أكد خبراء صحة وعلماء أوبئة، فى جلسة انعقدت خلال فعاليات المنتدى الاقتصادى العالمى فى مدينة "دافوس" السويسرية، أن جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19" كشفت التفاوتات العالمية فى توزيع اللقاحات وأهمية التوسع فى إنشاء شبكات إقليمية لتصنيعها بما يضمن العدالة فى مكافحة الأمراض الحالية والمستقبلية.
وذكر المشاركون في الجلسة، التي جاءت تحت عنوان "البحث عن حلول إقليمية لعدم المساواة في توزيع اللقاحات حول العالم" ونُشرت عبر الموقع الرسمي لدافوس قبل ساعات، أن جائحة كوفيد وما تلاها من انتشار عالمي للقاحات كشفت عن جوانب جيدة وسيئة وقبيحة في نفس الوقت لقدرة المجتمع العالمي على التجمع والاستجابة.
وأوضح المشاركون فمن الجوانب الجيدة حقيقة إيصال لقاحات آمنة وفعالة في أقل من عام، مما ساهم في إنقاذ ما يقرب من 15 مليون شخص، أما فيما يخص النواحي السيئة فعلى الرغم من تطوير اللقاحات، كان هناك 6.6 مليون حالة وفاة مؤكدة، اعتبارًا من ديسمبر الماضي ، وما يقدر بنحو 14-28 تريليون دولار من الأضرار الاقتصادية على مستوى العالم.
وأضافوا أن طرح اللقاحات وتوزيعها بشكل غير منصف وحظر تصديرها أحيانًا بشكل غير متناسب على البلدان منخفضة الدخل، خاصة خلال الأيام الأولى للوباء مكَّن البلدان ذات الدخل المرتفع من تحقيق معدلات تطعيم أعلى مرتين من البلدان ذات الدخل المتوسط، ومعدل أعلى بمقدار 20 ضعفًا من البلدان منخفضة الدخل، وكان من أهم أسباب هذا الأمر هو عدم الوصول إلى قدرة تصنيع اللقاحات محليًا حتى ارتبطت معدلات إعطاء اللقاح ارتباطًا واضحًا بالحصول الإقليمي على تطوير اللقاح والقدرة على إنتاجه. وإفريقيا، على سبيل المثال، التي تستورد أكثر من 99% من لقاحاتها، كانت في آخر قائمة الانتظار لتلقي اللقاحات.
وأكد المشاركون ومن بينهم رئيس الأكاديمية الوطنية للطب الدكتور فيكتور دزاو وريتشارد هاتشيت، الرئيس التنفيذي للتحالف من أجل التأهب للأوبئة والابتكار وجون آرني روتنجن، الرئيس التنفيذي لمجلس البحوث النرويجي، أن الافتقار إلى الوصول العادل إلى اللقاحات خلال أزمة صحية عالمية أكد الحاجة إلى الاستقلال الذاتي الاستراتيجي والاعتماد على الذات في النظم البيئية الإقليمية لتصنيع اللقاحات، كمكمل للأنظمة العالمية القائمة.
وتابعوا: أن البلدان حول العالم بحاجة إلى مزيد من التحكم في القرارات الاستراتيجية وتطوير استجابات مناسبة للتأهب للجائحة تستفيد من تقنيات اللقاحات الجديدة؛ بما في ذلك تقنية الحمض النووي الريبي المرسال mRNA.. وبصرف النظر عن عدد قليل من البلدان المختارة (الولايات المتحدة والصين وإندونيسيا والهند).
وأفادوا بأن معظم البلدان، التي تعمل بشكل مستقل، تفتقر إلى الحجم والقدرة الإنتاجية اللازمة للحفاظ على التصنيع في الأوقات غير الوبائية وزيادة التصنيع بشكل فعال أثناء الأوبئة، وفي الوقت نفسه تفتقر الأنظمة العالمية إلى النفوذ السياسي لاتخاذ قرارات سريعة وسلطة تخصيص اللقاحات بشكل عادل، وقد تجلى ذلك من خلال الدرجة التي دفعت بها المصلحة الذاتية الوطنية عملية صنع القرار وقوضت التضامن العالمي خلال فترات الاستجابة لكوفيد-19.
ومع ذلك أشار هؤلاء إلى أن هناك مناطق حول العالم عملت بنجاح في هذا الملف..وقالوا: إن الاتحاد الأوروبي، بصفته تحالفًا من الدول التي لديها القدرة على إنتاج اللقاحات وهيئة تنظيمية مشتركة، كان قادرًا على تأمين إمدادات اللقاح والاستجابة بفعالية لـ كوفيد-19.
وهناك جهود أخرى جارية لإنشاء وتعزيز شراكاته مع العالم في المجال الطبي، بما في ذلك إنشاء مركز عالمي لتصنيع mRNA التابع لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الصحة للبلدان الأمريكية والاتحاد الأفريقي؛ حيث وضع الأخير، على سبيل المثال، خطة شاملة لزيادة نسبة اللقاحات المنتجة في إفريقيا والمستخدمة في المنطقة من حوالي 1% إلى 60% بحلول عام 2040.
ولتحديد الاحتياجات المشتركة والممارسات الرائدة التي تسهل إنشاء جهود التصنيع الإقليمية، أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي العنان لتعزيز روح التعاون الإقليمي لتصنيع اللقاحات (RVMC) في اجتماعه السنوي في دافوس في مايو الماضي، وذلك بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية الأمريكية ومؤسسة بيل وميليندا جيتس وغيرها من الهيئات الدولية البارزة كصندوق النقد الدولي والمعهد الدولي للقاحات، حسب ما جاء في الجلسة.