كثير من الأثرياء يصبهم، بعض الأمراض التي تتعلق بثرائهم، فمنهم من يشعر أنه قادر على شراء الناس من حوله ومنهم من يصيبه السخط الدائم ويتحولون لأشخاص متعجرفة لا يرضيهم شيء، رغم محاولات من حولهم الحثيثة لإرضائهم سواء بالإتقان في العمل أو التفاني فيه لحد قد يصل للتماهى، منتظرين من هؤلاء الأثرياء فقط كلمة شكرًا، أو ربما تقديرًا معنويًا يزيح تعب المجهود المبذول في محاولة إرضاء تلك الطبقة التي ربما إن رضيت لا يخلو ذلك الرضا من تأفف أو نقد، ما يضيع مجهود من حولهم في إرضائهم هباء.
the menu
تلك العجرفة لدى الأثرياء عندما تتقابل مع الكبرياء لدى الأطراف الأخرى، ربما لا تمر مرور الكرام، وهو ما دار حوله " the menu" ذلك الفيلم الذي تضافرت فيها الكثير من عناصر النجاح بداية من فكرته البراقة التي تناقش ذلك السخط الذي يتفشى بين كثير من الأثرياء تجاه من يخدموهم، لا شيء سوى لأنهم أثرياء ويرون أنه يحق لهم التعجرف والمزيد من التعجرف والتأفف طالما يدفعون مقابل هذه الخدمات، ضاربين بعرض الحائط تفاني مقدمي تلك الخدمات وتقديرهم لذاتهم وحساسيتهم ضد النقد خاصة إن كان يندرج تحت بند الفذلكة، في الوقت الذي لا يخلو هؤلاء الأثرياء من الفساد والعيوب التي تستحق النقد فعلاً وربما اللاذع منه.
القصة صادمة وتصل لحد الكوميديا السوداء في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تصل لحد الرعب، ذلك الشيف المتحرف سوليك ويجسده رالف فاينس، الذي وصل إلى قمة الاحتراف في مجال يصعب فيه إرضاء العملاء الأثرياء، ونقاد الطعام، يصل به الأمر للتمرد الكامل، مع احتفاظه باحترافيه في تقديم الطعام وصنعه بعدما قرر أن ينهى حياة هؤلاء المتذمرين ممن لا يرضيهم أو يدهشهم ابتكاراه، ليقرر في التخلص من هذه الضغوط التي أصبح غير قادر على تحمله ويقوم بالتطهر من نزواته وعملاءه من مرضى النفوس والفاسدين أيضا كل منهم بعلى طريقته.
the menu
ليلة صعبة يعيشها عملاء سوليك من زبائن المطعم الشهير الذي يقع على جزيرة تحت سيطرة سوليك بمن يعملون بها فالجميع يخضع لسيطرته وطلباته التي تصل إلى حد قتل النفس، ربما لا تظهر أسباب تلك الاستكانة والانصياع لأوامره ولكنهم فيما يبدو يعانون من عدم الرضا هم أيضا.
the menu
حافظ المخرج مارك ميلود على إيقاع العمل وزمنه، فلا يمكن أن تشعر بالملل ولو لدقيقة تصاعد الأحداث إلى الذروة يأتي تباعا تتكشف الأحداث بالتزامن مع كل طبق يقدم لنكتشف أن من بين هؤلاء الزبائن فاحشي الثراء فتاة تدعى مارجو وتجسدها أنيا تايلور، والتي جاءت لمصير لم يكتب لها من البداية فهي ليست واحدة من هؤلاء الأثرياء وإنما تحل محل رفيقة تايلر يجسده نيكولاس هولت، ذلك المهوس بالطبخ وبالشيف سوليك أيضا، لتكون مارجو هي المسمار الذي يقف في حلق سوليك، الفيلم يحمل بعد فلسفي خاصة فيما يتعلق بالإيمان في الرضا بالشئ البسيط أو ببعد أخر عندما ينصب سوليك نفسه وكأنه إله حين يقرر تخليص العالم من شرور هؤلاء الأثرياء بعدما حولهم إلى طبق شهي.