صدر حديثًا، كتاب جديد تحت عنوان "حادث 4 فبراير.. قراءة جديدة للتاريخ"، للدكتور خالد قنديل، عضو مجلس الشيوخ، يتناول فيه فترة زمنية من تاريخ مصر والتغيرات التي طرأت على الإمبراطورية الإنجليزية والقوات الألمانية وقتها مرورا بما جرى من أحداث في مصر، خصوصا حادث 4 فيراير 1942 وحقيقة موقف النحاس باشا من تشكيل الحكومة، وكيف يتم استخدام هذا الحادث في تسويق معلومات غير حقيقية لتشويه القيادات التاريخية للوفد.
ويقع الكتاب في 231 صفحة ويضم ملحقا وثائقيا بالصور حول هذه الحقبة التاريخية المهمة وعبر فصول الكتاب الستة يصول ويجول الكاتب بأسلوب عذب متنقلا بين الأحداث ويربط بالوثائق بين تسلسلها في مصر ليقدم حقيقة ماجرى في 4 فبراير في تناول جديد للتاريخ.
وكتب الدكتور خالد قنديل في مقدمة الكتاب: ينظر كثيرا من المؤرخين إلى عام 1942 باعتباره واحدًا من السنوات الفارقة في التاريخ الحديث، تلك التي لعبت دورا كبيرا في تغيير قواعد اللعبة السياسية والإستراتيجية، ليس في مصر فحسب، وإنما في العديد من دول العالم، وبخاصة تاريخ بريطانيا الحديث، تلك الإمبراطورية التي كانت قبل تلك الفترة بسنوات قليلة تسمى "الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس"، قبل أن تتحول إلى مجرد دولة أوروبية محاصرة، بعدما احتلت ألمانيا مساحات شاسعة من أوروبا، بدءا من البلدان المطلة على جبال الأورال وليس انتهاء بالبلدان المطلة على جبال البرانس، وهو الأمر الذي كان له دور خطير في تقليص نفوذ وقوة بريطانيا، لتتحول بالفعل إلى دولة محاصرة، بعدما كانت أساطيلها تحكم البحار، لتجد نفسها بين عشية وضحاها تحت حصار الغواصات الألمانية في العديد من بحار العالم، وفي نفس الوقت تحت ضغط القوات الألمانية في العديد من البلدان التي قامت باحتلالها ومن بينها مصر، التي كانت تتبع أخبار تقدم تلك القوات، وترى فيها الأمل في التخلص من هذا الاحتلال البغيض.
كتاب حادث 4 فبراير
وعند اقتراب القوات الألمانية من الحدود المصرية القوات الإنجليزية كانت تترقب تقدم هذه القوات في حالة من الذعر، لم تكن تخفى على أحد للدرجة التي دفعت بعض قياداتها في مصر إلى اعتماد خطة يائسة لوقف تقدم هذه القوات، إذا ما اقتربت من القاهرة، تستند على فتح القناطر والسدود لإغراق الدلتا لمنع تقدم القوات الألمانية أو وصولها إلى قواعدها في منطقة قناة السويس.
وعلى الرغم من إعلان مصر سنة 1939 قطع علاقتها مع ألمانيا، إلا أن بريطانيا كانت ترى أن هذا الموقف وحده ليس كافيًا، حتى تأمن لموقف مصر، الذي كان الشعور الشعبي بها قد بلغ ذروته ضد الإنجليز، ولم يكن موقف الملك فاروق بعيدًا عن الشعور الوطني، وهو ما تأكدت منه المخابرات البريطانية بالفعل.
وأشار الكاتب في المقدمة إلى أن حزب الوفد بقيادة زعيمه التاريخي مصطفى النحاس كان يعرف بحسه الوطني والسياسي أن الشعب المصري يعارض الحرب الى جانب بريطانيا في وقت رأت فيه قوى أخرى بعضها انشق عن الوفد مثل الكتلة السعدية بقيادة أحمد ماهر والأحرار الدستوريين بقيادة محمد حسين هيكل أن دخول مصر للحرب إلى جانب بريطانيا من شأنه يدعم الجيش المصري بالسلاح وموقف مصر السياسي المطالب بالاستقلال بعد انتهاء الحرب.
وكانت مخاوف بريطانيا قد بلغت مداها عند خروج طلبة جامعة القاهرة يهتفون "تقدم يا رومل"، في اعتقاد منهم بأنه سيخلصهم من الجيش البريطاني، وضعت مظاهرات الطلبة الملك فاروق في حرج بالغ، فطلب من رئيس وزرائه أن يسيطر على تلك المظاهرات ولم يكن أمامه حل سوى التقدم باستقالته.
ويضيف الكاتب في أنه على مدار أكثر من ثمانية عقود وكثير من خصوم الوفد التاريخيين يستخدمون ماجرى في حادث 4 فبراير 1942 للطعن في حزب الوفد وقياداته التاريخية الى حد تشويه سمعة الوفد الوطنية وتصويره في كثير من الكتابات غير المحايدة أو التي تفتقر للحكمة في صورة المتحالف مع الإنجليز والمتهاون في استقلال البلاد ولذا كما يقول الكاتب فإن الكتاب يقدم قراءة مدققة لما جرى في تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر في محاولة للبحث عن حقيقة ما جرى حيث كشف الكاتب حقيقة ماجرى والسبب الحقيقي الذي دفع النحاس باشا لرفض تشكيل الوزارة بعد تدخل السفير البريطاني وتوجهه وعدد من الضباط البريطانيين المسلحين بالمسدسات إلى غرفة الملك للاجتماع به وكان في يد السفير ورقة بالتنازل عن العرش ودعوة النحاس باشا بتشكيل وزارة إلا أن النحاس باشا اعتذر وطلب إعفاءه من المهمة لكن الملك أصر وعندئذ قال أحمد ماهر: "يا نحاس باشا سوف تؤلف الوزارة على أسنة الحراب البريطانية "فكان رد النحاس قاطعا حاسمما وقال: "لست أنا الذي يستند إلى أسنة الرماح وأنا أؤلف الوزارة بأمر الملك".