت درجة الحرارة العالية تصل إلى 50 درجة مئوية فى الصيف كانت اكبر التحديات فى ظل الحاجة إلى التخزين البارد للفواكه والخضروات والحبوب القابلة للتلف واستحالة استخدام اجهزة التبريد والتكيف، لكن تم التغلب على ذلك التحدى من خلال وضع المخازن تحت الارض والتصميم المبتكر لملاقف الهواء لزيادة سرعة الهواء مما ادى إلى خفض هائل لدرجة الحرارة، وحاول المعمارى "حسن فتحي" من خلال ذلك المشروع وضع معايير ومواصفات هندسية للمواد ونظم الانشاء لتصبح نظم معتمدة بالدولة بشكل رسمى.