يعيش البريطانيون فى ظل أزمات متلاحقة بكافة القطاعات الصحية والمعيشية والاجتماعية، فبينما تتزايد الأسعار وتشح السلع وموارد الطاقة، ترتفع معها أيضًا معدلات السرقة والإضرابات المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لكثير من الفئات بما يتناسب مع معدلات التضخم التى لا تنتهى وتقف أمامها الحكومة البريطانية عاجزة بدون أى حلول من شأنها حماية المواطنين من آثارها.
علب مؤمنة لحماية مساحيق التنظيف
المتاجر تضع أقفال على اللحوم لحمايها من السرقة
وفى مشهد غريب على محلات السوبر ماركت، وضع أحد المتاجر البريطانية أقفال حماية على ثلاجات لحم الخنزير المقدد والنقانق والأضلاع لمنع السرقة وسط موجة سرقة من المتاجر بسبب أزمة تكلفة المعيشة، وذلك وفقًا لما نشرته صحيفة "ديلى ميل" البريطانية.
ووضع المتجر لافتة على قسم اللحوم المبردة، نصها: "لحماية المخزون والتوافر، تم إغلاق هذا الباب.. من فضلك اطلب المساعدة من أحد أعضاء فريق العمل"، وبينما يضع المتجر وسائل الحماية على بعض المنتجات ذاته القيمة الأعلى، لكنها ليست سياسة عامة.
كما تعمل محلات السوبر ماركت الأخرى على تكثيف الإجراءات الأمنية، حيث وضعت أقفال حماية أيضًا على بعض المنتجات التى تشمل الحليب والجبن والبيض، إضافة إلى منظفات الغسيل ومنتجات حليب الأطفال.
غالبًا ما تُستخدم العلامات الأمنية على العناصر باهظة الثمن أو الخطرة فى محلات السوبر ماركت بما فى ذلك الكحول وشفرات الحلاقة وحتى العطور، ولا يمكن إزالة العلامات إلا من قبل مساعد المبيعات بمجرد أن يدفع الشخص، وإذا أخذ شخص ما عنصرًا تم وضع علامة أمان عليه من المتجر دون أن يدفع، فسيصدر إنذار.
ومن جانبه، قال هارى والوب، صحفى استهلاكى، إن العملاء الآن يجب أن يطلبوا من الموظفين التقاط شرائح اللحم من غرفة التخزين، ولقد رأيت علامات أمان على المنتجات عالية القيمة فى محلات السوبر ماركت، لكن هذا لم يحدث أبدًا من قبل.
أقفال حماية على ثلاجات اللحوم فى بريطانيا
أقفال حماية على علب الجبن فى بريطانيا
أقفال لحماية الألبان من السرقة فى بريطانيا
ارتفاع معدل السرقة من المتاجر البريطانية بنسبة 18%
ويقول تقرير الصحيفة البريطانية إن معدل السرقة من المتاجر ارتفع بنسبة 18% فى العام حتى نهاية يونيو الماضى مقارنة بفترة الأثنى عشر شهرًا السابقة، وفقًا لمكتب الإحصاء الوطنى، كما سجل تضخم أسعار البقالة مستوى قياسيًا بلغ 14.7% الشهر الماضى، مما أضاف 682 جنيهًا إسترلينيًا إضافيًا إلى متوسط فاتورة التسوق السنوية.
وكشف مكتب الإحصاءات الوطنى أيضًا أن الأسر تدفع الآن 90% أكثر للغاز والكهرباء وأنواع الوقود الأخرى، ومن خلال شبكات الإنترنت، عبر الناس عن مخاوفهم من أن هؤلاء الناس الذين يسرقون أشياء مثل منتجات الاستهلاك اليومى يقومون بذلك لأنهم غير قادرين على التعامل مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
أقفال لحماية السلع من السرقة بمتاجر بريطانيا
قائد شرطة بريطانيا يحذر من تردى الأوضاع الاقتصادية: الضباط يلجأون لبنوك الطعام
وفى خطوة إشارة أخرى لتردى الأوضاع فى بريطانيا، أعرب السير مارك رولى قائد أكبر قوة شرطة فى المملكة المتحدة، عن قلقه بشأن لجوء عدد متزايد من الضباط إلى بنوك الطعام فى بريطانيا بعد انخفاض رواتبهم على مدى العقد الماضى، مشيرا إلى أن الأمر يعد إشارة خطيرة إلى الصعوبات التى يواجها الضباط لتغطية نفقاتهم.
وقال السير مارك رولى، مفوض شرطة العاصمة، إنه بينما لا ترغب الشرطة فى الإضراب، فإنهم "محبطون" من الطريقة التى تدهورت بها مستويات معيشتهم فى السنوات الأخيرة.
وفى حوار مع "بى بى سى" راديو، قال راولى: "أنا قلق بشأن الأثر التراكمى للطعن فى الأجر على مدى سنوات عديدة، أعتقد أن ضباط الخطوط الأمامية قد خسروا حوالى 14% من حيث القيمة الحقيقية على مدى عقد من الزمان"، واضاف: "ليس لديهم رغبة فى الإضراب، لكنهم محبطون".
وتابع: "لقد رأيت بيانات عن ضباط الشرطة الذين يستخدمون بنوك الطعام، وهو أمر مثير للقلق حقًا.. هذه القضايا هى مصدر قلق كبير بالنسبة لى.. يقومون بعمل رائع.. لدينا ضباط يسببون لنا مشاكل ونحن نضغط على ذلك، لكن لدى عشرات الآلاف من الرجال والنساء الذين يهتمون حقًا بلندن وهم ملتزمون جدًا بمهمة مساعدة الناس ومواجهة المجرمين الخطرين".
وسلط "راولى" الضوء على رغبته فى تحسين ظروفهم، قائلا: "أحتاج إلى بذل كل ما فى وسعى لإعدادهم لتحقيق النجاح، جزء من ذلك هو شعورهم بأنهم قادرون على تغطية نفقاتهم، وتشير جميع البيانات إلى أن بعضهم يجدون صعوبة فى ذلك".
ضابط شرطة فى متجر بريطانى بعد سرقة منتجاته
علب لحماية ألبان الأطفال من السرقة فى بريطانيا
زيادة عدد الوفيات فى بريطانيا بسبب أزمات هيئة الخدمات الوطنية الصحية
ولم تكن الأوضاع السيئة مرتبطة بشح الطعام والسلع الغذائية فقط، بل يعتبر القطاع الصحى من أكبر القطاعات المتأثرة والذى يشهد دعوات متصاعدة للإضراب الأمر الذى يؤثر بدوره على الخدمة المقدمة للمواطنين البريطانيين، والتى كانت سيئة بالفعل، إلا أنها تزداد سوءًا فى ظل هذه الاضطرابات.
وفى هذا الصدد، قالت صحيفة "إيفنينج ستار" البريطانية، إن أزمات رعاية الطوارئ فى هيئة الخدمات الوطنية الصحية البريطانية دفعت أعداد الوفيات المسجلة فى المملكة المتحدة فى الأسبوع الأخير من عام 2022 إلى زيادة قدرها 20% عن المتوسط وسط زيادة فى حالات الإنفلونزا.
ووفقًا لمكتب الإحصاء الوطنى (ONS)، كانت الوفيات أعلى بنسبة 37% من المتوسط فى المنازل، مقارنة بـ20% فى دور الرعاية، و 15% فى المستشفيات، ومن بين 684 حالة وفاة زائدة عن المعدل فى المنازل الخاصة فى الأسبوع الأخير من عام 2022، كان 26 منها فقط 4% سببه فيروس كورونا، ويشار إلى أن الوفيات الزائدة، هى عدد الوفيات التى تزيد عن متوسط الخمس سنوات للفترة المحددة.
لكن مكتب الإحصاء الوطنى قال إن الوفيات الناجمة عن الإنفلونزا والالتهاب الرئوى "زادت فى الأسابيع الأخيرة" وشكلت 22% من جميع الوفيات المسجلة فى إنجلترا وويلز فى الأسبوع حتى 30 ديسمبر.
وأوضحت الصحيفة أنه تم تسجيل ما مجموعه 650 ألف حالة وفاة فى عام 2022، وهى واحدة من أكبر أعداد الوفيات الزائدة خارج فترة الوباء منذ 50 عامًا، وقد أرجح بعض كبار الأطباء الزيادة فى الوفيات الزائدة إلى الأزمة فى هيئة الخدمات الصحية الوطنية، محذرين من أن التأخير فى الرعاية الطارئة يؤدى إلى وفيات.
وفى وقت سابق من هذا الشهر، زعمت الكلية الملكية لطب الطوارئ (RCEM) أن الأزمة فى رعاية الطوارئ يمكن أن تسبب ما بين 300-500 حالة وفاة فى الأسبوع، فيما قالت هيئة الخدمات الوطنية الصحة فى إنجلترا إنها لا تعترف بهذا الرقم.
نقابات بريطانية: تضاعف عدد الممرضين المشاركين فى إضراب فبراير للضغط على سوناك
وفى ظل تصاعد الأزمات، حذر قادة النقابات البريطانية من أن ضعف عدد الممرضين سيضربون فى أوائل فبراير، فى محاولة لزيادة الضغط على حكومة ريشى سوناك، وفقا لصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، وقالت الكلية الملكية للتمريض، إنه إذا لم يتم إحراز تقدم فى المفاوضات بحلول نهاية يناير، فإن المجموعة التالية من الإضرابات ستشمل جميع الأعضاء المؤهلين فى إنجلترا لأول مرة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يضغط فيه الوزراء من أجل إصدار قوانين جديدة تتطلب مستويات دنيا من الخدمة فى أيام الإضراب - التشريع الذى من المتوقع أن يستغرق نحو ستة أشهر لتمريره من خلال البرلمان.
ووصفت بات كولين، الأمينة العامة والرئيسة التنفيذية لـ"الكلية الملكية للتمريض"، موقف رئيس الوزراء فى مأزق المفاوضات بأنه "محير ومتهور وغير مدروس سياسياً".
قالت: "رئيس الوزراء أعطى طاقم التمريض بعض التفاؤل بأنه بدأ فى التحرك، ولكن بعد سبعة أيام يبدو أنه غير مهتم تمامًا بإيجاد طريقة لحل هذا الوضع، ويدعم الجمهور الممرضين بسبب مقدار ما يقدمه التمريض، وإن عناد ريشى سوناك محير ومتهور وغير مدروس سياسياً"، وأضافت "طاقم التمريض أراد فقط أن يتم تقديره. النقص فى الممرضين يكلف الأرواح."
ومن المقرر أن تتخذ طواقم التمريض داخل أكثر من 50 من صناديق هيئة الخدمات الوطنية الصحية فى إنجلترا إضرابًا يومى الأربعاء والخميس، فيما قالت الكلية الملكية للتمريض إن الإضراب القادم من المحتمل أن يكون فى 6 فبراير، ليتزامن مع الذكرى العاشرة لتحقيق روبرت فرانسيس المتعلق بصندوق ميد ستافوردشاير التابع لهيئة الخدمات الوطنية الصحية وتأثير نقص الممرضات على وفيات المرضى.
أكثر من 100 ألف موظف حكومى بريطانى يدخلون فى إضراب 1 فبراير
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه من المتوقع انضمام أكثر من 100 ألف موظف مدنى فى بريطانيا إلى إضراب يستمر 24 ساعة يوم 1 فبراير فى خطوة تصعيدية من قبل نقابة PCS "اتحاد الخدمات العامة والتجارية"، وهى سادس أكبر نقابة عمالية فى المملكة المتحدة ويعمل معظم أعضائها فى الدوائر الحكومية البريطانية والهيئات العامة الأخرى.
وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، سيتخذ أعضاء النقابة إجراءات عبر 124 دائرة حكومية، وستتم الاضرابات فى يوم العمل الوطنى لـ TUC وهو اتحاد للنقابات العمالية فى إنجلترا وويلز، ويمثل غالبية النقابات، ويضم 48 نقابة، بإجمالى حوالى 5.5 مليون عضو، وستكون أكبر إضراب للخدمة المدنية لسنوات عديدة، وتصعيد شهر من الإضرابات حول الرواتب والمعاشات التقاعدية وشروط تسريح العمال والأمن الوظيفى.
صلاحيات جديدة للشرطة البريطانية لمواجهة التظاهرات المحتملة
وفى المقابل، بدلًا من أن تبحث حكومة ريشى سوناك عن حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تضرب البلاد، قالت صحيفة الجارديان، إنه سيتم منح صلاحيات للشرطة البريطانية لوقف ومنع الاحتجاجات والمظاهرات قبل أن يبدأ أى اضطراب بموجب خطط ريشى سوناك للنظام العام، ومن المقرر أن ينظر فيها البرلمان الأسبوع المقبل.
يهدف تعديل قانون النظام العام، المقرر تقديمه يوم الاثنين المقبل، إعطاء الشرطة مزيدًا من الوضوح حول متى يمكنها التدخل لمنع المتظاهرين من إغلاق الطرق أو السير البطيء، ووفقًا لداونينج ستريت، بموجب التغييرات المقترحة، لن تحتاج الشرطة إلى انتظار حدوث اضطراب ويمكن أن تنهى المظاهرات قبل أن تتصاعد.