تمر اليوم ذكرى استرداد المسلمين بقيادة الظاهر بيبرس، مدينة يافا من الصليبيين بعد حروب عنيفة ضد الصليبيين والمغول في مدن فلسطين القديمة، حيث قرر بيبرس أن يعاقب الصليبيين الذين ساعدوا المغول في معركة عين جالوت، فأعدَّ جيشًا قويًا، وأسطولًا ضخمًا، وأعاد تحصين القلاع والحصون، وأفسد الطرق والوديان المؤدِّية إلى الشام؛ حتى لا يجد المغول أثناء زحفهم ما يحتاجون إليه من قوت أو علف.
وتمركز هذا الجيش في حلب لشن الغارات على أنطاكية، وتجددت الغارات في السنة التالية، وتعرض ميناء السودية للتهديد، وكذلك تعرضت مدينة أنطاكية نفسها للحصار وكادت تسقط لولا النجدة المغولية الأرمينية التي قادها الملك هيتوم، فاضطر المماليك لفك الحصار عنها، بالمقابل خاف الصليبيون من قوة المماليك المتنامية فمالوا للصلح آملين في استعادة أسراهم.
وبحسب "الموسوعة التاريخية.. الدرر السنية": "لما كان يوم العشرين من جمادى الآخر ساق السلطان من العوجاء إلى يافا، وحاصرها حتى ملكها من يومه، وأخذ قلعتها وأخرج من كان فيها، وهدمها كلها وجمع أخشابها ورخامها وحمله في البحر إلى القاهرة، وأمر السلطان ببناء الجوامع بتلك البلاد، وأزال منها ومن قرية المنكرات، ورتب الخفراء على السواحل وألزمهم بدركها، ورسم أن المال المتحصل من هذه البلاد لا يخلط بغيره، وجعله لمأكله ومشربه، وأنزل التركمان بالبلاد الساحلية لحمايتها، وقرر عليهم خيلا وعدة، فتجدد له عسكر بغير كلفة، وفيه رسم بتجديد عمارة الخليل عليه السلام، ورسم أن يكون عمل الخوان الذي يمد ناصية عن مسجد الخليل، وجهز السلطان عسكرا إلى الشقيف، ثم سار إليها بنفسه فنزل عليها في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رجب، وقدم الفقهاء للجهاد، ونصب السلطان عليها ستة وعشرين منجنيقا، وألح عليها حتى أخذها يوم الأحد رجب، وأخرج منها نساء الفرنج وأولادهم إلى صور، وقيد الرجال كلهم وسلمهم للعساكر، وهدم السلطان قلعة استجدها الفرنج هناك، واستناب على القلعة الأخرى الأمير صارم الدين قايماز الكافري، ورتب بها الأجناد والرجالة، وقرر فيها قاضيا وخطيبا، وفي عاشره: رحل السلطان من الثقيف إلى قرب بانياس، وبعث الأثقال إلى دمشق وجهز الأمير عز الدين أوغان بجماعة لجهة، وجهز الأمير بدر الدين الأيدمري في جماعة إلى جهة أخرى، فحفظت العساكر الطرقات، ثم سار السلطان إلى،طرابلس وخيم عليها في النصف منه، وناوش أهلها القتال وأخذ برجا كان هناك، وضرب أعناق من كان من الفرنج، وأغارت العساكر على من في تلك الجبال، وغنموا شيئا كثيرا وأخذوا عدة مغاير بالسيف، وأحضروا المغانم والأسرى إلى السلطان فضرب أعناق الأسرى، وقطع الأشجار وهدم الكنائس، وقسم الغنائم في العسكر، ودخل السلطان عن طرابلس في رابع عشريه، فتلقاه صاحب صافيتا وأنطرسوس بالخدمة، وأحضر ثلاثمائة أسير كانوا عنده، فشكره السلطان ولم يتعرض لبلاده، ونزل السلطان على حمص، وأمر بإبطال الخمر والمنكرات، ثم دخل إلى حماة ولا يعرف أحد أي جهة يقصد، فرتب العسكر ثلاث فرق: فرقة صحبة الأمير بدر الدين الخازندار، وفرقة مع الأمير عز الدين إيغان، وفرقة مع السلطان، فتوجه الخازندار إلى السويدية، وتوجه إيغان إلى درب بساك، فقتلوا وأسروا، ونزل السلطان أفامية، ووافاه الجميع على أنطاكية".