تمر اليوم ذكرى وفاة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، إذ رحل في 19 يناير عام 1302، وهو أبو العباس أحمد بن حسن بن أبي بكر تولي الخلافة بعد المستنصر بالله الثاني حيث أرسل الملك الظاهر بيبرس في طلبه بعد المعركة التي قتل فيها المستنصر بالله الثاني علي يد التتار و(كان قد نجا من المعركة مع حوالي 50 رجل) وقد وصل إلى القاهرة في مارس 1262م واحتفل بيبرس بقدومه وأنزله البرج الكبير بقلعة الجبل.
وتناول عدد من الروائيون والمثقفون الكبار شخصية "الحاكم بأمر الله" وتناولوا بعض الأمور التي نسبت إليه مثل سفكه الدماء وجنونه ومنعه بعض الأكلات المعروفة كالملوخية، ومن هؤلاء:
على أحمد باكثير
نشر الكاتب الكبير على أحمد باكثير فى سنة 1947 مسرحية "سر الحاكم بأمر الله" والتى سرعان ما اقتنصها الفنان الكبير يوسف وهبى المغرم بتقديم الشخصيات التراجيدية وقدمها على خشبة المسرح، ليست مرة واحدة بل 3 مرات فى فترات عمرية مختلفة.
وتصور المسرحية شذوذه وغرائب أفعاله، والحادثة الهامة فيها أو (العقدة) هى ادعاء الحاكم بأمر الله الألوهية، وقد تخيل المؤلف - لكشف سر هذا الادعاء - أن (المجمع الفارسي) بعث جماعة على رأسهم رجل اسمه حمزة الزوزني، للعمل على هدم الدين الإسلامى فى مصر، فراقب حمزة الحاكم حتى ألم بأحواله وعرف أنه يروض نفسه على الحرمان من طيبات العيش والتخلص من الرحمة وسائر العواطف الإنسانية التى يسميها ضعفا بشريا، فيتصل به ويوهمه أنه إله ويستعين على ذلك بتلفيق كتاب يدعى حمزة أنه مخطوط قديم ورثه عن آبائه، وينبئ الكتاب بظهور ملك فى مصر يحل فيه روح الله، وتنطبق أوصافه على الحاكم بأمر الله، فيضطرب الحاكم أولا ثم يقتنع بأنه إله، ويتخذ حمزة رسولا له.
السيد حافظ
نشر الكاتب المسرح الكبير مسرحية بعنوان "حلاوة زمان أو عاشق القاهرة الحاكم بأمر الله، وتتسيج أحداث مسرحية " ووقائعها بسياج زمني محدد، ويحتضنها مكان محدد، وشخصياتها أغلبها واقعية كما توحي بذلك أسماءها ووظائفها، وأغلبها أيضا قد أسهبت الكتب التاريخية في وصفها والتعريف بسيرها. الشيء الذي يجعل أي تأويل للمسرحية لمحاولة إسقاطها على الحاضر نوعا من المجازفة التي لن تتحقق دون لي عنق الزجاجة كما يقال.
تبدأ المسرحية بظهور مجموعة من المؤرخين العرب القدماء، الذين شرعوا في مستهل المسرحية بتقديم نبذة حول حيثيات تأسيس مدينة القاهرة، والإشارة بشكل موجز إلى الخليفتين" المعز لدين الله" و" العزيز بالله" جد وأب، " الحاكم بأمر الله" ، وذلك باعتماد تقنية الحكي التي يقوم بها المؤرخان المشهوران ابن سعيد الأندلسي والناصري، واعتماد تقنية " المسرح داخل المسرح" . فعندما يعمد هذان المؤرخان إلى ذكر بعض خصال وأفعال أحد الخلفاء الفاطميين الذين قد مر على وفاتهم فترة زمنية غير يسيرة،على زمن الحكي، كثيرا ما يتوقف الحكي ويقوم أولئك الخلفاء المحكي عنهم بتقديم أنفسهم من خلال بعض الممثلين، وبوصول ابن سعيد والناصري إلى عهد الخليفة " الحاكم بأمر الله" والذي يشكل موضوع المسرحية، يتركان العنان لشخصياتهم المتعددة لتقديم عهد الخليفة" الحاكم بأمر الله" بمختلف تناقضاته وصراعاته.