أصدرت دار الإفتاء المصرية كتاب "دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة" بالتعاون مع وزارة العدل، وغطَّى كافَّة الموضوعات التي تهمُّ الأسرة المصرية.
وتعتزم دار الإفتاء توزيع الدليل على المأذونين الشرعيين على مستوى الجمهورية لإهدائه إلى الأزواج عند عَقْدِ القران، كما تعتزم تحويل محتوى الدليل إلى برامج تدريبية وتأهيلية للمُقبلين على الزواج، بالإضافة إلى إطلاقها حملات إعلامية لنشر أهداف الدليل، فضلًا عن نشر محتوى الكتاب على هيئة "بوستات" عبر منشورات على منصَّات التواصل الاجتماعي.
وفى صدر الكتاب قدمت نصائح وإرشادات في العلاقة بين الزوجين، حيث راعـت الشريـعة الإسلاميـة، نظام العلاقة بين الرجل والمرأة وفــق الاستـعداد الفطـري والتكويـن الجسـدي لكل منـهما، وذلـك لإعمـار الأرض وتحقيـق معنى السكن والمودة والرحمة، مـع غرس روح التـعاون والمشـاركة لصالح الطرفيـن ولصالح المجتـمع كله، فتتسق بذلك دواعي الطبع مع دواعي الشرع، وذلك على النحو الآتى:
1. من حق الزوجة على زوجها ألا يطيل فترة غيابه عنها
وذلك حفاظًا على حقها في العلاقة، فالزواج قائم على السكن والمودة. وغياب الزوج عن زوجته يضر بحقها في السكن والمعاشرة، قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ﴾ [النساء: 19]، وحق العشرة واجب على الزوج لزوجته وعلى الزوجة لزوجها، ومن العشرة بالمعروف أن لا يغيب الإنسان عن زوجته مدة طويلة حتى يضرَّ بها؛ إلا إذا رضيت بذلك فإن الحق لها، ولا يلحق الزوج إثم حينئذ، لكن بشرط أن يكون قد تركها في مكان آمن لا خوف عليها فيه.
2. من السُّنة المسارعة إلى الاغتسال من الجنابة بعد الجماع
الأفضل أن تبادرا بالاغتسال بعد العلاقة الزوجية، واعلما أنه لا إثم في النوم على جنابة بشرط عدم تفويت فريضة، وقد جاء في الحديث عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ أَفَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي».
3. احرصا على وجود جوٍّ من المرح والسمر فى حياتكما
ينبغى أن يحرص الزوجان على وجود جوٍّ من المرح من خلال تبادل النكات اللطيفة، أو الحكايات المضحكة، أو القصص الطريفة، أو المواقف المحبوبة، وغيرها، للخروج من الضغوط النفسية والحياتية داخل البيت وخارجه لأنه يشرح الصدر ويدفع الملل.
واعلم أن هذا لا ينقص من قدر الرجل، فرغم قيام النبي صلى الله عليه وسلم بمهمات كبيرة وعظيمة إلا أنه كان يحرص كل الحرص على هذا المعنى، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ» قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ. وَخَرَجْتُ مَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ آخَرَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَقَالَ: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ» قَالَتْ: فَسَبَقَنِي، فَضَرَبَ بَيْنَ كَتِفَيَّ وَقَالَ: «هَذِهِ بِتِلْكَ». فاحرصا على تخصيص بعض الأوقات للتنزه والفسحة مع تناوُل الطعام في الخارج، فإن ذلك يساعد على دوام الحب بينكما.
4. احرصا على تناول الطعام معًا ولو مرة في اليوم، فهو مما يحافظ على قوة العلاقة بينكما رغم بساطته
ولا مانع من اتفاق الزوجين على العودة مبكرًا إن تيسر ذلك لكي يشعر كل منهما بالتقدير، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الرجلَ مأجورٌ بوضع اللقمة في فم امرأته، في حديث: «إِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ عَلَى أَهْلِكَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّكَ تُؤْجَرُ فِيهَا، حَتَّى اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ».
5. من الخطأ الكبير أن تستغرقا الوقت كله فى العمل وذلك على حساب استقرار الأسرة
تماسك الأسرة أسمى وأغلى ألف مرة من الحرص على العمل أو التكسب، ويجب أن يكون البيت أهم ما لدينا، فاشتغال الرجل بالعمل على حساب البيت وحق الزوجة أمر لا ينبغي، ومثله انشغال المرأة بالعمل على حساب حق زوجها وأولادها، فلتحذرا من الاستغراق في همومكما وأعمالكما الخاصة فيترتب عليه إهمال الآخر مما يؤثر على العلاقة بينكما، ويشعر بعدم التقدير والاحترام، ولا شك أن الحرص على العمل ومطالب الحياة أمر مهم، لكن ينبغي ألا يتجاوز حده في بيوتنا، ليظل الود والوئام بين أفراد الأسرة.
6. على كل من الزوجين تقديم الدعم النفسى للآخر
الدعم النفسي مهم لأن وجود الاتزان النفسي والاجتماعي في الأسرة يساعد الزوجين على تجديد ذاتهما وتطوير ملكاتهما، ومن ثَمَّ تكون لديهما القدرة على تحمل صعوبات الحياة وتحمل أعباء البيت وتربية الأطفال، وانظرا إلى موقف سيدتنا خديجة مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عاد إليها وفؤاده يرتجف مما رأى من الوحي في بداية البعثة، فقالت مطَمْئنةً له: “كلا والله! لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتَقْرِي الضيفَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتُكْسِبُ المعدومَ، وتُعين على نوائب الحق”.
فليحرص كلٌّ منكما على سؤال الآخر عما يحبه ويدخل السرور عليه، وليحرص كل منكما على الاهتمام بما يحبه الآخر ويألفه.
7. ينبغى أن يراعي كل منكما طبيعة الآخر فلكل منكما طبيعته الخاصة
بحيث يصبر الرجل إذا ما وجد في زوجته عيبًا أو تقصيرًا، ويدعمها ويساندها لتغييره، وكذا على المرأة أن تتحمل عيب زوجها أو تقصيره وتساعده على أداء واجباته، ويراعي كل من الزوجين حدة المزاج أو الغضب أو العناد ويعمل جاهدًا على أن يتفهم هذا ويحسن التعامل معه، ويكون ذلك بتقديم مصلحة حبيبه على مصلحته، ويلحظ وقت فرحه وحزنه، وانشراحه وهمه، ونومه وسهره، وأن يشاركه أحواله وأن يخفف عنه قدر الوُسع.
وفي الحديث: قَالَت السيدة عائشة رضي الله عنها: لما كَانَ لَيْلَة من اللَّيَالِي قَالَ: «يَا عَائِشَة ذَرِينِي أَتَعبد اللَّيْلَة لرَبي»، قلت: وَالله إِنِّي أحب قربك وَأحب مَا يَسُرك. فانظر إيثارها رضي الله عنها ما يحبه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه من تعبده لربه على ما تحب هي من قربه صلى الله عليه وسلم منها.
8. كن لطيفًا فى ردود أفعالك
ليكن كلٌّ منكما معتدلًا في تعامله مع زوجه، فلا يظلمه ساعة الغضب، ولا يعينه على الظلم ساعة الرضا، فعن الحسن رضي الله عنه وقد أتاه رجل، فقال: إن لي بنتا أحبها وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: "زوجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها". فلا يغلبن أحدكما طبعه فيظلم الآخر.
9. الحب عطاءٌ فأشعِر من تحب بمحبتك له قولًا وعملًا
احرصا على التعبير عن مشاعر كل منكما تجاه الآخر بالأفعال الطيبة، والألفاظ اللطيفة كقول: “إني أحبك، وأنت روحي، وقلبي، وعقلي، وعمري”، وهكذا، وعبِّر عنه كذلك بفعلك، فعندما يكون الجو باردًا امنحها الدفء، وافتح لها الباب أيضًا أثناء دخولها أو خروجها، فهذه الأفعال تظهر المودة والاحترام تجاه بعضكما.
10. لا تفوّت فرصة تستميل بها زوجك أو زوجتك نحوك
الحرص على إظهار الود في المناسبات الدينية والاجتماعية من أفضل الفرص لتعميق الروابط الأسرية، فلا تهمل التهنئة بيوم ميلاد، أو يوم زواج، أو يوم نجاح، ونحو ذلك، وفي الحديث قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ»، والأهل هم أولى الناس بهذا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة