تشير كلمة الحرملك إلى بيت الحريم وهى كلمة تركية تعنى باللغة العربية الجناح الخاص بالنساء، أما لفظ حريم فهو لفظ مشتق من الحرم، وحرم الرجل هو ما يقاتل ويدافع عنه، وقد حملت هذه الكلمة دلالات عدة على مر التاريخ العثمانى إذ أنها فى الأساس ظهرت لدى العثمانيين.
والكلمة ذائعة الصيت جدا فى المسلسلات التاريخية وتستخدم أحيانا بشكل رمزى يشير إلى عدد كبير من النسوة يحتجبن خلاف حجاب غير أنهن جميعا جاهزات للسلطان طوال الوقت.
كيف كان الحرملك؟
يصف توماس دلم الذى انتدب من الملكة إليزابيث لتقديم هدية إلى السلطان محمد الثالث الذى عاش فى القرن السادس عشر؛ وفقا لكتاب برنارد لويس إسطنبول وحضارة الخلافة الإسلامية:
"وبعد أن أراني يقصد مرافقه الرسمي داخل القصر أشياء كثيرة أعجبت بها، أشار إليّ - بعد عبور صحن صغير مبلط بالرخام- بالذهاب إلى نافذة في الجدار، ولكن لمح لي بإشارته أنه لا يستطيع الذهاب داخله بنفسه، وعندما جئت هناك، وجدت الجدار سميكًا جدًا وكان فيه نافذة من الحديد قوية جدًا من الجهتين ورأيت من خلال تلك النافذة ثلاثين جارية من جوارى السيد العظيم أي السلطان اللائي كن يلعبن بالكرة في صحن آخر.
وفكّرت عند نظرتي الأولى أنهن كن شبانًا، ولكن عندما رأيت شعورهن المعلقة على ظهورهن وفيها عقود من اللؤلؤ الصغير، وعلامات أخرى واضحة عرفت أنهن كن نساءً وجدّ جميلات حقًا.
ولم يكن يلبسن على رؤوسهن غير كوفية من قماش الذهب، والتي كانت لا تغطي إلا الجزء الأعلى من الرأس، ولم يكن حول عنقهن أي ربطة أو أي شيء آخر غير عقد من اللؤلؤ جميل، وماسة معلقة على صدر كل واحدة، وماسات في آذانهن وكانت قمصانهن شبيهة بجاكيتات الجنود، بعضها من الساتان الأحمر وبعضها من الأزرق وبعضها من ألوان أخرى وكانت مربوطة بمناطق شبيهة بدنتله، وكن يلبسن سراويل من القماطي وقماش ممتاز القطن، أبيض كالثلج ورقيق كالماء لأنني استطعت أن أرى سيقانهن من خلالها.
وبقيت واقفًا أنظر إليهن لمدة طويلة، بحيث أن الشخص الذي كان يعاملني بكل هذا اللطف بدأ يغضب علي غضبًا شديدًا إذ قطب جبينه، وضرب برجله على الأرض لكي أترك النظر إليهن، الأمر الذي كرهته أنا، لأن هذا المشهد قد أبهجني، إلى حد كبير".
ووفقا لياغى إسماعيل أحمد في كتابه الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي فطوال نحو 130 عاماً، بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، مارس أعضاء جناح الحريم التابع لقصر الحاكم العثماني أدواراً أثرت في مسار الدولة، وجاء ذلك على نحو خاص إما من أمهات السلاطين أو زوجاتهم. وشهد القرن السادس عشر بما يتزامن مع آخر سنوات السلطان سليمان القانوني بروز سطوة «الحريم» وانسحاب السلطان من جلسات الديوان وهنا نتعرف على أشهر زوجات الملوك اللاتي تحكمن في مقاليد الأمور.
السطانة كوسم
في كتابه الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث، استعرض الكاتب إسماعيل أحمد ياغي تاريخ السلطانة "كوسم مهبيكر" أشهر النساء في التاريخ العثماني، والتي جاءت للقصر جارية للسلطان العثماني أحمد خان الأول، فوقع في حبها وتزوجها، وتمكنت من الوصول إلى الحكم عام 1603 حتى عام 1617 من الميلاد.
أنجبت السلطانة "كوسم" العديد من الأبناء، مثل مراد الرابع الذي تولى حكم السلطنة منذ 1623 إلى 1640 ميلادية، وإبراهيم الثاني الذي تولى الحكم 1640 إلى 1648 ميلادية، وبالتبعية تولت منصب "السلطانة الأم".
وصلت كوسم إلى نيابة السلطنة العثمانية بعد وصول حفيدها السلطان محمد خان الرابع إلى عرش السلطنة العثمانية، وكان يبلغ حينها ست سنوات، بعد عزل وقتل والده، ويشار إلى أن "كوسم" قدمت مجموعة كبيرة من الأعمال الخيرية التي لم تقم أي سلطانة أخرى بتقديمها.
السلطانة هورم
بحسب كتاب السلطان العاشق، تناول منصور عبد الحكيم قصة الحب الأسطورية التي نشأت بين السلطان سليمان القانوني والجارية ألكسندرا روكسلانا، التي اختلف على أصلها بين يونانية أو إيطالية، وإن استقر الرأي على كونها أوكرانية، ولدت لأب يعمل قسا أرثوذكسيا، ووقع السلطان في حبها من أول نظرة وتزوجها.
كان العرف السائد قبل سليمان القانوني، وتمسك به السلاطين العثمانيون، أنهم لا يتزوجون من الجواري، لكن القانوني كسر كل التقاليد وتزوج من ألكسندرا؛ مما أثار غضب أمه السلطانة "عائشة حفصة".
أطلق عليها السلطان "هورم" وتعني الباسمة، ومنحها صلاحيات واسعة لإدارة شؤون الحرملك، فأدخلت عليه إصلاحات كبيرة.
ويقال إنها السبب في إعدام الأمير مصطفى وريث العرش وابن السلطان من زوجته الأولى "مهد فران"، لتزيحه من طريق ابنها سليم، الذي تولى العرش، كما قيل إنها السبب الرئيسي في تخلص السلطان من الصدر الأعظم إبراهيم باشا، وإن كان البعض يرى أن أطماعه كانت السبب المباشر للحكم بإعدامه.
ويقول الكتاب إنها وأبناءها كانوا محط بغض الجيش والبلاط، وأطلقوا عليها لقب "الساحرة"، حيث كانت تزور الدجالين والسحرة، كما جرت العادة في عصرها، فقالوا بسحرها للسلطان، حيث كانت طلباتها مجابة دون قيد أو شرط.
قدمت العديد من الأوقاف الخيرية، وأنشأت المساجد والمدارس القرآنية، وبنت حماما لخدمة المصلين في آية صوفيا.
نور بانو
السلطانة نوربانو زوجة السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوني كانت أكبر مثال على مصطلح سلطنة الحريم بسبب ضعف شخصية زوجها سليم والتهائه بالسكر وهي أيضا أول جارية تصبح السلطانة الأم وتحكمت أيضا بولدها السلطان مراد لأنه هو الآخر كان ضعيف الشخصية ويركض وراء شهواته.
السلطانة حفصة
وتعد السلطانة حفصة والدة القانوني واحدة من النساء العثمانيات اللائي شاركن أبناءهن في إدارة أمور "الدولة العلية"، وكانت أول من حمل لقب السلطانة الوالدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة